تحقيقات - ملفات

انهيار النظم الاجتماعية والاقتصادية والحكومة بخير


ترددت كثيرا قبل ان اكتب هذه الكلمات، هل اكتبها بالعامية الدارجة واحشوها شتائم، ام ازجها بلسان عربي مبين وأنزهها عن السفاف من الكلام، لان الداعي للشتم واللعن والسباب كبير نظرا الى ما وصلت اليه الأمور من تضييق على الناس وصعوبة كبيرة لاستيعاب الهجمة الغير منطقية في ظل هذه الظروف من قبل الوزارات المعنية بإدارة الموارد المتاحة لتحقيق توزيع الظلم بعدالة.
نعم انها هجمة شرسة تمارسها وزارة النفط ووزارة التجارة الداخلية – ومحاصرة المستهلك, ووزارة الكهرباء ووزارة الصحة ووزارة المالية وباقي الوزارات ذات الصلة بالواقع المعيشي والخدمي والإداري العام.
الواقع الحالي في ظل التضييق والحصار الخارجي كما يلي:
رفع الدعم عن جميع المواد ورفع أسعارها تدريجيا.
رفع الضرائب والرسوم أيضا تدريجيا.
تخفيض المخصصات من المحروقات بكافة أنواعها الصناعية والمنزلية ومن المواد الغذائية وغيرها، الى الحد الأدنى الغير مجدي والمعطل لجميع المناحي المرتبطة به تشغيلياً.
التقنين الجائر في الكهرباء والتوزيع بحسب الأهمية الطبقية وبحسب المعيات والمحسوبيات إضافة لرفع الفواتير لتخرج عن قدرة المواطن على دفعها.
رفع أسعار الادوية واحتكار زمر دوائية كاملة واخفائها للضغط على الوزارة لرفع الأسعار وطبعا الحل في جيب المواطن الذي يشكل الحلقة الأضعف.
رفع رسوم وضرائب البيوع العقارية وغيرها من العمليات ما أدى الى شلل الحركة العقارية وغيرها من عمليات البيع والشراء نظرا لفشل القرارات الجديدة الناظمة لعملية البيع والشراء.
إبقاء رواتب الموظفين على حالها رغم التضخم الكبير وفقدان العملة السورية للقوة الشرائية، مقابل ارتفاع الأسعار المستمر لكل شيء حتى تجاوزت أسعار بعض الأشياء المنطق والكلفة الحقيقية وأصبح هامش الأرباح يعود لشريحة معينة من المتنفذين وأصحاب القرار والجهات.
أدى هذا الأمر الى تقسيم المجتمع الى فئات جديدة غير مسبوقة وهي كما يلي:
فئة السلطة واتباعها:
تستفيد من كل الميزات تميزاً عن غيرها من الفئات ولا تحرم من شيء ولا تكابد للحصول على أي مادة او خدمة او أي شيء تريده.
فئة الوزارات والجهات والمؤسسات الحكومية:
تستفيد من معظم الميزات بتراتبية تراعي المنصب والتبعية والقرابة والمعية والمحسوبية، ولا تعاني في الحصول على المواد والخدمات وتيسر لها الأمور كيفما ارادت.
فئة الاتباع والمنافقين والمتسلقين الطفيليين:
تعيش على هامش كلتا الفئتين الأولى والثانية وتتمتع بالحصول على ما تريد من خلال التسهيلات الممنوحة لها مقابل خدمات متنوعة قد تصل الى حد النيل من الكرامة فتقدمها لمن يسهل الأمور بكل سرور.
فئة المواطنين من الدرجة الأولى:
كالموظفين الكبار والمدراء وأصحاب الفعاليات التجارية والصناعية الضرورية، وهؤلاء يعيشون خارج الازمة الخانقة كونهم يملكون المال لشراء رفاهية تشبه رفاهية اهل السلطة وتكاد تماثلها، وهم فئة قليلة جدا.
فئة المواطنين من الدرجة الثانية:
كأصحاب المحلات التجارية وتجار التجزئة والمفرق والجملة ونصف الجملة في كل المواد الغذائية والكهربائية والصناعية والتجارية وغيرها، والموظفين في أماكن حساسة تضمن لهم دخل خارجي (رشوة) وهم موجودون امامك في كل الوزارات والمؤسسات والمرافق الحكومية يعيقون لك عملك حتى تدفع.
اخيراً نحن المواطنين من الدرجة الثالثة:
نمثل أكبر شريحة في المجتمع، ندافع عن وطننا اثناء الحرب، ونتحول الى عبئ ثقيل على المجتمع في السلم، وترفع الأسعار في وجهنا وتغلق الأبواب في وجهنا ونحرم من ادنى حقوقنا ونهمش و تجري علينا جميع التجارب الغير إنسانية من قبل الحكومات المتعاقبة وهي تحولنا الى حقل تجارب لها كونها لا تملك رؤية ولا تملك إرادة ولا تملك سلطة ولا تملك مقدرات الابداع لخلق حلول إبداعية تنقذنا من المجاعة والبؤس والحرمان الذي نعيشه, ونحن من جهتنا نمثل دور من يعيش بخير بكل تفاني ونفاق لتفادي تصنيفنا أعداء للوطن.
ثم بعد اخيراً تأتي الفئة الأخيرة فئة المواطنين المسحوقين:
هؤلاء لا وظيفة لهم ولا ارتباط مع أي من مؤسسات الدولة او المؤسسات الخاصة حيث لا يحملون شهادات دراسية تؤهلهم لدخول سوق العمل، وهم منبوذون ومكروهون ومحاصرون مناطقياً وهم شريحة واسعة وليس لهم صوت يمثلهم بين أعضاء مجلس الشعب المنفصل عن الواقع وعن الشعب، وليس هناك الية تضمن كفالتهم ورعايتهم وشراء حبهم لوطنهم، (الإنسان عبد الاحسان).
أخيرا أقول:

لقد تضررت كرامتنا في طوابير الخبز ومؤسسات السكر والأرز وفي الطرقات ونحن ننتظر لساعات حتى نركب الحافلة او أي شيء قابل للركوب حتى نعود لبيوتنا, وسكن الرعب قلوبنا ونحن نقف في طابور الكهرباء ونحن نسمع الأرقام الكبيرة للفواتير حتى يصل دورنا ونحن منهارون ومحطمون نفسيا, لدينا مهمة صعبة وشبه مستحيلة ومحكومة بالفشل يوميا وهي شراء مخصصاتنا من الخبز الذي تحول الى سد يسد النقص على مائدتنا التي خرج منها الزيت والزيتون والاجبان والالبان والزعتر و بقي فيها الرغيف مع مكون واحد من الأطعمة المصنعة والمعدة والتي لا يعلم مكوناتها الا الله – وعلى ذمة المنافق الذي صنعها.
ما الحل والى متى أيها الرحيم.
m\m من مكان ما 17\11\2021

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى