محمد بلوط- الديار

الحريري يستحضر الاعتذار… ومعلومات عن درس «مغامرة» باستقالة نوابه من المجلس
البطاقة التمويلية: مشروع لا يحظى بالغطاء النيابي وتحفظات على الكلفة وتمويله من الاحتياط

وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان في لبنان مجددا في بيروت في زيارة حاسمة بعد جمود وانقطاع طويل . ماذا سيفعل وماهي فرص نجاح مهمته اليوم لانعاش المبادرة الفرنسية واستيلاد الحكومة اللبنانية؟ الاوساط السياسية اللبنانية تترقب اجواء ونتائج الزيارة وما يحمله لودريان من ادوات ضاغطة ومعطيات لوضع النقاط الفرنسية على الحروف اللبنانية.

وعشية زيارته غرد لودريان موجها تحذيرا للقادة السياسيين قائلا: «ساكون في لبنان غدا (اليوم) مع رسالة شديدة الحزم للقادة السياسيين اللبنانيين ورسالة تضامن مع اللبنانيين. الحزم في وجه الذين يعرقلون تشكيل الحكومة. لقد اتخذنا اجراءات وطنية وهذه مجرد بداية. تؤكد زيارتي ايضا ان تضامن فرنسا في مجال التعليم والطبابة والاثار ودعمنا للبنانيين الذين يبذلون قصارى جهدهم من اجل بلدهم».

ووفقا للمعلومات التي توافرت للديار امس من اكثر من مصدر فان جدول الزيارة التي تستمر يومين يلحظ بشكل رسمي ومحدد لقاءه مع كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس المجلس نبيه بري الذي سيلتقيه في عين التينة عند الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم قبل ان يزور قصر بعبدا في وقت لاحق.

اما لقاءه مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري فبقي موضع تكهنات واخبار متناقضة، مع العلم ان فكرة تسربت في الاربع والعشرين ساعة الماضية وجرى التداول بها تقضي بان يجمع الوزير الفرنسي الحريري والنائب جبران باسيل في قصر الصنوبر بعد لقاء الرئيس المكلف في بيت الوسط. لكن مصادر المستقبل والتيار الوطني الحر نفت علمها بالموضوع، في حين أستبعد نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش لقاء الحريري باسيل قبل انتاج الحكومة.

وقالت المعلومات ان الكلام عن لقاء او عدم لقاء لودريان مع الحريري هو مجرد تكهنات ومعلومات صحفية في ظل تكتم الخارجية الفرنسية والسفارة في بيروت على جدول الزيارة خارج اطار لقائي عون وبري.

وعشية الزيارة قال مصدر سياسي مطلع للديار انه على الرغم من تكتم المسؤولين الفرنسيين حول مهمة لودريان وما يحمله في شأن الاجراءات الرادعة للمعطلين او الضغوط لتشكيل الحكومة فان الاعتقاد السائد لدى المراجع اللبنانية هو ان هناك خيارين يمكن ان ينتجان عن الزيارة: اما التاليف السريع للحكومة او اعتذار الرئيس الحريري.

ورفض المصدر التكهن مسبقًا بنتائج الزيارة لكنه حرص على القول بان مهمة لودريان تبدو صعبة في ظل التعقيدات الموجودة والازمة المستمرة والمتفاقمة بين بعبدا وبيت الوسط.

واضاف ان ما هو مؤكد ان لودريان ياتي الى بيروت بقرار رئاسي حاسم لا يتعلق بالاجراءات الرادعة التي تحدث عنها مؤخرا بحق المعطلين بل ايضا وضع المسؤولين اللبنانيين امام حقيقة الحسم الفرنسي : تشكيل الحكومة فورا وإلّا تحملوا النتائج.

 اعتذار الحريري واستقالة النواب؟ 

واذا كانت زيارة لودريان تكتسب اهمية كبيرة اليوم فان قضية اعتذار الحريري قفزت الى الواجهة بقوة بعد معلومات وتسريبات متتالية بانه صار على قاب قوسين من اعلانها.

وحصلت «الديار» امس على مزيد من المعلومات المفصلة حول هذا الموضوع ورغبة الحريري بالاعتذار عن الاستمرار بالتكليف. وكشفت مصادر موثوقة عن انه بدا في اجتماع مع نواب من كتلته واخر مع مقربين غير مرتاح الى حد الاحباط. وتحدث باسهاب عن انسداد افاق التاليف، قائلا» لن استطيع ولا اقبل ان يبقى البلد في هذا الفراغ القاتل، ولا اريد ان ابقى مكبلا ومتفرجا على انهيار البلد، يجب القيام بشيء لانني تحملت المسؤولية من احل مصلحة البلد والانقاذ وان اي خطوة تصب في هذا الاطار ساقدم عليها دون تردد».

ولم يتحدث الحريري عن الاعتذار مباشرة امام النواب، لكنه وضع الدائرة الصغيرة المحيطة والمقربة منه بان الاعتذار بات مطروحا جديا بعد ان كان مستبعدا، ولم يمانع من ان يتحدث بعضهم عن هذا الخيار مثلما فعل نائبه علوش عندما اكد امس في حديث تلفزيوني ان الاعتذار بات مطروحا.

ورفضت مصادر مقربة من الحريري الربط بين هذه الخطوة المتوقعة وبين موضوع اللقاء او عدم اللقاء مع لودريان. وقالت ان ألرئيس المكلف شعر مؤخرا ان التراكمات المتعلقة بتعطيل الجهود لتشكيل الحكومة وضعت هذا الاستحقاق امام طريق محكم الاغلاق، وان قرار الاعتذار يتعلق بموضوع تشكيل الحكومة وفق المواصفات التي ينشدها الشعب وخارج اطار التعطيل من خلال بالثلث المعطل.

وربطت مصادر اخرى بين رغبة الحريري اليوم بالاتجاه للاعتذار وبين المعلومات الاخيرة التي تحدثت عن ان محاولة كسبه الغطاء السعودي قد فشلت وان الرياض ما زالت متشددة تجاهه.

وينقل احد نواب المستقبل عن اجواء اللقاء مع الرئيس الحريري بانه بدا هذه المرة غير مرتاح للاجواء وما احاط ويحيط بعملية تاليف الحكومة، وان احساس من سمعه يؤكد انه سيقدم قريبا على خطوة الاعتذار لكن ليس بشكل فوري او بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الفرنسي.

وما سمعه المحيطون بالحريري وصل ايضا الى مراجع بارزة بطرق مختلفة. وتقول المعلومات ان الحريري المح الى انه بصدد الاقدام على خطوة ثانية بعد الاعتذار قد تكون استقالة كتلته النيابية من المجلس.

وقالت مصادر سياسية ان اقدامه على مثل هذه الخطوة يعتبر مغامرة ومقامرة غير محسوبة، لافتة الى انها ستكون بمثابة قفزة في المجهول خصوصا بالنسبة للحريري وتياره.

ولاحظت ان تسرب مثل هذه المعلومات يأتي بعد تقديم كتلة القوات اللبنانية مؤخرا اقتراح قانون بتقصير ولاية المجلس الحالي. وتساءلت هل يندفع الحريري الى هذا الحد؟ وهل ينتقل الى جبهة المعارضة رغم ازمة علاقاته مع اطراف معارضة اخرى؟ ولفت في هذا المجال ما قالته النائب رولا الطبش امس لاحدى محطات التلفزة «ان اعتذار الرئيس الحريري وارد، ونحن لسنا متمسكين بالمقاعد النيابية في البرلمان ولا بأي موقع.»

وفيما حرصت اوساط بيت الوسط على عدم الحديث عن هذا الموضوع قال مصدر مطلع في المستقبل للديار مساء امس «ان الوضع غير مريح للغاية والآفاق مسدودة، وان الرئيس الحريري يدرس بدقة وبعناية الموقف منذ فترة، وان خيار الاعتذار صار مطروحا جديا، وهو يدرس سلبيات وايجابيات كل خطوة انطلاقا من مصلحة البلد ومن الاسباب والاهداف التي حفزته لترشيح نفسح لرئاسة الحكومة.»

واشار ردا على سؤال الى ان اتصالات جرت في اليومين الماضيين بين الحريري وقيادات سياسية.

 التيار 

وفي المقابل حرص مصدر بارز على عدم التعليق مباشرة على اخبار رغبة الحريري بالاعتذار لكنه قال للديار «لقد كان موقفنا من تشكيل الحكومة واضحا من البداية وما زلنا نؤكد كل مرة عليه ، والمشكلة ليست عندنا بل عند الآخرين».

والمح الى ان الاسباب الحقيقية وراء الحديث عن الاعتذار اليوم هي في مكان آخر تتعلق بازمة علاقته بالسعودية.

 حزب الله 

من جهة ثانية رفض مصدر نيابي في حزب الله التعليق على الموضوع، واكتفى بالقول الحزب لعب ويلعب دور المسهل لتشكيل الحكومة، وقد قدمنا في الاسابيع القليلة الماضية مقترحات وقمنا بمساع عديدة لتذليل العقبات من امام تشكيل الحكومة لكن الامور بقيت على حالها.

خلاف على البطاقة التمويلية 

على صعيد آخر تتجه البلاد الى مزيد من الفوضى والى كارثة اجتماعية ومعيشية مع اقتراب موعد رفع الدعم في ظل غياب خطوات بديلة واضحة ومضمونة حتى الان.

ومن المقرر ان يترأس رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب اليوم اجتماعا وزاريا ثانيا لمتابعة مناقشة مشروع البطاقة التمويلية من اجل حسمه واقراره، لكن الاجواء التي توافرت للديار تؤكد ان المشروع المذكور يواجه تحفظات داخل الحكومة وخارجها، وان هناك كتل نيابية كبيرة تتحفظ على كثير من جوانبه لا سيما ما يتعلق بكيفية تمويله وبحجم كلفته، وترفض العديد منها مد ايد الى احتياطي مصرف لبنان من جديد معتبرة ان هذا الامر هو مزيد من استنزاف اموال المودعين بعد ان استنزف الدعم ايضا حوالي ستة مليارات ومئتي مليون دولار ذهب قسم منها الى جيوب الشركات والتجار والمهربين.

ويبدي الرئيس دياب حماسا للمشروع بدعم وتأييد الرئيس عون والتيار الوطني الحر، بينما تتحفظ باقي الكتل عليه بمواقف متفاوتة.

وعلمت الديار ان هناك محاولة لاحداث تعديلات كبيرة على المشروع الذي يفترض ان يلازمه ترشيد الدعم.

وقال مصدر نيابي بارز للديار امس اننا ننتظر الاطلاع على تفاصيل المشروع، لكن ما نعلمه انه بحاجة الى درس ومراجعة مفصلة خصواصا بالنسبة الى كلفته وكيفية تمويله بإلاضافة الى تحديد المستفيدين منه خصوصا ان اكثر من ثلاثة ارباع اللبنانيين سيحتاجون الى دعم ومساعدة مالية بعد رفع الدعم.

ولوحظ ان وزراء حزب الله لم يحضروا الاجتماع الوزاري الاول، ما يعطي انطباعا ان لدى الحزب تحفظات واضحة عليه.

وكشفت معلومات للديار ان هناك اقتراحات وافكار عديدة مطروحة منها تخفيض معدل قيمة البطاقة التمويلية الى النصف وبالتالي تخفيض قيمة المشروع الى نصف مليار دولار بدلا من كلفته المحسوبة اليوم بما يزيد عن المليار دولار.

وقال مصدر مطلع ان هناك محاذير جدية وكبيرة من الاعتماد على احتياطي مصرف لبنان وبالتالي تمويل المشروع من ودائع الناس، مشيرا الى ان هناك خيارين: اما تامين التمويل من مصادر اخرى وهذا خيار صعب وغير متاح حتى الآن، او تشكيل الحكومة وهذا الخيار الامثل ليس لهذه المشكلة فحسب بل ايضا للازمة الاقتصادية والمالية في البلاد.

 ازمة التهريب والقرار السعودي 

من جهة اخرى ما يزال قرار السعودية بمقاطعة المنتجات الزراعية اللبنانية على خلفية ضبط الرمان الملغم بالمخدرات يتفاعل وسط معلومات عن تشدد السلطات السعودية وتوسيع قرارها ليشمل ايضا الخضار والفواكهة اللبنانية المعلبة ما يعني انه بات يطاول القطاعين الزراعي والصناعي.

وقد ترأس وزير الداخلية محمد فهمي امس اجتماعا امنيا لبحث موضوع التهريب وتداعيات القرار السعودي والاجراءات التي ستتخذها الجهات اللبنانية المعنية لضبط الوضع وتحسين شروط التصدير.

واعلن عن تعديلات مهمة في اجراءات المستوى العملاني لعمليات التصدير خلال اسبوعين او ثلاثة، مشيرا الى ان تأمين اجهزة ومعدات السكانر يحتاج لفترة اطول.

وناشد الدول لتقديم المساعدة للبنان في هذا المجال، مشيرا ان الاجهزة الامنية المختصة تعمل باللحم الحي.

 منصة تسعير الدولار 

وفي مجال آخر تاجل للمرة الثالثة اطلاق منصة مصرف لبنان لتحديد وضبط سعر الدولار في السوق السوداء الى الاسبوع المقبل بعد ان كان مقررا ان يبدأ العمل بها هذا الاسبوع.

وذكرت المعلومات ان المنصة الالكترونية ستنطلق يوم الاثنين المقبل لضبط سعر الدولار على العشرة الاف ليرة في المصارف ومراكز الصيرفة المشاركة بالمنصة.

وجاءت هذه المعلومات بعد كتاب وجهه امس حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى وزير المال غازي وزني لهذه الغاية.