الإستخبارات الروسيّة ترفض الغرق في الوحول اللبنانيّة وتركيبات “حزب الله”
ألان سركيس-نداء الوطن
لا يزال صدى التأزّم السياسي الذي أحدثته محاولة “الثنائي الشيعي” ضرب التحقيق في تفجير مرفأ بيروت، يتردّد في عواصم القرار التي تسعى إلى حفظ أمن لبنان واستقراره في هذه المرحلة الخطيرة.
يقود “حزب الله” بالتعاون مع حركة “أمل” وتيّار “المردة” حملة لقبع المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، لكن لم تصل هذه الحملة إلى أي نتيجة حتى هذا الوقت.
وفي هذه الأثناء يحاول البعض إقحام روسيا في موضوع التحقيق، فمن جهة يتمّ ترويج أخبار عن أن موسكو تتدخّل في التحقيق أو تحجب معلومات، ومن جهة ثانية يحاولون الإيحاء بأن موسكو تدعم موقف “حزب الله” في ما خصّ مسار التحقيق.
وأمام كل هذه المحاولات، فإن موسكو لا تريد الغرق في الوحول اللبنانية، وتتعامل مع التحقيق كشأن لبناني داخلي من دون الدخول في تفاصيله.
وفي السياق، تؤكد مصادر ديبلوماسية مطّلعة على السياسة الروسية لـ”نداء الوطن” أن لا موقف روسياً حاسماً من التحقيق في إنفجار بيروت، وكل ما يُطلق من هنا وهناك بما فيه أن روسيا يهمّها وصول التحقيق إلى مكان معيّن لا أساس له من الصحّة، وتمّ تفسير كلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في آخر اطلالة له بطريقة خاطئة، خصوصاً عندما تحدّث عن إمكانية إعطاء بلاده صوراً عن الأقمار الإصطناعية. وتُشدّد المصادر على أن لا نية لموسكو بالتدخل، وتعتبر أن لبنان ليس ملعبها وتعلم أنها غير قادرة على لعب دور رئيسي فيه، وكل تركيزها في المنطقة ينصبّ على سوريا، واهتمامها بلبنان هو من بوابة تهديده لأمن سوريا وللقواعد الروسية الموجودة هناك.
وأمام كل هذه الوقائع فإن موقفها من تحقيق المرفأ هو موقف عام مثل عدد من الدول، فهي تدعو إلى تحقيق شفّاف وعادل، وكشف الحقيقة عن طريق القضاء ومن دون تسييسه، وفي الوقت نفسه يرفض كبار المسؤولين الروس التعليق على ما يحصل من مناكفات في الداخل، وموقفهم كلاسيكي بدعم موقف الحكومة ومنع الفتنة وتثبيت الأمن. وتلفت المصادر إلى أن المعلومات الاستخباراتية الروسية مثلها مثل معلومات الدول الكبرى لا تُكشف، وبالتالي فمن سابع المستحيلات أن تدخل روسيا في ملف المرفأ وتأخذ موقفاً داعماً لفريق ضدّ آخر، وكل ما يُروّج له أنها تدعم مطالب “حزب الله” أو تقف بجانبه لضرب تحقيق القاضي البيطار غير صحيح، فهي تجزم بأنها لا تتدخّل في هذا الملف لا من قريب ولا من بعيد، في حين أن “حزب الله” وغيره يتناسون أن روسيا دولة عظمى تُنافس أميركا وليست أداة في يد محور الممانعة كما يحاول هذا المحور الترويج في لبنان.
وتأتي في سلّم أولويات موسكو في الوقت الحالي التطورات الحاصلة بين أوكرانيا وبيلاروسيا وأزمة اللاجئين على الحدود البيلاروسية – البولندية، والتي أشعلت توتراً كبيراً في المنطقة لدرجة أن روسيا أرسلت قاذفات إستراتيجية شبيهة بالـ”ب52″ الأميركية، وجالت فوق بيلاروسيا بمسافة نحو 4000 كلم مما يؤكد إصرار بوتين على حماية بيلاروسيا لأن الدولة البولندية تهدّدها.
تغرق السلطة اللبنانية بقيادة “حزب الله” بالتفاصيل وتُغرق البلد بالإنهيار، بينما تهتمّ الدول الكبرى بملفات أكبر، ويواجه الشعب اللبناني القدر الأسود.