عودة التهويد لحي الشيخ جرّاح
أعاد الناشطون الفلسطينيون يوم أمس إطلاق الوسم (هاشتاغ) “أنقذوا حي الشيخ الجرّاح”، الذي تصدّر العالم في أيار الماضي، على مواقع التواصل الاجتماعي وذلك دعماً واسناداً لحق أهالي الحي الذي يستكمل كيان الاحتلال ممارسة التهويد بحقهم ويحاول، قسراً وبالقوّة، ان يستولي على منازلهم وسط استمرارٍ لهجماته الاستيطانية الواسعة وغير المسبوقة في القدس والضفة المحتلّة، حيث صادقت حكومة الاحتلال على بناء أكثر من 3000 مستوطنة جديدة وتنظر المصادقة على آلافٍ غيرها في كانون الأول المقبل.
وكانت عائلات حي الشيخ جراح قد بدأت تخوض جولة جديدة، مطلع الشهر الحالي، ضد “أحكام” محاكم الاحتلال الجائرة التي عرضت ما أسمته بـ “تسوية”: “حتى صدور القرار النهائي بشأن حقوق الملكية، ستُعتَبَر شركة “نحلات شمعون” (التابعة للاحتلال) هي المالكة للأرض، بينما العائلات الفلسطينية في الشيخ جراح مستأجرين محميين لا مالكين”، وخلال فترة إقامتهم في بيوتهم يدفعون “أجرة” للمستوطنين الإسرائيليين!
رفضت العائلات هذا القرار، وتستمر بالاحتجاج في شوارع الحي وترفض أن ترحّل من أرضها وبيوتها، حيث ان الأهالي ومحاميهم يملكون أوراقاً قانونية تثبت ملكيتهم للمنازل كانوا قد حصلوا عليها من المحاكم الأردنية، اذ تعود جذور قضية حي الشيخ جراح إلى خمسينيات القرن الماضي، عندما تدخلت الحكومة الأردنية بالتعاون مع “الأونروا” لتوطين وبناء وحدات سكنية لـ 28 عائلة تهجّرت قسراً من أراضي عام 1948 بعد الاحتلال الإسرائيلي، وتعاقدت الأردن مع هذه العائلات على دفع إيجارات لـ3 أعوام لتصبح المنازل بعدها ملكًا لهم، وانتهت عقود الإيجار عام 1959.
كما ان وثائق وخرائط قديمة جداً تعود لأربعينيات القرن الماضي تؤكد ان عائلات كثيرة ومنها الحسيني والنشاشيبي، أقامت في حي الشيخ جراح ولها ملكيات خاصة.
لماذا الشيخ جراح؟ البُعد الجيوسياسي للحيّ
يقع حي الشيخ جراح شمال مدينة القدس على طريق نابلس، وتعد نواة الحيّ هي مسجد أُقيم على شرف طبيب صلاح الدين الأيوبيّ: حسام الدين حسين بن عيسى الجرّاحي، ومن هنا جاء اسم الحيّ المسجد والصرح تمّ بناؤهم عام 1894، أمّا المبنى الأساسي فهو قائم قبل ذلك.
وعدد سكان الحيّ حاليًا حوالي 15 ألف فلسطيني يسكنون ما يقارب 2134 منزلًا.
ويشير تقرير أعدّه المركز العبري “القدس لبحث إسرائيل”، أنّ لحيّ الشيخ جرّاح أهميّة جيو-سياسيّة بالنسبة لفلسطين والعالم، إذ يقع في مرر الطريق نحو للبلدة القديمة شمالًا، كما يصل الحيّ بين الأحياء العربيّة في مركز المدينة وجنوبها مع الأحياء العربيّة في شمالها.
وأيضاً يُعد الحي وجواره مقراً للتمثيلات الدبلوماسية الدولية حيث تتمركز عدد من القنصليّات منها: البريطانيّة والتركيّة والبلغاريّة والإسبانية والفرنسيّة والإيطاليّة والسويسريّة، كما مكاتب تابعة للأمم المُتّحدة مثل مكاتب الشؤون الإنسانيّة (OCHA) ومكاتب منظمة الصحة العالميّة (WHO) وممثليّة الاتحاد الأوروبي ومكاتب الصليب الأحمر وغيرها الكثير من المباني المُهمّة.
وكذلك تقع في الحي مؤسسات تربويّة فلسطينيّة، كالمدارس والكليات الجامعية بالإضافة الى الفنادق.
بدايات الاستيطان والتهويد في الحي
على الرغم من التهويد بدأ مع اجتياح قوات الاحتلال للمناطق الفلسطينية في عام 1948، الا ان الخطوة الأولى للهجمات الاستيطانية المتعمّدة على حي الشيخ جراح في القدس تعود الى عام 1998 حيث اقتحمت مجموعة من المستوطنين لأحد المباني في الحي ورفعوا عليه علم “إسرائيل” وأعلام حركة “موليديت” اليمينيّة، وبدأوا بإقامة “شعائرهم”.
وبعدها استمر المستوطنون باقتحام مبان ومنازل أخرى بالتسلّط والقوّة، حيث ان عام 1999، وعلى أثر “مسارات” قضائيّة للاحتلال ضدّ عائلة الكُرد، بادعاءات أنّها قامت بعمليات ترميم غير قانونيّة، قررت محكمة الاحتلال إخلاء العائلة من القسم الذي تمّ ترميمه، وإغلاقه “نهائيًا”، ليدخل للمبنى نفسه مستوطنون.
وفي شهر تشرين الثاني 2008، وبعد أن “انتهت المسارات القضائيّة لصالح المستوطنين”، أُخليت كلّ من عائلة فوزيّة وعائلة الكُرد بالقوّة من بيوتهم. كما ان عام 2009، أخليت بالترهيب عائلات من الحي مكوّنة من 53 فردًا.
الكاتب:الخنادق