“رسالةٌ خطيرة” من إيران وحزب الله… وميقاتي مُحرج!
“ليبانون ديبايت” – غنوة غازي
بين محاولة إغتيال الكاظمي في العراق ومحاولة “الإغتيال السياسية” لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي من خلال محاصرة الحكومة ومنع انعقادها، تقاطعات إستراتيجية لا بدّ من قراءتها لاستشراف خطورة الوضع الراهن في لبنان، وجوهر الأزمات المستفحلة فيه.
في هذا السياق، جاء تصريح الكاتب والمُحلل السياسي منير الربيع لـ “ليبانون ديبايت”، والذي أكّد أنه “إنطلاقاً من المقولة التاريخية أنه إذا أردت أن تعرف ماذا سيجري في لبنان، عليك أن تنظر إلى العراق، لا بد من الربط المعنوي والسياسي بين محاولة إغتيال رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي وما يجري في لبنان حالياً، أو في كل المنطقة، حيث أن إيران تلجأ إلى تصعيد كل الملفات السياسية وإستخدام كل الأوراق في المنطقة إستباقاً لجلسة المفاوضات بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية للعودة إلى الإتفاق النووي الإيراني”.
هل يعود الكاظمي إلى بيت الطاعة؟
واضاف: “إن محاولة اغتيال الكاظمي لها أكثر من بعد، فقد جاءت بعد نتائج الإنتخابات الأميركية في العراق والتي خسرت فيها إيران. وبالتالي فإن إيران تريد الإلتفاف على نتائج الإنتخابات من خلال فرض وقائع سياسية جديدة بحكم الأمر الواقع، وبحكم الواقع الشعبي والتحركات من خلال التظاهرات أو من خلال التلويح بالذهاب إلى تصعيد أمني أو إلى حرب شيعية – شيعية في حال لم يتم الاستجابة لمطالبها وفرض شروطها على عملية تشكيل الحكومة”.
وتابع الربيع: “أن الرسالة الرئيسية التي وُجّهت للكاظمي من خلال محاولة إغتياله هي أنه إما عليه أن يعود إلى بيت الطاعة ويشكّل حكومة بالتعاون مع الإيرانيين، وتلبية المصلحة السياسية والإستراتيجية لإيران في العراق، والمسألة الثانية الأساسية هي أن إيران التي تذهب الى التفاهم مع الولايات المتحدة الأميركية أو إلى إحياء المفاوضات مع الولايات المتحدة الأميركية تريد إقصاء السعودية من العراق أو التأثير السعودي والخليجي والعربي الذي يتمثّل بالعلاقة مع الكاظمي. فهي إرادة إزاحة الكاظمي من المشهد أو أن يعود إلى بيت الطاعة، أو أن لا يشكّل الحكومة، وبالتالي تكون إيران قد أقصت السعودية والتأثير العربي على الكاظمي فيما تذهب مع الأميركيين إلى التوافق على شخصية جديدة من خلال محاولة الضغط وإيصال الرسائل أيضاً لمقتدى الصدر لكي يجد قواعد تفاهم مع الإيرانيين”.
إيران وحزب الله يحاولان إبعاد السعودية عن لبنان
وقال: “هذا المشهد يشبه إلى حد بعيد ما جرى في العام 2006 بمحاصرة السراي وبالضغط لتغيير قواعد الإنتخابات النيابية والإطاحة بحكومة فؤاد السنيورة، والمشهد أيضاً يشبه ما بعد أحداث 7 أيار وانتخابات العام 2009 التي سعى بعدها حزب الله إلى تغيير نتائج الإنتخابات من خلال فرض مبدأ الديمقراطية التوافقية والثلث المعطّل. وبالتالي، فإن التصعيد الإيراني الذي شهدناه في العراق لا بد له أن ينعكس في لبنان ونحن نشهد التصعيد في لبنان من خلال الضغط بموضوع التحقيق في ملف المرفأ أي الضغط على القضاء، ومن خلال تغريب لبنان عن العرب من خلال الضغط على قرداحي وحمايته ومنعه من تقديم إستقالته وإستفزاز السعودية أكثر من خلال تصريحات حزب الله، وهذا يؤكّد على أن الحزب وإيران يريدون إبعاد السعودية عن لبنان والإمعان في المواقف التي تتعارض مع المصلحة اللبنانية وعلاقات لبنان مع العرب. وبالتالي، هنا سيجد الرئيس ميقاتي نفسه محرجاً، لأنه أولاً سيخاف على وضعه وموقعه بسبب ما جرى مع الكاظمي وبالتالي سيقارب الأمور بالكثير من الواقعية، وقد يُفرض عليه تقديم تنازلات وهو بالأساس قدّم التنازل بأنه لم يدعُ لجلسة لحزب الله كي لا يستفزّ حزب الله”.
ورداً على سؤال حول حضور جامعة الدول العربية في لبنان من خلال زيارة الأمين العام المساعد حسام زكي، قال الربيع: “إنطلاقاً من وجهة النظر التي تربط بين التصعيد الإيراني في اليمن والعراق ولبنان أيضاً، نحن نجد أن هناك تعمّد من قبل حزب الله والإيرانيين على تكريس الأزمة الديبلوماسية بين لبنان والخليج من خلال عدم الذهاب إلى تقديم أي مسعى تقاربي أو تنازل أو إعتذار، لا بل أن الشيخ نعيم قاسم هو الذي طلب الإعتذار وهذا مؤشر على المزيد من الإستفزاز الذي يمارسه حزب الله ضد السعودية لإبعادها أكثر عن لبنان.
حضور الجامعة العربية استطلاعي .. ولا مبادرة
وتابع: بالمقابل، فإن حضور الجامعة العربية هو حضور إستطلاعي للقول أن العرب ما زالوا موجودين ومهتمين بالملف اللبناني ولكن لا يمكن الحديث عن أي مبادرة جدية حملها معه الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي، بل هي مجرد زيارة استطلاعية. قد يبحث مع بعض المندوبين العرب في الجامعة العربية هذا الأمر، لكن لا أعتقد أن الأمور قد تصل إلى نتائج سريعة بل أن الأزمة ستكون طويلة وترتبط بمسار تطورات سياسية لها علاقة بالوضع الإقليمي وبنية لبنان الجدية للذهاب إلى إصلاح العلاقة مع العرب، وحتى الآن تبدو القوى اللبنانية عاجزة عن ذلك. ولكن أيضاً التسريبات التي تحدثت عن شروط سعودية لإستقالة قرداحي او لإستقالة الحكومة هي غير صحيحة وهدفها إحراج السعودية أكثر في الملف اللبناني وإبعادها عنه أكثر. وحتى التسريبات التي تحدثت عن إخراج اللبنانيين من الخليج أو وقف التحويلات المالية هدفها إستدراج السعودية إلى هذا التصعيد وإستفزازها للجوء إلى هذا الخيار، لأن مصلحة خصوم السعودية هو بأن تلجأ إلى هذه الخيارات وبالتالي الإبتعاد أكثر عن لبنان”.
مسار الأزمة طويل
وختم الربيع: “هذا الأمر لن يحصل بحسب ما تؤكد المصادر الديبلوماسية السعودية، ولكن هذا الإستفزاز هو مؤشر على مسار طويل للأزمة لا يمكن حلّه إلى بالوصول الى إتفاق سياسي شامل لا يمكن أن يقتصر على الولايات المتحدة الأميركية وعلى إيران فقط وإنما من خلال البحث في النفوذ الإقليمي لإيران وهذا الأمر سيحتاج إلى الكثير من الوقت في المرحلة المقبلة”.