محور المقاومة: اليمن سيد نفسه!
بواسطة فرات علوان
ظهر في تداعيات الأزمة السعودية اللبنانية الأخيرة، موضوع إشكالي ما يزال يطرح في الأوساط الدبلوماسية والسياسية والإعلامية، وهو موضوع التأثير أو “المَوْنة” في العامية اللبنانية، بين قوى محور المقاومة. فمن أهم الأسباب التي قيل بأنها كانت سبباً لفوران الغضب السعودي على لبنان، هي بعد أن طلبوا من الفريق التفاوضي الإيراني التدخل عند حركة أنصار الله والسيد عبد الملك الحوثي، من أجل إيقاف عملية تحرير مأرب، وأن يتحدثوا مع حزب الله، الذي يتمتع بنفوذ أقوى عند اليمنيين من إيران حسب السعوديين.
هذه الحادثة وإن صحّ حصولها، لا تلغي أن الكثيرين ومنهم السعودية، ما يزالوا يجهلون طبيعة العلاقة بين قوى المحور فيما بينهم. وسيتركز البحث في هذا المقال، حول توضيح الركائز الأساسية لهذه العلاقة، ومن خلالها لعلاقة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحزب الله بحركة أنصار الله.
ركائز العلاقة بشكل عام
_ تعتمد علاقة التحالف بين قوى المقاومة، على احترام استقلالية كل جهة، في اتخاذ ما يناسبها من قرارات وسياسات، تخدم قضيتهم في البلد الذي هم فيه، دون أن يعني ذلك عدم التنسيق وتقديم النصيحة فيما بين جهات المحور كافة.
وقد أسس لهذا النمط من التواصل والتنسيق، قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي حينما تولى ملف التواصل والمتابعة مع حزب الله بتكليف من الإمام الخميني (رض). فالإمام الخامنئي كان وما يزال يحرص على احترام خصوصية كل ساحة من ساحات المحور، في صياغة وتنفيذ سياستها بكل استقلالية.
_ تقديم كافة أشكال الدعم للجهة في خوضها كافة الاستحقاقات، خصوصاً على صعيد المواجهات العسكرية، وعدم الخوض في تفاصيل الاختلافات بالرأي خلالها.
(يذكر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن الشهيد الفريق الحاج قاسم سليماني كان حريصاً على هذا الموضوع خلال حرب تموز من العام 2006، فبالرغم من امتلاكه للمعرفة والخبرات العسكرية الكبيرة والكثيرة، أو وجود رأي عنده لا يشبه أراء قادة المقاومة، إلا أنه كان يحترم هذه الخصوصية بل ويسأل عن كيفية تقديم المساعدة).
_ لا إمكانية لتفاوض ساحة بالنيابة عن ساحة أخرى، وخصوصاً خلال المواجهات والحروب الإسرائيلية. والتركيز دائماً على مبدء أداء دور الوساطة ونقل الرسائل، وعدم تجاوز الفريق الأساسي المعني بالتفاوض.
(وهذا ما كان يحصل خلال كل المواجهات العسكرية بين قوى المقاومة وكيان الاحتلال الإسرائيلي، حيث كانت الدول الأوروبية تسعى من خلال تواصلها المباشر مع إيران أو سوريا، أن تؤمن ضغط هاتين الدولتين على فصائل المقاومة اللبنانية او الفلسطينية بتطبيق شروط مختلفة، أو تجاوز حركات المقاومة وابعادهما عن المشاركة في عمليات التفاوض. فيكون الرد المباشر من قبل طهران أو دمشق برفض توجيه الضغط أو تجاوز وجود هذه الحركات في صلب العملية التفاوضية).
_ لا مكان للمقايضة بين ساحة وساحة، مهما كانت العوائد السياسية او الاقتصادية كبيرة جداً. فخلال كل السنوات التي مضت، حافظت ساحات المحور على هذا المبدأ، وهذا ما نشهده حالياً في اليمن.
فعلاقة حزب الله وإيران بحركة أنصار الله والشعب اليمني، تنطلق من الإيمان بأحقية ومظلومية هذا الشعب، في تحقيق حرية وسيادة بلده، من كل قوى الاحتلال. وفي دعم هذا الشعب على الصمود بوجه العدوان الأمريكي السعودي. وعليه فإن أي معركة يخوضها الجيش اليمني واللجان الشعبية، سيكون قرار بدئها ومجرياتها وختامها وكيفيتها وتفاصيلها، بيد هذا الطرف حصراً، ولن تكون إيران أو الحزب إلا داعمتين لهذه القرارات. ولن تستطيع السعودية تحقيق أي شيء في اليمن، عبر استخدام أي شكل من مقايضات “المونة”، وتحرير مدينة مأرب الاستراتيجية قرار اتخذته حكومة صنعاء ولا تراجع عنه.
وتأكيدًا على سياسة المحور وايران بضرورة حضور الاطراق المعنية بقضاياهم في اي مفاوضات اقليمية او دولية، قال وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان في لقائه الخاص مع الاعلاميين في بيروت مؤخرا، وفي رده على سؤال، هل نوقش الملف اللبناني في المفاوضات الايرانية السعودية في بغداد، فكان جواب عبد اللهيان ان هذا السؤال خطأ وينبغي ان يكون السؤال نحن اللبنانيون نريد ان نشارك في اي مفاوضات يطرح او يناقش فيها الملف اللبناني، وان هذا حقكم ولا ينبغي التنازل عنه مهما يكن.
الخنادق