أبو زيد إلى موسكو لـ “تبييض” صفحة باسيل… وموفد الحريري يواصل الاتصالات لوقْف “التعطيل”
يبدو أن الطريق إلى موسكو أقرب بكثير من الطريق بين “بيت الوسط” وبعبدا، وكأن بعض الحكّام الذين يرفضون طرح البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عقْد مؤتمر دولي خاص بلبنان، تحت عنوان عدم استجلاب التدخّل الخارجي، لا يغادرون بيروت أو كأنهم لا يحاولون كسب رضى الخارج من أجل تحقيق مآربهم.
باتت صورة السياسي اللبناني مشوّهة في دول العالم، إذ إن نظرة الازدراء ترافقه أينما حلّ، ليس لأن الدول تكره لبنان، بل لأنها تنظر كيف أن حكّام هذا البلد يكرهون شعبهم ويفعلون كل ما بوسعهم من أجل إغراقه في الأزمة.
ولا يمكن وضْع موقف روسيا إلا في إطار القرب من الموقف الفرنسي والدولي، والجميع متفق على أن سياسة التعطيل ستدفع البلاد نحو الإنهيار، ورغم أن الدول الكبرى تتنافس على الجغرافيا والنفوذ، إلا أنها تتفق على تصنيف حكّام لبنان بين أدنى مستوى درجات الحكّام في العالم.
ولم يطرأ أي تغير على الموقف الروسي من الملف اللبناني، إذ إن الروس يجدّدون ثوابتهم أمام كل من يلتقيهم وهذه الثوابت تتلخّص بضرورة الإسراع بتأليف حكومة برئاسة سعد الحريري، وأي محاولة لإحراجه من أجل إخراجه ممنوعة.
أما الثابتة الروسية الثانية فهي عدم حصول أي فريق على الثلث المعطّل ومن ضمنهم رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل لأن هذا الثلث سيعطّل عمل الحكومة، ومن جهة ثالثة، فإن الروس يريدون من الحكومة أن تبدأ ورشة إصلاح حقيقية وجديّة لأنها السبيل الوحيد لخلاص البلاد، في حين أنها تفصل الملف اللبناني عن الملف السوري، وتُحمّل حلفاء سوريا وإيران في لبنان مسؤولية إفشال تأليف الحكومة.
وأمام كل هذه الثوابت الروسية، وبعد الزيارة الأخيرة غير الناجحة التي قام بها مستشار رئيس الجمهورية أمل أبو زيد إلى موسكو، حطّ أبو زيد أمس مجدداً في روسيا من أجل القيام بمحاولة جديدة لتليين الموقف الروسي.
وعلمت “نداء الوطن” أن أبو زيد يسعى إلى تأمين موعد أو اتصال بين باسيل والقيادة الروسية بغية إقناعها أولاً بإعادة وصل ما انقطع بين “التيار الوطني الحرّ” وموسكو، ومن أجل إقناع القيادة الروسية بأهمية إعطاء رئيس الجمهورية و”التيار” الثلث المعطّل وعدم مساندة الحريري في مهمته.
ويتزامن تواجد أبو زيد في موسكو مع زيارة يقوم بها مستشار الرئيس الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان حيث يلتقي عدداً من المسؤولين الروس، علماً أن شعبان يقوم بزيارات متكررة إلى موسكو، ويوجد تناغم ودعم لمهمة الحريري الأخيرة حيث يحرص الروس على تأكيد تحالفهم التاريخي مع آل الحريري نظراً إلى الدور الذي لعبه الرئيس الشهيد رفيق الحريري في إعادة وصل ما انقطع بين روسيا والدول الإسلامية والشرق أوسطية.
لا شكّ أن زيارة العاصمة الروسية مهمة جداً، لكن الروس يؤكدون أهمية الحل الذي يخرج من الداخل اللبناني والذي يصنعه اللبنانيون بأيديهم وعدم انتظار الخارج، وإلا عليهم أن ينتظروا التوافق الأميركي – الروسي الكبير في المنطقة، وهذا التوافق لا يزال بعيد المنال، فيما الوضع اللبناني يتدحرج نحو الأسوأ، ما يثير قلق الدول المهتمة بالوضع اللبناني وعلى رأسها روسيا التي تحذّر دائماً من الفوضى، وهي ترى أن الإستمرار على هذا المنوال من التعطيل سيوصل إلى جهنّم حقيقية، وكل الجهد الذي بُذل سابقاً من أجل تحييد لبنان عن أزمات المنطقة سيذهب سُدى.