قرار أميركي – فرنسي منع استقالة حكومة ميقاتي
فادي عيد- الديار
لا ينطبق الكلام الأخير الذي يُسجل على الساحة السياسية الداخلية على الواقع الفعلي لمسار الأحداث المتسارع سعودياً وخليجياً في الأيام الماضية، بحيث تقول مصادر نيابية معارضة أن المعالجات قد باتت في مرحلة يُفترض فيها، وعند مقاربة العقوبات الخليجية على لبنان والتي يجري الحديث عنها، العودة إلى مراحل سابقة وأحداث متتالية منذ سنوات، قادت الى المعادلة الحالية والتي تصفها هذه المصادر ب»المفصلية» على عدة مستويات. ولذا تعتبر المصادر أن كل التقديرات والسيناريوهات وحتى التوقعات الأكثر تشاؤماً لما يمكن أن يكون عليه الوضع، إذا استمرّ المسار باتجاه تصاعدي وتصعيدي من قبل المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وبالتالي بقيت المعالجات دون المستوى المطلوب وفق ما تدعو إليه الدول الخليجية وتتمسّك به، من أجل إعادة ترتيب الوضع على صعيد ترميم العلاقة بين الحكومة اللبنانية والمملكة العربية السعودية.
وفي هذا المجال تقول المصادر النيابية المعارضة أن المقاربة الرسمية اللبنانية ما زالت في بداياتها ولا تسير وفق وتيرة «العقوبات» التي يجري التلويح بها خليجياً والتي أصبحت داهمة ومتداولة ولو بطريقة «مبالغة» في الإعلام كما في الأوساط الديبلوماسية العربية والغربية. وعليه، تكشف هذه المصادر أن التدخل السريع والمباشر من قبل باريس وواشنطن باتجاه الحؤول دون انفجار الحكومة من الداخل نتيجة الأزمة الديبلوماسية مع الرياض، وهو الذي أدى إلى ما يشبه المظلة الحامية لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي وبقرار حاسم ونهائي من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، وبالتالي تراجع منسوب التصعيد وحصل تراجع من قبل بعض العواصم الخليجية كما العربية عن اتخاذ إجراءات تحمل طابعاً عقابياً ضد الحكومة والدولة اللبنانية، وهو ما سمح بأن تتّسع مساحة الحوار الهادف للتوصل إلى مخرج أمام الحكومة ولو أن بلورة هذا الحلّ ما زالت في مراحلها الأولى.
وفي إشارة واضحة إلى عملية تطويق واستيعاب موجة التصعيد الخليجية، تلفت المصادر النيابية نفسها إلى تفاوت الإجراءات المتخذة من قبل الدول الخليجية والتي اكتفت بسحب السفراء الخليجيين من لبنان وطرد السفراء اللبنانيين منها، كما جرى في البحرين والكويت بعد السعودية واليمن، بينما بادرت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى سحب ديبلوماسييها من بيروت بسبب عدم وجود سفير لها فيها، ولم تمسّ بسفير لبنان لديها ونصحت رعاياها بعدم السفر الى لبنان، كما أن ما تردد عن عرض مبنى سفارتها للبيع في بيروت ليس دقيقاً خصوصاً وأن المبنى المعروض كان مقراً سابقاً للبعثة الإماراتية. كذلك فإن قطر وسلطنة عمان من جهتهما بادرتا إلى إدانة تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي، ولم تستدعيا سفيرها ولم تطردا السفير اللبناني لديها، وبالتالي حرصتا على التأكيد على أهمية الحوار والتفاهم والإحترام المتبادل ومعالجة كل الخلافات من خلال التواصل وعلى قاعدة حماية المصالح لكلّ من لبنان والمملكة العربية السعودية.
لكن هذه المعطيات لا تقود حكماً إلى توقعات بحلول ومعالجات سريعة، وفق ما تكشف المصادر النيابية المعارضة، والتي تعتبر أن مسار الخلافات طويل وليس طارئاً، وهو ما يفترض معالجة الأزمات التي جعلت العلاقة بين لبنان والسعودية أولاً ودول الخليج ثانياً متشنجة ومتوترة وقابلة للإنفجار، نتيجة ما تصفه دول الخليج ب»التجاوزات» اللبنانية في كل المجالات السياسية وغير السياسية، ولا تُختصر فقط بمواقف الوزير قرداحي الأخيرة، والتي باتت تطلب عملية مراجعة شاملة لكل محطات وفصول العلاقة والغيوم التي شابتها على امتداد السنوات الماضية.