الحديث عن عزوف الحريري والتصعيد السعودي يخلط الاوراق ارباك للمكوّن السني والحكومي من إجراءات الرياض سياسياً وانتخابياً
علي ضاحي- الديار
كل المؤشرات تؤكد ان الافق السياسي والديبلوماسي مسدود مع الرياض، اذا لا تمتلك الاكثرية اوراق كثيرة او خيارات متعددة لمواجهة الهجمة السعودية المتصاعدة، وغير المسبوقة والتي يتردد انها ستزداد ضراوة في الايام المقبلة. وتؤكد اوساط وزارية في 8 آذار ان الخيارات كلها مطروحة على الطاولة، وفي انتظار عودة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، حيث تتساوى استقالة الحكومة جميعها مع إستقالة رئيسها نجيب ميقاتي، بإستقالة وزير الاعلام جورج قرداحي وفي ظل دعم غير مسبوق من تحالف «الثنائي الشيعي» و8 آذار لبقائه وعدم تقديم تنازلات مجانية ولن ترضى عنها الرياض والتي لن تتوقف اجراءاتها عند حد معين كما يبدو.
وتكشف الاوساط، ان هناك ضغوطاً سعودية تمارس على ميقاتي والمكوّن السني عبر الوسطاء. وفي ظل تقاطع معلومات عن فشل وساطة مصرية – فرنسية – اميركية لإطلاق حوار بين الحكومة والرياض ولوضع حد للتباينات والخلافات القائمة. وتشير الاوساط الى ان الرياض على ما يبدو تشترط إستقالة الحكومة وقرداحي، قبل الموافقة على مبدأ الحوار، وهي لم تعط اية اشارات ايجابية او ضمانات او اسباب منطقية وواقعية لوقف التصعيد العبثي الحاصل وضرورة وقفه وعدم ربطه باليمن والعلاقة مع ايران ومستقبل المنطقة.
وتشدد الاوساط على ان ما تطلبه الرياض «ليس متوفراً، لا عند الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ولا عند رئيس الجمهورية ميشال عون، ولا حتى عند الحكومة ورئيسها، بل يمكنها الحصول عليه بحوار مباشر مع الحوثيين، والذي ليس للبنان ومكوناته «ناقة او جمل» فيه، ولا يمتلك اي تأثير على الحوثيين والازمة اليمنية.
ومع ترقب عودة ميقاتي الى بيروت وتردد معلومات عن فشل التوصل لاي حل مع السعودية، تعكس اوساط سنية ان الارباك هو سمة المرحلة لدى المكون السني الحكومي، والذي لم يعد امكانه «الصمود اكثر»، امام الضغط السعودي السياسي والديبلوماسي والخليجي، وفي ظل التخوف الحقيقي على مستقبل ومصير ومصالح اللبنانيين في السعودية، والتي يقيم فيها حالياً اكثر من 250 الف، بينما يعيش 200 الف لبناني تقريباً في باقي دول مجلس التعاون الخليجي.
وتشير الاوساط الى ان الشارع السني بكل اطيافه مربك ايضاً، خصوصاً مع تكاثر الحديث عن عزوف رئيس «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري شخصياً، وحتى «التيار الازرق» كله عن خوض الانتخابات النيابية لا ترشحاً ولا اقتراعاً، لاسباب سياسية و»حُرم» من محمد بن سلمان ولاسباب مالية ايضاً.
ورغم عدم تأكيد القيادات العليا في «المستقبل» او نفي ما يتردد، الا ان سُنّة لبنان يتهيبون قرار اقصاء الحريري او عزوفه، والامران سيان عن الساحة الانتخابية وما يمكن ان يفرزه من تيار متطرف اصولي ومتشدد، حيث يتكاثر الحديث عن تحالف بين بهاء الحريري واشرف ريفي مع قوى اصولية في طرابلس والشمال وبيروت وصيدا، وهو الامر الذي يجعل من موقف ميقاتي و»المستقبل» وحتى النائبين فيصل كرامي واسامة سعد و»اللقاء التشاوري» ضعيفاً، ويضعهم في مأزق حقيقي.
ولأن ضرب الاعتدال السني، والمتمثل بالحريري وميقاتي، ووفق الاوساط نفسها، من شأنه ان يثير تساؤلات عن اهداف التصعيد السعودي الحقيقي، وهدفه الساعي الى خلق بديل سني للحريري، ووسط سؤال كبير عن تغذية التطرف المسيحي المتمثل بدعم سمير جعجع اللا المتناهي لضمان هزيمة «التيار الوطني الحر» وجبران باسيل انتخابياً، وكذلك لتشكيل تيار سني جديد ومتطرف يتصدى لحزب الله و»المشاريع المزعومة» التي تتهمه فيها الرياض!