ذكريات ذكرتني بما نحن عليه اليوم
عندما كنا اطفال كنا نجلس مع اهلنا في جلسة ملؤها الدفىء و الإستقرار لنتابع احدى المسلسلات التي تعرض على التلفاز وأذكر إلى الآن كيف كنا نتعاطف مع الشخصية التي تتعرض للظلم, وكان الظلم و القسوة التي تتعرض لها الشخصية تتمحور حول زوج يعامل زوجته بقسوة واحيانا يضربها أو أبن عاق لوالديه وهكذا.
الجميل والغريب في الموضوع وقتها هو حجم التعاطف لدرجة اننا كنا نحقد على الممثل نفسه ونكرهه لشخصه ونعتقد انه ظالم ومستبد وكانت هذه الحالة من التعاطف والتفاعل عامة لجميع الناس .
وانا افكر في هذا الماضي الجميل خطر ببالي لو اننا لو قارنا بين ذاك الظلم الذي كان في المسلسل, وبين الظلم الذي نشاهده في مسلسلات الواقع اليوم وفي الحياة
التي نعيشها قهرا, سنجد ان ظلم المسلسلات شيء لايذكر وانه تافه وبسيط مقارنة مع ما يجري اليوم.
فهل نحن الذين تغيرنا وقست قلوبنا؟ أم اننا تعودنا على سماع القصص ورؤية الجرائم التي ترتكب اليوم والتي لا تمت للإنسانية بصلة, رغم اننا لانزال نمتلك تلك
المشاعر النبيلة والرحيمة من التعاطف والتفاعل مع الضحية.
سبب طرحي لهذه الفكرة هو معرفتي ببعض مواقف الظلم التي اشاهدها يوميا
ولكنني احيانا اعجز عن اصلاحها او التدخل فيها لتصحيح الخطأ وتصويبه ورفع الظلم عمن اعتقد انه مظلوم…. ومن هذه المواقف :
في إحدى المدارس الموظفة المسؤولة عن تنظيف المدرسة هي نفسها صاحبة ما يسمونه (الندوة) التي تبيع فيها الشيبس والبسكويت لألطفال,
هذه الموظفة التي تعمل براتب ثابت ولها حصة في مبيعات هذا الكشك الصغير قامت بإحضار احد الطلاب الصغار وعمره( 8)سنوات وهو يتيم الأب أستشهد
والده دفاعا عن الوطن, تعطيه كيس قمامة وتطلب منه تنظيف باحة المدرسة مقابل ان تجعله يختار كيس شيبس ليأكله اذا اتم عمله على اكمل وجه, فأين ذهبت انسانيتها وهي تستغل هذا اليتيم, واين حقه في الرعاية والعناية, واين النظافة العامة والشروط الصحية, واين الإجراءات التي تمنع انتشار كورونا وهذا الطفل سيعمل بيديه العاريتين وليس لديه ادنى فكرة عن سبل الحماية والوقاية من كورونا وغيره من الأمراض هذا مثال اخر وهو مما رأيته بنفسي ايضا طفل صغير تخلت عنه والدته لظرف ما وعاش مع والده, وعندما تزوج والده لم تستطع الزوجة الجديدة تحمله
فرمته في الشارع لينام ويأكل ويعيش فيه مع علم والده بذلك, واصبح شكل هذا الطفل المشرد ظلما كالمجرم يخافه باقي االطفال مع أن عمره لا يتجاوز العشر
سنوات.
انها صور اراها كل يوم ولعلكم مثلي ترون مثيلاتها يوميا, عدا عما نسمعه من جرائم مخيفة وغريبة عن مجتمعنا وتقاليدنا واعرافنا ودياناتنا من قطع رؤوس
وخطف وقتل وتقطيع وتمثيل بالجثث وغيرها من الأشياء المرعبة.
ما الذي يحصل يا إلهي هل ماتت ضمائر بعض البشر؟.
هل انحدرت انسانيتنا الى الدرك الأسفل من حضيض الشيطنة والإجرام؟.
هل هناك عودة لما كنا عليه من فطرة سليمة ؟.
يبدو ان المستقبل غامض وضبابي وان الصور المرعبة والمزعجة ستبقى حتى فترة طويلة من الزمن نسبة الى الإنحطاط الأخلاقي الذي نمر به اليوم كمنظومة مجتمعية كاملة.
جميعنا مجرمون ومشفقون من اجرامنا!.
وجميعنا ننظر و نحلل ونستنكر الجريمة ونشارك في صنعها بطريقة ما.
الهي رحمتك يا رحيم
ملك الموسوي