هل اقترب موعد الحسم في ادلب؟
عادت منطقة إدلب وريفها الى واجهة الأحداث في سوريا، منذ ما قبل زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى روسيا الشهر الماضي، ولقاءه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وصولاً الى الأيام الحالية، التي لا يخلو يوم يمر عليها من دون حصول حدث أمني، أو اشتباك بين الجماعات المسلحة أو استهداف للقوات التركية.
ولمدينة إدلب التي تقع في شمال غرب سوريا، أهمية كبرى واستراتيجية، فهي واحدة من آخر معاقل التنظيمات الإرهابية. كما أنها تتمتع بموقع استراتيجي لقربها من محافظات اللاذقية وحماة وحلب.
وتعتبر الدولة السورية (من خلفها إيران) وتركيا وروسيا، هي الأطراف الثلاثة الرئيسية في واقع هذه المحافظة ومستقبلها. ومن أجل حل الأزمة فيها تم عقد العديد من الاتفاقيات بين هذه الأطراف، منها اتفاقية أستانا في أيلول 2017، التي وعلى الرغم من أنها تمكنت من إدارة الصراع، إلا أن الخلافات عادت من جديد في العام 2019.
أهمية طرق العبور السورية السريعة ودور إدلب
أعطى عبور الطريقين السريعين M4 و M5 بالقرب من إدلب، أهمية استراتيجيةً لها. خاصة وأن طريق M5 الدولي البالغ طوله 474 كم، يبدأ من حلب ويصلها بالعاصمة دمشق وصولاً الى الحدود الأردنية السورية.
كما تقع معظم مناطق الحيوية في سوريا، من بنية تحتية وصناعية وعمرانية وتجارية، على طول هذا الطريق السريع. لذلك فإن الجهة التي تسيطر على هذا الطريق، ستكون قادرة على التحكم في تدفق التجارة بين المدينتين الاستراتيجيتين دمشق وحلب.
مع الإشارة هنا، الى أن الإيرادات السنوية السورية من تجارة الترانزيت التي تمر على الطريق السريع كانت قيل نشوب الحرب في العام 2011 تقدر بحوالي 3 مليار دولار.
أما الطريق السريع M4 فيبدأ من مدينة اللاذقية باتجاه مدينة إدلب، حيث يتقاطع مع الطريق السريع M5 في مدينة سراقب. ومنها يتم نقل البضائع الى تركيا عبر معبر باب الهوى الحدودي، الذي يمر عبره حوالي 4500 شاحنة بضائع تجارية شهرياً.
المصالح التركية في إدلب
تشترك إدلب بحدود طولها 130 كيلومترًا مع محافظة “هاتاي” التركية. ما مكن الحكومة التركية من الحصول على نفوذ كبير فيها. بسبب طول الحدود من جهة وتحكمها بحركة إمداد ودعم التنظيمات الإرهابية المختلفة من جهة أخرى.
كما لم تكتفي تركيا بهذا النفوذ فقط، بل قامت بإرسال نحو 15 ألف جندي الى هذه المنطقة ونشرتهم في قواعد وأبراج مراقبة. كما أنها تخطط لإنشاء منطقة عازلة في المنطقة الحدودية، كي تأوي النازحين لديها، الذين يقدر عددهم بأكثر من 3.5 مليون لاجئ. وتعتبر حكومة أنقرة أن الطريقين السريعين M4 و M5 هما بمثابة خط أحمر يفصل بين التنظيمات الإرهابية والحكومة السورية. فإن أي تقدم للجيش السوري في هذه المنطقة، سيعرض وجودها ووجود هذه التنظيمات للخطر، وسيفشل مشروعها الكبير بتحويل إدلب الى منطقة ذات حكم ذاتي، تمتع فيها بكل وسائل النفوذ والسيطرة.
لذلك وفي ظل المتغيرات الكبيرة في منطقتنا، وما يحكى عن تحضيرات تركية ضد قوات قسد الكردية في الشمال السوري. لن تبقى إدلب رهينة هذا الجمود، بل هناك احتمال كبير لأن يوجه إليها حملة عسكرية من قبل سوريا وحلفاءها، خاصة مع تشديد الرئيس بشار الأسد التزامه، بأن جيش البلاد سيستمر في معركة التحرير، حتى طرد الجيوش الأجنبية (وعلى رأسهم الجيش التركي) والقضاء على كل التنظيمات الإرهابية.
الكاتب: الخنادق