الحدث

انتخابات «الربيع الساخن» : المعركة المسيحية «أمّ المعارك»!!!

محمد بلوط- الديار

ما هي حسابات «الوطني الحرّ» و«القوات»… واين هي القوة الثالثة؟

الاحداث والتطورات الاخيرة طرحت تساؤلات حول مصير الانتخابات، خصوصا اذا تفاقمت حدة التوترات السياسية وتداعياتها على الارض . لكن مسارعة مجلس النواب الى حسم «العدّة التشريعية» لاجراء الانتخابات في ٢٧ اذار المقبل ومشاركة المغتربين على الطريقة التي اعتمدت في الانتخابات السابقة، عززت الاعتقاد بان هناك ارادة داخلية لاجراء هذا الاستحقاق في موعده.

وفي الاعتقاد، ان هناك مؤشرات وعناصر عديدة ترجح اجراء الانتخابات، ابرزها الضغوط الدولية التي تربط مساعدة لبنان بهذا الاستحقاق، والضغوط الداخلية الناجمة عن تداعيات الازمة وما احدثته انتفاضة ١٧ تشرين من اهتزاز عام بالطبقة السياسية، وقد يكون هذا هو الانجاز الوحيد للانتفاضة، وكذلك رغبة القوى السياسية او معظمها في تأكيد وتجديد حضورها ونفوذها بعد التشكيك في قوتها بفعل تأثير الانتفاضة الشعبية. وهناك ايضا جماعات المجتمع المدني والجهات السياسية الناشطة يسارا ويمينا التي تضغط لاجراء الانتخابات وتعتقد انها ستحقق فيها نتائج ومكاسب.

ووفقا لقراءة الاوساط المراقبة، فان المعركة النيابية ستكون شديدة في المناطق والدوائر ذات الاكثرية المسيحية. اما الدوائر ذات الاكثرية الشيعية، فانها لن تشهد تغييرا، ومرشحة ان تبقى للثنائي «امل» وحزب الله كما حصل في السابق. ويخيم جو من الضبابية على الدوائر ذات الثقل السني رغم استمرار «تيار المستقبل» القوة الاساسية فيها. ويعود هذا الى بروز منافسين من اهل البيت الى جانب حضور الفريق السني القوي الآخر من ٨ آذار الذي حقق نتائج مهمة في الانتخابات الماضية.

ولذلك، تتجه الانظار الى الساحة المسيحية واجوائها على اعتاب الدخول في المناخ الانتخابي، والى القوتين الرئيسيتين في هذه الساحة: التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية.

تذهب القوات الى الانتخابات النيابية واثقة من زيادة مقاعدها في المجلس بنسبة كبيرة على حساب التيار الوطني الحر الذي تعتقد، حسب مصادر نيابية في كتلتها، سيخسر نصف مقاعده بعد تراجع شعبيته بشكل مضطرد في الاشهر الاخيرة.

وتقلل المصادر من تأثير فئة من جماعات المجتمع المدني وقدرتها على تحقيق نتائج ملحوظة في الانتخابات، معتبرة ان فئة اخرى تلتقي مع «القوات» في كثير من الطروحات والمواقف، ولا تستبعد ان تكون في صفها وتقترع لصالحها في الانتخابات، اذا رأت ان مثل هذا الخيار هو الاكثر نجاعة لتحقيق اهدافها.

وبرأي المصادر ان هناك فريقا آخر من المجموعات المدنية على تعاون مع حزب الكتائب، ويسعيان لتحالف انتخابي، وهذا حق طبيعي لهم في اطار اللعبة الديمقراطية والاحتكام الى صندوق الاقتراع، لكنها تتجنب الحديث عن قوة وتأثير هذا التحالف، مشيرة في الوقت نفسه الى ان انتشاره يتركز في مناطق معينة دون سواها.

ولا تخفي المصادر اظهار ثقة زائدة بالنفس بتزايد رصيد «القوات» الشعبي، معتبرة ان الاحداث والتطورات منذ «ثورة ١٧ تشرين» برهنت صحة منهجية «القوات» وقدرتها على تعزيز حضورها، رغم ما تصفه بالحملات التي تعرضت لها يمينا وشمالا.

ورغم هذه الثقة الزائدة عند المصادر «القواتية»، الا انها لا تخفي حذرها من حصول تطورات ومتغيرات من الان حتى موعد الانتخابات، معترفة ان الساحة اللبنانية هي رمال متحركة يمكن ان تنزل فريقا وترفع آخر، لكنها تستدرك قائلة « لا نعتقد اننا سنواجه انقلابا دراميتيكيا في الاحجام، فنحن نعتقد اننا اليوم الاقوى على الساحة».

وفي المقابل، ترى مصادر نيابية في التيار الوطني الحر انه ليست المرة الاولى تخطىء القوات في الحسابات، ففي الانتخابات الاخيرة كانت تروج لتراجع شعبية التيار، لكنها فوجئت بالنتائج بحيث نجحنا في الفوز باكبر كتلة نيابية وبتحقيق نتائج مهمة على الصعيد الشعبي في الساحة المسيحية، رغم الصغوط التي تعرضنا لها على غير مستوى.

وتعتقد المصادر ان ما جرى منذ ١٧ تشرين احدث تأثيرا على مختلف الاحزاب والتيارات السياسية ومنهم التيار بنسبة اكثر من غيره، لتعرّضه الى حملة كبيرة من فئات عديدة من مجموعات المجتمع المدني وجهات سياسية، خصوصا ان هذه الحملة تركزت على العهد ورئيس الجمهورية لاهداف لم تعد مجهولة او مستورة. ومع ذلك، فان هذه الضغوط والحملات لم تنل من التيار وحضوره الشعبي، بدليل الالتفاف ونجاحنا في تسجيل ارقام مشهودة في المهرجانات والاحتفالات والمسيرات التي نظمها او دعا اليها التيار بمناسبات عديدة كان آخرها ذكرى ١٣ تشرين، بعد يوم على ترهات رئيس القوات سمير جعجع ومزحته السمجة بتجاهل قوة شباب التيار وجمهوره بوجه عام .

وباعتقاد مصادر التيار ان اعادة تزخيم نشاط قواعده وانصاره مؤخرا اظهرت تجاوبا جيدا، وان التحضيرات للمعركة الانتخابية بدأت بوتيرة ملحوظة، وتؤشر الى التفاف شعبي جيد في المناطق المسيحية حول طروحات التيار وتوجهاته.

وبرأي المصادر ان التطورات والوقائع منذ ١٧ تشرين اكدت عدم صحة رهانات البعض على اضعاف التيار ومحاصرته، وان محاولة البعض ركوب موجة «الثورة» باءت بالفشل، وانكشفت بعد ان تراجعت وتلاشت محاولات تحريض مجموعات محدودة ومعروفة لا تعبر اصلا عن انتفاضة الشعب على العهد والتيار.

وبغض النظر عن صحة وجهة نظر هذا الطرف ام ذاك، فان المعركة الانتخابية المقبلة ستتركز بشكل اكبر في الشارع المسيحي، وان المنافسة ستكون حادة وشديدة بين التيار والقوات . اما الفريق الثالث الذي يمثل مجموعات من المجتمع المدني وحزب الكتائب فانه يسعى الى تحقيق خروقات في بعض الدوائر، مع العلم ان تأثيره في المتن تستند الى القاعدة التقليدية للكتائب التي طالما كانت العمود الفقري لقوة الحزب النيابية.

ويدور حديث عن محاولات لعقد تحالفات بين الكتائب وبعض مجموعات المجتمع المدني التي تلتقي معه من جهة، والقوات اللبنانية من جهة اخرى، تحت عناوين السيادة والحياد ومظلة مواقف بكركي الاخيرة، لكن مصادر مطلعة تستبعد حصول ذلك لاسباب عديدة ابرزها: الخلاف القواتي – الكتائبي الذي اخذ منحى تصاعديا في السنتين الاخيرتين، بالاضافة الى الخلاف على الحصص والترشيحات في مختلف الدوائر، لكنها تشير في الوقت نفسه الى ان هذه المحاولات مستمرة بتشجيع من جهات خارجية، وانه في حال تعذر او فشل التحالف الانتخابي الواسع يجري العمل على تحالفات ب «المفرق» في المتن وبيروت وكسروان .

وفي حال نجحت هذه التحالفات الجزئية، فان فريق المجتمع المدني او الذين انشقوا عن تكتل التيار الوطني الحر سيكونون في موقف محرج، فاما يذهبون الى القوة الثالثة، واما ينقسمون فيذهب بعضهم الى تشكيل لائحة منافسة، وينضم الآخر الى لائحة القوات .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى