تحقيقات - ملفات

متى تندلع شرارة الحرب المصرية الإثيوبية؟

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

يقترب الوضع العالمي الراهن من الانزلاق تدريجياً نحو الفوضى.

قررت جمهورية صربيا (كجزء من البوسنة والهرسك) إعادة إنشاء جيشها الخاص. من جانبها بدأت سلطات جمهورية كوسوفو غير المعترف بها باتخاذ إجراءات قمعية ضد الصرب في الجيوب الموجودة شمال البلاد، بعدها نقلت صربيا قواتها إلى الحدود مع كوسوفو.

في أفغانستان، وبعد هروب القوات الأمريكية، لا يعم الاستقرار في البلاد، بينما بدأ حشد قوات طالبان وطاجيكستان على جانبي الحدود المشتركة بين البلدين.

أوكرانيا تعود مرة أخرى إلى التصعيد وقصف جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك غير الخاضعين لسيطرة كييف، على الرغم من استعداد روسيا الواضح، هذا الربيع، لحل أي نزاع عسكري محتمل بالقضاء على الدولة الأوكرانية.

أزمة وقود تندلع في بريطانيا، وتوقفت السيارات من دون وقود. لم تقم أوروبا بتخزين احتياطات كافية من الغاز قبل الشتاء، ونتيجة لذلك ارتفعت أسعار الغاز بشكل كبير، إلى جانب احتمال حدوث حالات طوارئ في الشتاء.

في وقت سابق، هزمت أذربيجان قرة باغ.

الولايات المتحدة الأمريكية جنباً إلى جنب مع بريطانيا، “يبصقان” في وجه حليفتهما في الناتو، فرنسا، وتلغيان عقود الغواصات النووية، في الوقت الذي تقومان فيه مع أستراليا بإنشاء تحالف عسكري مناهض للصين. بالتزامن لا تزال التوترات تتصاعد حول تايوان، ما أدى إلى تكثيف التدريب العسكري لجنود الاحتياط.

في الصين، هناك نقص حاد في الفحم والكهرباء، بينما فرضت أكثر من نصف المحافظات، بما في ذلك العاصمة، قيوداً على إمدادات الكهرباء.

في ظل هذه الخلفية، تخلّفت شركة “إيفيرغراند”، أكبر شركة للتطوير العقاري في الصين، عن سداد ديونها بقيمة 305 مليارات دولار (على سبيل المقارنة، يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لمصر 361 مليار دولار)، وهو ما يهدد ببدء سلسلة من ردود الفعل من جانب أسواق الأوراق المالية المتراجعة أصلاً، والإفلاس الهائل في جميع أنحاء العالم، وهو ما ينذر بانهيار النظام الاقتصادي العالمي.

أخيراً، يحتدم الصراع بين مصر والسودان من ناحية، وإثيوبيا من ناحية أخرى، حول قضية سد النهضة، بينما تحوم الشكوك حول إمكانية التوصل إلى حلول وسط بهذا الشأن.

يعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً، وكوميديا “رشاغيت”، ومذابح “حياة السود مهمة”، وأخيراً الهروب من أفغانستان، تجسيداً واضحاً لأفول نجم الولايات المتحدة الأمريكية.

تلخيصاً لما سبق:

  • هناك انهيار في التحالفات القديمة، بما في ذلك حلف شمال الأطلسي، وتعزيز متعجّل لحلف أنغلوساكسوني متوحّد يقترب بتسارع نحو الصراع العسكري مع الصين.
  • تقليص نشاط السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية على خلفية المشكلات الداخلية أدى إلى خلق فراغ في السلطة حول العالم، ما أدى إلى تفريغ عدد من الصراعات الإقليمية.
  • تقترب الأزمة الاقتصادية العالمية من ذروتها بينما تبدو كبرى البنوك المركزية في الغرب هذه المرة محدودة في قدرتها على منع انهيار النظام الاقتصادي العالمي، بعد أن استنفدت كافة “الحيل” من خفض لسعر الفائدة والتيسير الكمّي، لذلك بدأ التضخم العالمي في النمو.
  • أصبح الوضع الاقتصادي العالمي، والذي تفاقم بسبب وباء “كوفيد-19” والحجر الصحي، مرشحاً بقوة للتدهور أكثر في الأشهر المقبلة، إلى حد الكوارث الإنسانية في بعض البلدان والمناطق بعينها. وربما تندلع في السنوات القليلة، وحتى في الأشهر المقبلة، اضطرابات وثورات في عدد من بلدان العالم.

من المعروف أن “الانتصار في حرب صغيرة” أو أي تهديد خارجي بشكل عام هما أداة ممتازة لتوحيد المجتمع/الجبهة الداخلية حول الحكومة الحالية.

لهذا، وفي حالة حدوث كارثة اجتماعية محتملة للغاية في السنوات القليلة المقبلة، وفي غياب القيود الخارجية ممثلة في الولايات المتحدة الأمريكية، قد تكون تلك الأداة هي الوسيلة الأولى والمفضلة لعدد من الحكومات في بداية الصراعات العسكرية، خاصة مع خصم أضعف.

ومع الوضع في الاعتبار أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي في مصر، خلال العام أو العامين المقبلين، لديه كل الفرص للتدهور بشكل حاد، فمن المستحيل التكهّن بما إذا كان الاشتباك العسكري المصري الإثيوبي سيحدث بالفعل أم لا. إلا أن كل الظروف في العامين المقبلين، بل حتى في الأشهر المقبلة، سوف تكون سانحة لذلك.

 

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى