7 مصارف لبنانيّة متورّطة بـ”القرض الحسن”: متى العقوبات الأميركيّة؟
المصدر: أساس ميديا
يُظهر تقرير نشره باحثون ماليّون في “مؤسسة الدفاع عن الحريات” في واشنطن، أنّ العقوبات الجديدة التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية على مسؤولين ماليين يديرون “مؤسسة القرض الحسن”، التي تبيّن أنّها “الذراع المالية لحزب الله”، جاءت نتيجة ملاحقات على امتداد عدّة سنوات لوظائف ونشاطات تلك المؤسسة التي ورّطت معها 7 بنوك لبنانية.
وتكشف الوثائق، التي حصلت عليها مجموعة قرصنة مجهولة، تسمّى “Spider Z”، في كانون الأول 2020، أنّ المودعين هم بطبيعة الحال مواطنون لبنانيون عاديون، يتضرّرون من الأعمال المشبوهة لهذه المؤسسة، التي تعمل لمصلحة مودعين ومؤسسات إيرانية، بالإضافة الى كوادر حزب الله وشبكاته.
ظهر “جمّال ترست” على رأس البنوك التي لحقتها العقوبات، لأنّ مسؤولي “القرض الحسن”، وهم يعرِّفون أنفسهم، كما يوضح التقرير، كشفوا بوضوح للبنك أنّهم أعضاء بارزون في الحزب. ثم قام “جمّال ترست” بتسهيل استخدام هذه الحسابات لممارسة الأعمال التجارية نيابة عن “القرض الحسن”.
ويقول الباحث طوني بدران، الذي ساهم في إعداد جزء يسير من التقرير، إنّ “مؤسسة القرض الحسن لم تفتح حسابات مؤسسية، بل حسابات شخصية مملوكة لموظّفيها، فتواطأ البنك مع المؤسسة في التحايل على العقوبات الأميركية. وهذا ما زعمه عادل منصور، المدير التنفيذي لـ”مؤسسة القرض الحسن”، بقوله عام 2019 إنّ الجمعية لا تملك حسابات خارجية ولا علاقة لها بالبنوك”.
وأورت الوثائق المخترقة أسماء خمسة من موظفي المؤسسة، هم عزت عكر، مصطفى حرب، عباس غريب، أحمد يزبك، وحسن عثمان. وكان هؤلاء يملكون حسابات في “القرض الحسن”، كما في العديد من البنوك، بما فيها “جمّال ترست”. وتشمل الوثائق مراسلات بين الموظفين الخمسة والمديرين في البنوك المذكورة. وهذا يثير السؤال: هل كانت البنوك اللبنانية الأخرى أيضاً قنوات تحويل أموال لصالح المؤسسة؟
في رسائل غير مؤرّخة إلى مديري فروع بنك SGBL في لبنان، طلب الموظّفون الخمسة من مديريْن في فرعيْن حسم مبالغ مختلفة من حساباتهم وإيداعها لأطراف ثالثة، إما نقداً وإمّا شيكاً مصرفياً. وبلغت قيمة أوامر الدفع 1.727.122 ليرة لبنانية (حوالي 1.150 دولاراً أميركياً في ذلك الوقت)، و15.158.50 دولاراً، في مراسلات منفصلة إلى فرع برج البراجنة. وأظهرت الوثائق طلب دفع آخر بقيمة 115 ألف دولار أميركي.
وتكشف الوثائق أيضاً عدداً كبيراً من أصحاب حسابات” القرض الحسن” المقيمين خارج لبنان، خصوصاص في إفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية وكندا ودول أميركا اللاتينية والعراق ودول الخليج وأوستراليا. الأمر الذي يفسّره الخبراء، بوضوح، بكون هذه المؤسسة تعمل قناةً لغسل الأموال.
يدفع ما تقدّم إلى طرح سؤال جديد:
هل تطول العقوبات الأميركية البنوك المتعاملة مع مؤسسة القرض الحسن؟
يجيب التقرير أنّ المؤسسة، بصفتها كياناً خاضعاً للعقوبات، يجب حرمانها من قدرة النفاذ المباشر إلى النظام المالي الدولي. وإنّ تأكيد مدير المؤسسة، أنّ الجمعية ليست لديها “حسابات خارجية”، هو أمر صحيح من الناحية الفنية. ومع ذلك، تقيم البنوك اللبنانية، التي تحتفظ بحسابات لموظفي” القرض الحسن”، علاقات مراسلة مع البنوك الدولية. لذلك تتمكّن آلية الحوالة، التي أنشأتها “مؤسسة القرض الحسن”، من تحويل الأموال من وإلى المؤسسات المالية الخارجية. لكنّ الوثائق المُختَرَقَة لا توضح إذا كانت جميع البنوك تعلم أنّ هذه الحسابات كانت تستخدم لمصلحة حزب الله أم لا.
يمكِّن هذا التمويهُ أيَّ شخص خارج لبنان من إرسال تحويلات مالية إلكترونية بالدولار الأميركي إلى حساب “مؤسسة القرض الحسن”، عن طريق إرسال الأموال إلى أيّ بنك لبناني يتعامل معه. والعكس ينطبق على أيّ مقيم داخل لبنان يريد أن يحوِّل أموالاً إلى الخارج. بعد ذلك، يصدر البنك تعليمات بتحويل الأموال الى المتلقّي النهائي.
باختصار، تُشغِّل البنوك اللبنانية آليّةَ تمرير بشكل فعّال، ما يسمح لأصحاب حسابات “القرض الحسن” بإجراء أنشطة مصرفية خفيّة مع النظام المصرفي الدولي، وذلك لمصلحة حزب الله.
لكنّ الجديد أنّ وزارة الخزانة الأميركية قد أعلنت في بيان صحافي، أنّ “الخزانة تصنّف البنوك، التي تقدّم خدمات مالية لحزب الله، سواء عن قصد أوعن غير قصد، ضمن لائحة العقوبات”.
ووُصِفت هذه البنوك اللبنانية بـ”نجم الموت”، الذي يذكّر بسلاح دمار شامل في الخيال العلمي، وسلّطه الحزب على النظام المالي العالمي، وبات يشكّل اليوم تحدّياً كبيراً لمن يريدون مكافحة غسل الأموال ومحاربة تمويل الإرهاب، بحسب واشنطن.
في المقابل، أصدرت بعض البنوك المتورّطة، مثل SGBL، وبنك بيبلوس، وCrédit Libanais، بيانات عامّة تنكر أنّ لديها حسابات “باسم القرض الحسن”.
هذا الواقع الشائك، الذي كشف بدران ثغراته من خلال موقف الخزانة الأميركية، التي لا تزال تميّز بين المصارف ومؤسسات الحزب، يبيّن أنّ المشكلة تكمن في تسهيل تحويل الأموال أمام حزب الله. والمفاجىء في هذا المجال أنّ “الخزانة” تتجنّب تفعيل عقوبات على النظام المصرفي اللبناني لأنّ ذلك “قد يؤدّي إلى انهياره”، فيما واقع الحال يشير إلى أنّه انهار بالفعل.