كفّ يد القاضي بيطار.. خطوة ناقصة أمام المجتمع الدولي؟!…
سفير الشمال- رنا البايع
ترتكب المنظومة يوميا خطايا مميتة في حق شعب ذاق الأمرين خلال هذين العامين، كأنها تنتقم برويّة وبدم بارد من كل من سوّلت له نفسه المطالبة بمحاسبتها واسقاطها.
فبعد تعطيل قرار رفع الحصانات من قبل بعض النواب، ورفض عدد من المسؤولين الامتثال أمام التحقيق، يأتي قرار كفّ يد القاضي طارق البيطار، المقدم من الوزير السابق نهاد المشنوق، في قضية جريمة المرفأ، ليضيف خطيئة أخرى الى سجل هذه السلطة المتسلحة بالقانون “الأعوج” (المادتين 70 و71 من الدستور).
وعلى الرغم مما رشح في الايام السابقة عن توجه الى اتخاذ هذه الخطوة، الا ان الخبر الرسمي بحدّ ذاته اثار موجة غضب واستنكار لعدالة وحقيقة تسرقان “على عينك يا تاجر”، لا سيما في صفوف أهالي ضحايا جريمة المرفأ الذين ما زال جرحهم ينزف دما ومهما جارت عليهم السلطة لن يتعودوا على انتصار الظلم…
فالسلطة “المزروكة” أمام المجتمع الدولي، المطالَبة باصلاحات مقابل المساعدات، والتي يجب ان تحافظ على “low profile” اقلّه دوليا لتنال مبتغاها من دعم يعوّمها، نجدها على عكس المطلوب والمنطق تستمر في معالجاتها الملتوية لكل الملفات لا سيما تلك التي قد تكشف عن تورط أزلامها، وما زالت لا تخجل من ابتكار طرق لعرقلة الحقائق وتتفنن بالتعتيم على الفساد المستشري في صفوفها…
وكان الوزير نهاد المشنوق تقدم في 24 ايلول من خلال وكيله المحامي نعوم فرح، بطلب امام محكمة الاستئناف في بيروت لردّ القاضي بيطار وتعيين محقق عدلي اخر. وتبلّغ القاضي طارق البيطار طلب رده عن تحقيقات المرفأ وقد تم الغاء الجلسات التي كانت مقررة لاستجواب العميدين كميل ضاهر وغسان غرز الدين.
هذا الاستعجال في بت القرار بسرعة قياسية بانتظار قرار محكمة الاستئناف، فيما ملفات كثيرة وقضايا تنام قريرة العين في ادراج القضاء يدفع الى جملة تساؤلات:
هل في الامر تصفية حسابات شخصية مع البيطار لا سيما بعد تأكيد الاخير تلقيه تهديدات؟
هل فعلا اقترب القاضي بيطار من الحقيقة، التي يبدو انها ستطيح برؤوس كبيرة، من خلال كشف هوية الذي أدخل النيترات الى لبنان ومن حماه وكيفية حصول التفجير، فتقرر كف يده؟.
هل هناك تخوّف من أن تذهب كل تحقيقاته سدى بتعيين مُحقّق عدلي جديد؟
وهل الهدف من القرار المستعجل “وضع العصي” في عجلات قطار جهود الحكومة الجديدة التي ستجد نفسها محرجة أمام مجتمع دولي يولي العدالة والقضاء أهمية قصوى؟
وكيف سيترجم المجتمع الدولي ردة فعله على الرغم من حساسية القضية؟
هذه الخطوة الناقصة هي تظهير مصغّر للاشتباك السياسي من خلال الباب القضائي، ولن تمرّ هذه الخطيئة من خلف ردار المجتمع الدولي الذي يراقب ويترقب من خلال سفاراته وزيارات مسؤوليه، وهو الممسك اليوم برقاب اقتصادنا المنهار ويضع شروطه من اجل المساعدة.
يبقى السؤال الذي حيّر المجتمع المحلي والدولي: كيف السبيل الى كفّ يد السلطة الفاسدة عن رقبة قضائنا؟..
وهل تنتصر الحصانات؟..