يديعوت أحرنوت: إلى متى ستبقى إسرائيل تتلقى الصدقات من واشنطن؟
وافق الكونغرس على مشروع قانون يقضي بتمويل كيان الاحتلال بـ 1 مليار دولار من أجل إعادة تهيئة وتطوير منظومة القبة الحديدية. وتم ارساله لمجلس الشيوخ للتصويت عليه في وقت اللاحق. غير أن اللافت كان الغاء الكونغرس نفسه قبل يومين بنداً يتعلق بتمويل القبة “من اجل استمرار عمل الحكومة الفيدرالية حتى نهاية العام”. هذا الخلاف انعكس أيضاً في “إسرائيل” التي باتت ترى دعم واشنطن لها رهن مصالح الأخيرة وقد يصل الأمر إلى مصادرة قرارها في الحرب والعمليات العسكرية، وهذا ما ترجم في الآونة الأخيرة وما يرتبط بالاتفاق النووي والاتفاقيات التي تنعقد مع روسيا في سوريا…
صحيفة يديعوت أحرنوت أشارت في مقال لها إلى ان “إسرائيل قد تباهت لسنوات بأنها موضوع وطني عام، بمعنى أنها تنال التأييد من جانبي الخريطة السياسية في أمريكا. ولكن منذ أكثر من عقد لم يعد هذا الأمر موضوعاً وطنياً عاماً”. وقد طرحت سؤالاً يشغل الأوساط العسكرية الإسرائيلية حد القلق هو “لماذا ينبغي لدولة تنتج بمقدار تريليون ونصف شيكل في السنة وميزانية أمن بأكثر من 80 مليار شيكل أن تواصل تلقي صدقة من خلف البحر؟”.
النص المترجم:
في نهاية المطاف يفترض أن يجيز الكونغرس الأمريكي علاوة مساعدة لإسرائيل لتمويل صواريخ الاعتراض الخاصة بالقبة الحديدية، والمليار دولار الموعودة ستصل بالفعل.
وسيجعل حياته سهلة كل من ينهي هذه القضية تحت عنوان “المتطرفون في الحزب الديمقراطي يستعرضون العضلات”، أو “هذه بقايا أضرار نتنياهو”، كما جاء في بيان مكتب وزير الخارجية يئير لبيد.
نتنياهو ألحق بالفعل إضراراً جسيماً بعلاقات إسرائيل مع الساحة السياسية الأمريكية، المشلولة منذ زمن بعيد. لقد تباهت إسرائيل لسنوات بأنها موضوع وطني عام، بمعنى أنها تنال التأييد من جانبي الخريطة السياسية في أمريكا. ولكن منذ أكثر من عقد لم يعد هذا الأمر موضوعاً وطنياً عاماً. وإذا ما وصلنا إلى أن تكون الإدارة مشلولة بغياب إجماع على الميزانية، أو بوضع قناع على الوجه لانشقاق سياسي، فما بالك أن تكون إسرائيل هكذا.
في هذا المعمعان سار نتنياهو بقدم فظة بنعل متحيز على نحو متطرف للحزب الجمهوري. ولم يبدأ بموضوع إيران في خطابه داخل الكونغرس. قد نسجل وليمة احتفالية عقدها للمرشح الجمهوري ميت روماني في 2012، ناهيك عن شلدون أدلسون الرجل الذي تبرع أكثر من الأخرين مجتمعين للمرشحين الذين عارضوا أوباما، وكان هو السيد المعلن لبيبي.
الخطاب ذاته اعتبر كتدخل غير مقبول لرئيس دولة صديقة تتمتع بمساعدة مالية ثابتة تفوق كل ما تحوله الولايات المتحدة لكل باقي دول العالم في موضوع مركزي في السياسة الخارجية الأمريكية. وهكذا يكون نتنياهو قد ألحق ضرراً شديداً بعلاقات إسرائيل مع الحزب الديمقراطي وليس أقل من هذا مع يهود الولايات المتحدة الذين يؤيدون الديمقراطية بمعظمهم.
ليس بيبي وحده، ولا ما يسمى “الجناح التقدمي” في الحزب الديمقراطي وحده أيضاً، هم الذين يسهل علينا اتهامهم بكراهية إسرائيل. قبل الانتخابات الأخيرة في الولايات المتحدة، طلبت مني منظمة يهودية بارزة إجراء محادثة “زووم” مع مئات من المندوبين الديمقراطيين، بمن فيهم أعضاء كونغرس من التيار المركزي للحزب. وكانت في الأجواء مسألة ضم مناطق في “يهودا والسامرة”، وكان في أوساط الديمقراطيين نقاش يقظ حول ما إذا كان ينبغي أن يظهر في برنامج الحزب السياسي ربط الضم بسحب أموال المساعدة العسكرية التي تتلقاها إسرائيل. هذا لم يحصل – لا ربط، وشكراً للرب ولجاريد كوشنر ولا الضم أيضاً – وهذا مثال على أن الحديث يدور عن شيء ما أكثر اتساعاً بكثير، لا يتغير حتى عندما يُستقبل رئيس الوزراء الحالي بود في البيت الأبيض.
في أوساط دوائر واسعة من الحزب الحاكم الحالي في الولايات المتحدة، وكذا في أوساط قسم غير صغير من يهود الولايات المتحدة وأساساً الجيل الشاب منهم، لم تعد إسرائيل منذ زمن بعيد تتماثل مع الشعب الصغير، الشجاع والمحوط بالأعداء، الذي يقيم الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط.
بنظرهم، إسرائيل هي الدولة الغربية الوحيدة التي تبقي شعباً كاملاً تحت الاحتلال، وهي تفعل ذلك بينما تغذى بنحو 4 مليار دولار من أموال دافع الضرائب الأمريكي. بالنسبة لهم، المسافة بين “Black lives matter” وبين “Palestinian lives matter” أقصر بكثير مما نحن مستعدون بالاعتراف به.
ليس لإدارة بايدن اهتمام كبير بالشرق الأوسط مثلما فهم أيضاً من خطاب الرئيس الأمريكي في الأمم المتحدة. ولكن الحكومة الحالية التي قامت على أساس توافق على ألا تعمل شيئاً في الموضوع الفلسطيني، ينبغي لها أن تعرف أنه “حسناً، ولكننا على الأقل، لسنا بيبي” لا تكفي. لا للمواضيع الداخلية عندنا، ولا تجاه أمريكا أيضاً.
والمساعدة نفسها؟ ذات يوم سيتعين علينا أن نبحث مع أنفسنا لماذا ينبغي لدولة تنتج بمقدار تريليون ونصف شيكل في السنة وميزانية أمن بأكثر من 80 مليار شيكل أن تواصل تلقي صدقة من خلف البحر. طالما ظللنا نأخذها، ونقيم عليها الدفاع الفاعل عن مواطني إسرائيل ومعظم العناصر الأساسية التي نشتريها، يجدر بنا أن نكون منصتين جداً لما يحصل في الكونغرس. ففي وقت ما حتى ذريعة بيبي أيضاً ستنتهي.
المصدر: يديعوت احرنوت
الكاتب: عوفر شيلح