صحيفة تكشف البُعد الخفي لـ “اتفاق أبراهام”.. لهذا السبب دفعت أمريكا الإمارات دفعاً للتطبيع مع اسرائيل.
كشفت صحيفة الأخبار اللبنانية في تقرير لها عن البعد الخفي وراء اتفاقية التطبيع بين الإمارات و كيان العدو الصهيوني.
وابرزت الصحيفة السبب الخفي الذي من اجله دفع ترامب بأبناء زايد دفعاً للتطبيع السريع مع كيان الإحتلال و إقامة علاقات اقتصادية معه لقطع الطريق على العدو البعيد القريب لأمريكا في المنطقة.
فإضافة إلى الأهداف المعروفة لـ”اتفاق أبراهام” بين الإمارات والكيان الصهيوني، وأبرزها إنشاء حلف يضمّ إسرائيل وعدداً من الأنظمة الخليجية والعربية لمواجهة محور المقاومة وفي القلب منه إيران، فإن هدفاً آخر، لا يقلّ أهمية من منظور الراعي الأميركي، ولم يلْقَ الاهتمام الواجب في وسائل الإعلام و مراكز الأبحاث وهو التصدّي لتمدّد النفوذ الصيني داخل الكيان الصهيوني وفي الإقليم.
تقول الصحيفة اللبنانية أن “المنافسة الاستراتيجية”، والأصحّ “المواجهة” مع الصين بالنسبة إلى الولايات المتحدة، غير محصورة في الجوار المباشر للأولى فقط، بل تتعدّاه لتشمل بقاعاً مختلفة من العالم، خاصة تلك التي تحسبها واشنطن مناطق نفوذ “حصرية” لها.
واشنطن باتت تسعى رسمياً للحدّ من نموّ العلاقات الاقتصادية والتجارية بين بكين وبين هذه البلدان، خاصةً في ميادين قد تُوفّر فرصاً للصين للحصول على التكنولوجيا المتطوّرة، أو للدخول إلى قطاعات حيوية ذات أهمية أمنية وعسكرية. وقد سبق الإشارة إلى التطوّر الكبير في العلاقات بين الطرفين، والضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة لوقفه.
المؤسّسة العسكرية والأمنية الصهيونية كانت أوّل المتجاوبين مع هذه الضغوط انطلاقاً من حرصها على متانة التحالف العضوي مع واشنطن، لكنّ أصواتاً كثيرة في أوساط الأعمال، المؤثرة أيضاً على المستوى السياسي في الكيان، اعترضت عليها ورأت فيها إضراراً بالمصالح الإسرائيلية عبر حرمانها من القدرات الاستثمارية الصينية الهائلة، وشبه الاستثنائية مقارنة بقدرات غيرها من الدول. غير أن “الأمّ الحنون” لإسرائيل، أي الولايات المتحدة، التي لا تُفوّت مناسبة لتأكيد حرصها على مصالحها و”تفوّقها الاستراتيجي”، اعتبرت أنها معنيّة بإيجاد بديل لابنتها المدلّلة، أي استثمارات إماراتية وخليجية في مكان تلك الصينية.
هذا البُعد في “اتفاقية أبراهام” لم يكن ظاهراً للعيان، وستكون له بالضرورة مفاعيل على الشراكات التي تنسجها الصين في منطقتنا.
الحدّ من “التغلغل الصيني”
وتلفت الصحيفة إلى أن “زواج الذكاء اليهودي والرأسمال العربي”، فكرة صهيونية قديمة طرحها الرئيس الأسبق لـ”المؤتمر اليهودي العالمي”، ناحوم غولدمان، في بداية سبعينيات القرن الماضي، وروّج لها ملك المغرب السابق، الحسن الثاني. وهي مثّلت بلا شك إحدى ركائز “اتفاق أبراهام”. غير أن سياق احتدام المواجهة الاستراتيجية الصينية – الأميركية أضاف إليها بعداً جديداً في نظر واشنطن، مرتبطاً بسعيها للتصدّي لما تصفه بالتغلغل الصيني في دول حليفة لها، وفي المقدّمة منها إسرائيل.
واستشهدت الصحيفة بمقال لـ “زولت شيبريجي” -وهو نائب مدير الشؤون الدولية في “مركز أنتال جوزيف للمعرفة” في المجر- بعنوان “كيفية زعزعة اتفاق أبراهام للعلاقات الصينية – الإسرائيلية”، على موقع “ذي ديبلومات”، إلى أن التوتر وصل إلى أوجه بين الولايات المتحدة وإسرائيل بعد قيام الثانية “ببيع مرفأ حيفا إلى مجموعة استثمارية صينية مدعومة من الدولة، شاينا إنترناشيونال بورت غروب، في عام 2015.
هذه العملية مثّلت تهديداً بتوسيع المراقبة الصينية للبحرية الأميركية وحلفائها في شرق المتوسط، الذي يشهد تصاعداً للتنافس بين الاتحاد الأوروبي وتركيا وروسيا والولايات المتحدة وإيران.
وبما أن الأسطول السادس الأميركي يرسو باستمرار في هذا الميناء، فإن تهديداً بالعدول عن ذلك أُبلغ للإسرائيليين نتيجة لإهمالهم الاعتبارات الأمنية وتعاميهم حيال النفوذ الصيني المتعاظم…
بعد توقيع “اتفاق أبراهام” في أيلول 2020، تزايَد التعاون الاقتصادي بين إسرائيل والإمارات بوتيرة مذهلة، وامتدّ ليشمل مجالات كانت قد جذبت الرساميل الصينية، بما فيها شركات التكنولوجيا المتطوّرة والبنى التحتية الحساسة.
وحتى سنوات خلت، كان من غير الوارد أن توافق إسرائيل على امتلاك دولة أجنبية، وعربية بالذات، لمرافئ أو خطوط أنابيب. التغيير الحاصل اليوم يُظهر عمق التحوّلات الجارية في الشرق الأوسط مع دخول الصين إلى الإقليم والتراجع النسبي في النفوذ الأميركي فيه…
أبرز مشروع يعتمد على رساميل إماراتية لتلبية احتياجات إسرائيلية هو ذلك الخاص بتطوير مرفأ حيفا، في الجهة المقابلة للجزء المملوك من قِبَل الصينيين من خليج حيفا.
تعمل شركة دي. بي. وورلد الإماراتية، بالشراكة مع إسرائيلز شيبيارد أندستريز، إحدى أهمّ شركات المجمع الصناعي العسكري الإسرائيلي، على بناء ميناء آمن بالنسبة إلى الأميركيين في هذه العقدة المحورية مستقبلاً للنقل البحري”.
ما ينطبق على إسرائيل سينطبق أيضاً على بقية حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة. فعلاقاتهم بالصين تشهد بدورها نموّاً مستمرّاً، ما يثير حنق واشنطن التي ستحاول الحدّ منه ودفعهم إلى بناء شراكات تنسجم مع أولوياتها الاستراتيجية.
خيارات بديلة للصين
سياسة احتواء الصعود الصيني من قِبَل الولايات المتحدة، والتي ترتفع مستويات حدّتها في السنوات الأخيرة، تُجبر بكين على مراجعة خياراتها.
هي عملت على تطوير شراكات اقتصادية بالمعنى الواسع للكلمة مع جميع دول الإقليم، بمعزل عن خلفياتها الإيديولوجية وتحالفاتها الدولية، في إطار “مشروع الحزام والطريق”، وحقّقت نجاحات أكيدة. كما أنها اتّبعت في الشرق الأوسط سياسة تقوم على الحفاظ على التوازن بين أضلع “المثلّث الاستراتيجي” الذي يضمّ كلّاً من إيران والسعودية وإسرائيل. لكنّ الاحتواء المشار إليه، والذي يتجاوز الانتشار العسكري في جوار الصين، ليصبح مطارداً لنفوذها في أكثر من منطقة وإقليم، وإملاءات على أطراف لفكّ شراكاتهم معها أو الحدّ منها، سيحفّزها على تعزيز شراكات أخرى مع القوى المعادية لواشنطن أو غير المستتبعة من قِبَلها بشكل كامل.
“معاهدة التعاون الاستراتيجي الصينية – الإيرانية” هي خطوة حاسمة في هذا الاتجاه، وكذلك المعلومات التي رشحت عن استعداد صيني للاستثمار في عملية إعادة إعمار سوريا وفي لبنان والعراق، على رغم تباين الظروف في كلّ من هذه البلدان.
ستستخدم الولايات المتحدة وقوى المعسكر الغربي، المذعورة من سرعة صعود الصين، صلاتها الخاصة بـ”حلفائها” في الإقليم في القادم من السنين لمواجهته وصدّه. لكنّ للصين، من جهتها أيضاً، حلفاء “موضوعيين”، متمثّلين في القوى التي لم تتوقّف عن مقاومة هيمنة الغرب على المنطقة منذ عقود طويلة.
المصدر: الأخبار