الحكومة أم الفوضى أم لعنة النظام السياسي ؟
مصباح العلي Misbah Al Ali
لا يأبه من يفت الخبز فوق الشاي والحليب لمصير الحكومة وتطورات الاتصالات السياسية، وجلّ اهتمامه التغلب على مصائبه جوعا وقهرا وذلا.
في المقابل يبدو ان أطرافا سياسية عدة لا تجد نفسها معنية بهذا القهر والذل بقدر انشغالها بتحديد جنس ملائكة الحكومة وشياطينها.
في السابق استغرب ديبلوماسي سابق في بيروت الهرولة صوب الفوضى في نهاية عهد الرئيس امين الجميل ،لكن ما فات هذا الديبلوماسي هو تقدير حجم الاستهتار الحالي وبلوغ الأنانية حدود دفع لبنان نحو الخراب الاخير من أجل المحافظة على سلطة آيلة للسقوط حتما.
من الواضح ان قرار فريق رئيس الجمهورية وتياره المحافظة على الحدود الدنيا للمؤسسات الدستورية والتنفيذية، لا بل الذهاب إلى الفراغ الكامل عند بلوغ عهد عون عامه الاخير . المفارقة في الخطاب السياسي القائم التركيز على إطلاق الوعود في ظل طغيان الطابع الانتخابي، في حين ان لبنان على مشارف السقوط في حال من الفلتان والفوضى لا مثيل لها.
الاستعصاء في تشكيل الحكومة منذ استقالة حكومة حسان دياب مرده حاجة التيار الوطني الحر الى الظفر بالثلث المعطل في الحكومة كتعويض مفترض عن التوقيع الرئاسي، وهذا الامر محط استهجان ورفض من قبل الأطراف الداخلية كما الجهات الخارجية ، ويخوضها النائب جبران باسيل بعد العقوبات الاميركية بصفتها حربا وجودية كونها السبيل المتاح لضمان مستقبله السياسي والشخصي.
لذلك، وفي ظل الرفض العارم لان يتحول فريق سياسي وحده الى شريك حكومي مضارب دون تحمل تبعات السلطة في زمن الانهيارات ، يعمد التيار الوطني الحر إلى الهروب إلى الأمام وخوضها حربا على النظام السياسي بحجة وجود علل في النصوص الدستورية، علما بأن الدفع في هذا الاتجاه قد لا يصب في مصلحة الشعارات المرفوعة باستعادة الحقوق المسيحية كون باب التعديلات الدستورية، قد لا يكون في مصلحة المسيحيين.
في هذا المجال، يعرب احد النواب السابقين الذين شاركوا بصياغة إتفاق الطائف عن اسفه” لعدم القدرة في حينه على إقرار الدولة المدنية الحديثة، فليس بالأمر المتاح عند كل أزمة سياسية إجراء إصلاحات تعيد الحيوية للنظام السياسي المتهالك في لبنان ، ومن الصعوبة راهنا تنظيم مؤتمر تأسيسي شبيه بالطائف في ظل التخلي الدولي عن لبنان وتركه يغرق بازماته السياسية المستعصية”.
يؤكد السياسي المذكور، “بأن الفقر والعتمة وذل الطوابير ليست حكرا على طائفة دون أخرى ، فالجميع يغرق في مركب واحد وليس من سبيل للإنقاذ سوى التصرف بروح وطنية بدل الشعبوية الطائفية التي تزيد من سرعة التدهور إلى حفرة الانهيار الشامل .
المصدر: لبنان 24