طلاب لبنان يواجهون المجهول: هل يطيح الانهيار الاقتصادي بالعام الدراسي؟
نور الصفدي – صحافية فلسطينية
بلا كهرباء وبلا انترنت وبلا وقود، كيف يمكن للعام الدراسي الذي بات على الأبواب أن ينطلق وأي أثمان سيدفعها طلاب لبنان جراء الانهيار الحاصل؟
أصاب الانهيار الاقتصادي معطوفاً على حال المراوحة السياسية التي يعاني منهما لبنان القطاع التربوي على غرار ما أصابتا باقي القطاعات الحيوية. وعلى الرغم من تطمينات وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب، من أن ” العام الدراسي المقبل سيكون حضورياً، على أن يبدأ التدريس في المدارس الرسمية في 27 أيلول/سبتمبر ويترك الخيار للمدارس الخاصة لتحديد تاريخ العودة بين أيلول وبداية تشرين الأول”، إلا أن مستقبل الطلاب بات على المحكّ، مع احتمالات ضياع العام الدراسي المقبل في ظل سلطة مستهترة لا تقيم وزناً لحياة اللبنانيين وحاجياتهم الرئيسية، وهو ما يثير قلق معظم طلاب المدارس والجامعات على مستقبلهم التعليمي والمهني.
عمر البساط (20 سنة) طالب في الجامعة اللبنانية الأمريكية لكن مع استمرار الضغوط المعيشية لم يجد بداً من خيار ليس بالضرورة متوافراً: “ما في كهربا ندرس عن بعد، ما في بنزين نروح على الجامعة، ما في مازوت لتقدر الجامعة تأمن خدمات، وما في مصاري ناخد سكن، يحتاج الطالب إلى 400$ في الشهر على سعر الصرف في السوق السوداء ليستأجر سريراً، معقول؟”.
جامعة عمر الخاصة، التي كانت تعتبر واحدة من أكثر الجامعات تكلفة على الطلاب، استأنفت التدريس حضورياً في حرمها بعد أن أكملت تلقيح جميع طلابها وكادرها التعليمي والإداري. كذلك فعلت العديد من الجامعات الخاصة، مثل: الجامعة الأمريكية في بيروت والجامعة اليسوعية.
وبالتوازي، أعلنت معظم الجامعات الخاصة رفع أقساطها، مبررةّ قرارها بـ”انهيار العملة الوطنية مقابل الدولار”، وهو قرار اتخذته جامعة عمر (رفع أقساطها إلى سعر صرف 3900 مقابل الدولار) من دون “مشاورة المجالس الطلابية، في مخالفة ليس فقط للقانون بل لمبادئ الجامعة”، وفق ما يؤكد.
وفي موقف مؤيد لاعتراض طلاب الجامعة على قرار إدارتهم، عبّرت الأستاذة في الجامعة اللبنانية الأمريكية، مايا مجذوب، عن رفضها لهذا القرار :”وقفنا وتظاهرنا ضده، فطبعاً الزيادة البسيطة على أجور الأساتذة لا توازي زيادة أقساط الطلاب”. وتعتبر مجذوب أن هذه الزيادة “كانت قليلة جداً قياساً بالانهيار الاقتصادي الحاصل، وفقدان الليرة اللبنانية لأكثر من 90% من قيمتها، خصوصاً أن الأجور بقيت بالليرة اللبنانية”.
مجذوب تؤكد على أهمية تفهّم التحديات النفسية التي يواجهها الطلاب، خصوصاً “في ظلّ ما نعيشه من أزمات”، مشيرةً إلى أنه “من غير الأخلاقي تركهم لليأس، واجبنا انتشالهم ودعمهم بشتى الطرق، وتسهيل الأمور عليهم تعليمياً، لا تعقيدها وزيادة همومهم”.
وفي ظلّ أزمة اقتصادية خانقة كهذه، يعمد الأهل والطلاب عادة إلى اللجوء للتعليم الرسمي، لكن إدارة الجامعة اللبنانية أعلنت عدم افتتاح عام دراسي جديد وإيقاف الدروس، ما يعني تعليق مستقبل ما يقارب 90 ألف طالب للعام الدراسي 2021-2022، وهو عدد ارتفع من 81 ألف طالب في العام 2019، بعد أن بدأت الجامعات الخاصة رفع أقساطها.
تروّي مريم معاناتها مع الجامعة اللبنانية التي كانت من المفترض أن تتخرج منها هذا العام: “كل فترة عم أتنازل عن جزء من أحلامي وطموحاتي، خطة حياتي كل يوم بتتغير، نحن حالياً في المجهول، ما بعرف إذا فيني إتخرج، وما فيني سجّل بجامعة خاصة ولا سافر، ما فيني إلا اتعايش مع الواقع”.
بالنسبة إلى المدارس، لم يصدر بعد أي قرار حول خطتها للعام المقبل، إلاً أن الروابط التعليمية كانت قد هددت بإلغاء العام الدراسي الجديد، إن لم تُلبِّ الدولة مطالبها.