لو كنت مكان فخامة رئيس الجمهورية!
اندريه قصاص -لبنان24
لم أتردّد لحظة عندما قررت أن أتوجه إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالمباشر، وليس عبر مواقع التواصل الإجتماعي المليء بالرسائل، منها ما هو شخصي ومنها ما هو عام، السلبي والإيجابي، ولكل موقف ظروفه ومناسباته وأهدافه ومراميه، على أن القاسم المشترك بين كل هذه المواقف هو أن اللبنانيين، جميع اللبنانيين، هم في مركب واحد تتلاطمه الأمواج من كل جهة، وهو مهدّد بالغرق في أي لحظة، من دون أن يجد هؤلاء اللبنانيون المتروكون لأقدارهم مَن وما يستنجدون به لتخليصهم من الهلاك المؤكد، والذي بات على قاب قوسين أو أدنى.
قد أجد نفسي مضطّرًا، ولو لمرّة واحدة، لأن أضع نفسي إفتراضيًا مكان رئيس الجمهورية، الذي لديه كل المعطيات، وعلى إطلاع كامل بكل ما يجري، وليس صحيحًا وألا أصدّق ما يُقال بأن الراعي في وادٍ والقطيع في وادٍ آخر، أقله نظريًا.
فلو كنت مكان فخامته لكنت أقدمت على فعل ما لم تسعفني الظروف على فعله طوال سنوات.
– كنت قبلت بما يعرضه عليّ الرئيس نجيب ميقاتي من صيغ حكومية ومسودّات، من دون أن أدير أذني لأحد غيره، لأنني أعرف مسبقًا أن الرجل يريد، كما أريد أنا بالذات (أي رئيس الجمهورية)، أن ينجح حيث فشل الآخرون، وأن تاريخه السياسي لا يسمح له بالمغامرة أو المراهنة على فراغ، وهو الخبير في مسألة تدوير الزوايا. بالتأكيد لن أبصم على “العمياني”، بل أناقش من منطلق من يريد أن يصل إلى الهدف، وليس فقط المناقشة من أجل المناقشة، أو لفرض رأي أعرف مسبقًا أنه لن يكون محّل قبول من الطرف الآخر. يجب أن أعرف أن المشاركة الحقيقية تفرض على الجميع تقديم التنازلات، من دون أي أحكام مسبقة، وبالطبع من دون وضع شروط تعجيزية من أجل تضييع الوقت لغايات محدّدة.
– كنت نزلت إلى كل شارع وإلى كل حي وزاروب وإلى أزقة الناس الفقيرة، الذين بالكاد يعيشون يومهم بيومهم، وهم يسعون بشق النفس إلى إبعاد شبح الجوع الزاحف كالغول على عيالهم.
– كنت إستمعت إلى معاناة كل الناس، كبيرهم وصغيرهم، وإلى شكواهم. كنت أدركت مدى حاجة الجميع إلى ما يطمئنهم وما يخّفف عنهم هذا الحمل الثقيل، وقد أصبحوا في حال يُرثى لها، لكثرة ما تكاثرت على رؤوسهم الهموم والمصائب والويلات.
– كنت مستعدًّا لأن أتخطّى كل العقبات الموضوعة في طريقي، وأن أتجاوز كل من شأنه إعاقة مسيرة الحلول التي لا تزال ممكنة، وكنت وضعت جانبًا كل الإعتبارات الأخرى، التي يحاول البعض وضعها في سلم الأولويات، وهي بالفعل بمثابة تقّالات تجعل أي إنطلاقة متعذّرة، إن لم نقل مستحيلة.
– كنت أوليت كل إهتماماتي لإزالة كل الإلتباسات التي رافقت عهدي، وأن أستبدل كل ذي مصلحة بآخرين ينقلون ألي بصدق ما يعانيه الموطنون، وما يريدون أن يحقق لهم المسؤولون، وأنا على رأسهم.
– كنت وضعت يدي بيد من أراه مخلصًا ويريد مصلحة بلاده قبل أي شيء آخر.
– كنت طردت من هيكل الوطن جميع الذين يتاجرون بإسمه وعلى إسمه.
– كنت أعدت النظر في كل الأسباب التي أوصلت الوضع المأسوي إلى ما وصل إليه.
– كنت صارحت اللبنانيين بكل الحقائق، ووضعت الجميع أمام مسؤولياتهم التاريخية. فالوضع لم يعد يُطاق. ولكن يجب الإعتراف بأني لست وحدي المسؤول عن كل المصائب النازلة على رؤوس الشعب. المسؤولية مشتركة، كما أن التشارك في السعي إلى الحلول الممكنة مشترك بين الجميع، مسؤولين ومواطنين، كلّ على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقه.
– كنت قلبت الطاولة على رؤوس الجميع، من منطلق رفضي لهذا الواقع المهين الذي يعيشه شعبي.
الحل لا يزال ممكنا، وقد تكون فرصة تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد “الخرطوشة” الأخيرة للإنقاذ. فلماذا لا نستغلها ونخوض معًا هذه المعركة بما أننا جميعًا على مركب واحد.