مجلس الأمن يستعرض أزمة لبنان “الوجودية”… والصبر الدولي “ينفد” حكومة “البَرْزَخ”… هواجس رئاسية وراء التعطيل!
نداء الوطن
“إنت بتعرف بالسنتين الجايين شو ممكن يصير بلبنان”؟… سؤال طرحه رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في ختام مقابلته على شاشة “الحدث” يختصر رحلة البحث والتمحيص عن الأسباب الحقيقية لمعضلة التأليف. فأبواب الهواجس مفتوحة على مصراعيها خلال السنتين المقبلتين وفي طليعتها “هواجس رئاسية” تتصل بما بعد لحظة الفراغ في سدة الرئاسة الأولى، وهنا “مربط الفرس” في تعطيل تشكيل الحكومة، وفق ما ترى مصادر سياسية مخضرمة، باعتبارها ستكون بمثابة “حكومة البرزخ” التي ستحكم البلاد بين منزلتين، الأولى خلال ما تبقى من ولاية الرئيس ميشال عون والثانية بعد انقضاء ولايته.
وتؤكد المصادر أنّ الأطراف السياسية كلها تتعامل مع هذا الواقع في الخفاء وتتعامى عنه في العلن… وحول سؤال “ماذا بعد نهاية عهد ميشال عون؟” يدور الكباش الحكومي ويحتدم “الصراع الوجودي” في التشكيلة الوزارية المرتقبة، لتتفرع منه العقبات والعراقيل والشروط المتبادلة على طاولة التأليف، معربةً عن اعتقادها بأنّ كل مطلب من المطالب التي اعترضت حتى الساعة الطريق أمام ولادة الحكومة يكاد لا يكون منفصلاً عن هاجس الشغور الرئاسي سواءً لأسباب طبيعية، في حال أصاب الرئيس مكروهاً، أو لأسباب دستورية مع انتهاء عهده دون انتخاب خلف له.
وتحت سقف هذا الهاجس، كانت قد اندرجت مطالبة باسيل بتوسعة الحكومة إلى 20 وزيراً لضمان حصوله على حصة من 7 وزراء تتيح له الاستحواذ على الثلث الوزاري المعطل، قياساً على جمع حصة الرئيس (3 وزراء) مع حصة “التيار الوطني” (3 وزراء أحدهم أرثوذكسي)، بالإضافة إلى وزير درزي محسوب على النائب طلال أرسلان، وبذلك لا يكون باسيل قد “خسر الأولى والآخرة” بحسب تعبيره لـ”العربية”، إنما تمكّن من إبقاء “مفتاح الرئاسة وقفلها” في يده إذا ما انتقلت صلاحيات رئاسة الجمهورية إلى مجلس الوزراء في حال وقعت الواقعة الرئاسية… ليتسلح عندها بالثلث المعطل كسلاح “توازن رعب” مع رئيس الحكومة منعاً لإحكام قبضته على الرئاستين الثالثة بالأصالة والأولى بالوكالة في مرحلة الشغور الرئاسي. وذكّرت المصادر في هذا السياق، بما حصل إبان انتقال صلاحيات رئاسة الجمهورية إلى حكومة تمام سلام خلال فترة الشغور إثر انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، لناحية اشتداد وطأة المناكفات حينها، بينه وبين باسيل على طاولة مجلس الوزراء بذريعة اتهام الأخير للأول بالاستحواذ على صلاحيات الرئاسة الأولى.
وبينما يبقى المترقبون على أهبة الترقب بانتظار الخطوة التي سيقدم عليها الرئيس المكلف سعد الحريري في مواجهة عرقلة التأليف خلال الأيام المقبلة، سرت أنباء مساءً عن نيته عقد مؤتمر صحفي اليوم بهذا الخصوص، غير أنّ مستشاره الإعلامي حسين الوجه سارع إلى نفيها، مقابل تأكيد أوساط مطلعة على أجواء الرئيس المكلف أنه لا يزال على اعتصامه بحبل الصمت “حتى يقضي الله امراً كان مفعولا”.
وعلى وقع استمرار الطبقة الحاكمة في استنزاف الوقت والفرص، قدّم المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش إحاطة الى مجلس الأمن حول الوضع في لبنان “الذي يعاني من أزمة وجودية متفاقمة”، ناقلاً عن المجلس “رسالة واضحة” إلى المسؤولين اللبنانيين: “شكلوا حكومة دون مزيد من التأخير، حكومة فعالة وقادرة على الإصلاح والتغيير، حكومة تعمل ضد الفساد ومن أجل العدالة والشفافية والمساءلة”، وختم كوبيتش متسائلاً: “هل سيصغون؟” في معرض التشكيك بإقدام القادة اللبنانيين على التجاوب مع رسالة مجلس الأمن.
وتزامناً، نشرت وكالة “رويترز” تقريراً عن الوضع اللبناني، أكدت فيه أن القوى الغربية التي تسعى لإنقاذ اقتصاد لبنان وجهت لقيادات البلاد “إنذاراً” بعدم انتظار أي خطوات إنقاذية من المجتمع الدولي ما لم يشكلوا حكومة تتمتع بالمصداقية لإصلاح الوضع على وجه السرعة، مشددةً على أنّ “الصبر بدأ ينفد لدى فرنسا والولايات المتحدة وغيرهما من الدول المانحة”. واستشهد التقرير بقول السفيرة الأميركية دوروثي شيا في مؤتمر عبر الهاتف لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: “ندرك أن لبنان مهم ويجب أن تكون الأولوية القصوى لتحاشي فشل الدولة، لكن لا يمكن أن نرغب في ذلك فعلاً أكثر من رغبتهم هم فيه”.