التدقيق الجنائي عقدة إضافية في التأليف
الديار
الإنهيار الإقتصادي أصبح الشغل الشاغل للمواطن الذي يئنّ تحت عبء ثقل لم يشهده من قبل. المواد الغذائية مقطوعة وإذا وُجدت فإن أسعارها خيالية مع بيع مكعبات الجبنة بـ»الحبة» من نوع كيري بـ 3 ألاف ليرة لبنانية، وعلبة لبنة 900 غرام بـ 60 ألف ليرة لبنانية! وماذا نقول عن المحروقات التي كانت بحدود العشرين ألف ليرة قبل الأزمة لتصل إلى 76 ألف ليرة لبنانية اليوم وسعرها المحتوم 300 ألف ليرة لبنانية!
الإنهيارات في القطاعات الإقتصادية أصبحت تتوالى مع توقف العديد منها عن تأمين السلع والخدمات مع فقدان المواد الأولية وعلى رأسها المازوت الذي يتمّ إحتكاره وبيعه في السوق السوداء أو يتمّ تهريبه في ظل عجز صاعق من قبل الدولة اللبنانية.
هذا الواقع يزيد الضغوطات على الرئيسيّن ميشال عون ونجيب ميقاتي المعنيين بعملية التأليف مع تعقيدات تم توارثها من أيام تكليف الرئيس سعد الحريري. وتبقى عقدة توزيع الحقائب السيادية على الطوائف المُشكلة الأساسية، حيث أن مبدأ المداورة الذي يُطالب به رئيس الجمهورية، يواجهه رفض من قبل الثنائي الشيعي المتمسّك بحقيبة المالية لأسباب ميثاقية بحسب الثنائي. عقدة الداخلية التي شكّلت في وقت من الأوقات مخرجًا على أن تكون من حصة رئيس الجمهورية، أصبحت عقدة أيضًا مع رفض الرئيس ميقاتي التخلّي عن هذه الحقيبة وحقيبة العدل نظرًا إلى أهميتهما في المرحلة المقبلة، وهو ما يُزعج التيار الوطني الحرّ الذي يرى أن فريقه يأخذ ما تخلّى عنه الأخرين.
عُقدٌ أخرى أضيفت إلى ملف التأليف وأبرزها إسم وزير المال المطروح يوسف الخليل، مدير العمليات المالية في مصرف لبنان، والذي نال فيتو من قبل رئيس الجمهورية، بحكم أن هذا الأسم محسوب على حاكم مصرف لبنان والرئيس نبيه برّي، وبالتالي لن يكون قادرًا على تنفيذ التدقيق الجنائي الذي يشترطه أيضًا رئيس الجمهورية. هذا التدقيق أصبح مسألة جوهرية بالنسبة لرئيس الجمهورية وللتيار الوطني الحرّ، فالمعلومات تُشير إلى أن الرئيس يُعوّل على هذا التدقيق لتبرئة رئيس ووزراء التيار الوطني الحرّ من تهم الفساد التي تُلاحقهم في وزارة الطاقة. وإذا ما كان هناك من حلول يُمكن البحث عنها في ملف التشكيل، فهو في هذا الإطار، أي أن أي تراجع من قبل رئيس الجمهورية عن ملف المداورة أو عن ملف الداخلية سيُقابل بتراجع من قبل الفريق الأخر عن وزارة العدل وتعهدات مكتوبة لتنفيذ التدقيق الجنائي.
وزارة الشؤون الإجتماعية أخذت في اليومين الماضيين أهمية «سيادية» مع مطالبة العديد من الأفرقاء بهذه الحقيبة وعلى رأسهم الحزب التقدمي الإشتراكي والتيار الوطني الحر. وتأتي هذه الأهمية من المشاريع التي ستأخذها على عاتقها وعلى رأسها البطاقة التموينية التي تُعتبر مدخلا أساسيا لتموضع الأحزاب في الإنتخابات النيابية المقبلة.
كل هذه العقد، توحي بتعقيدات كثيرة ستواجه التأليف وحتى إن تمّ، هناك مُشكلة ستواجه البيان الوزاري الذي سيُصبح وثيقة التعهد من قبل الحكومة لتنفيذ شروط القوى السياسية والتي لن يكون سهل الصياغة.
دعوة مجلس النواب للانعقاد
دعا رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى عقد جلسة عامة في الساعة 11 من قبل ظهر الخميس المقبل في قصر الاونيسكو وذلك للنظر في قرار الاتهام في تفجير المرفأ مُستندا الى المادة 22 معطوفة على المادة 20 من قانون اصول المحاكمات امام المجلس الاعلى المنصوص عليها في المادة 80 من الدستور.
وفور الدعوة، دعت جمعية أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت إلى المشاركة في تحرك نهار الخميس الذي يواكب الجلسة النيابية أمام قصر الأونيسكو رفضا لما سمّته «جلسة العار». واصدرت بيانا قالت فيه: «صعقنا اليوم بالإعلان عن دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة يوم الخميس المقبل للبحث في طلب الاتهام المقدم من عدد من النواب، والذي اصطلح على تسميته طلب العار، فهو اتهام بالشكل فيما هو في الواقع محاولة لطمس الحقيقة وتهريب المشتبه بهم من العقاب».
وأشارت الجمعية إلى أن «هذه الجلسة تأتي لاستكمال مجموعة من الممارسات المخلّة بالدستور والقانون، والتي قامت بها قوى الحكم للانقلاب على عمل المحقق العدلي أو وضع خطوط حمر له. النواب في غالبيتهم أعلنوا رفضهم هذا الاتهام، في موازاة سحب عدد آخر منهم تواقيعهم عن طلب الاتهام، وذلك في استجابة للرأي العام الداعم لقضيتنا، والذي تجلى بأبهى صوره في استفتاء 4 آب وأكد الثقة العامة بالمحقق العدلي طارق البيطار. كما أكد مطلبنا بإسقاط كل الحصانات». وأضاف البيان أن «التصويت يجري بصورة سرية على نحو يمنع معرفة حقيقة مواقف النواب، ويدفع بهم تحت ضغط الترغيب أو الترهيب إلى التصويت على نحو يخالف وعودهم المعلنة».
ودعا كل الكتل والنواب الذين أعلنوا رفضهم طلب الاتهام أو سحبوا تواقيعهم عنه إلى مقاطعة «»جلسة العار وصولا إلى تعطيل النصاب تحت طائلة اعتبارهم شركاء في هدر دماء أحبابنا وتضييع الحقيقة والعدالة». وطالب البيان مجلس النواب «برفع الحصانات عن المشتبه بهم وليس اختلاق تحقيق برلماني مواز معروفة نتائجه سلفا».
حصار المقاومة… إقتصاديًا
المشاكل المعيشية والإقتصادية التي يواجهها المواطن تزداد يومًا بعد يوم، فقد عادت طوابير السيارات أمام محطّات المحروقات، والمستشفيات رفعت الصرخة بنقصان المواد الأولية واولها مادة المازوت التي طالت ايضاً العديد من القطاعات الاخرى.
هذا الواقع تراه المصادر كعملية تجييش للرأي العام ضد المقاومة خصوصاً من باب تحميلها مسؤولية ما آلت اليه الأمور الحياتية التي تهدف بعض الجهات الى تحميل خيارات المقاومة السياسية مسؤوليتها!
عملية اسقاط حزب الله من الداخل – بعد فشل محاصرته من الخارج – تمتد يوماً بعد يوم في مناطق لبنان. فمؤامرة خلدة التي كانت تهدف الى زج المقاومة في حرب داخلية وبالتالي رفع الشرعية عن سلاح المقاومة، كانت عملية مدروسة إنفضح قسم من خفاياها مع توقيف الجيش لعدد من المسلحين. ففي أخر التفاصيل الصحافية المتناقلة، المجموعة التي قامت بالهجوم على موكب تشييع علي شبلي هي مجموعة مؤلفة من 30 عنصرا موزعين على سطوح المباني وعلى الطرقات حيث كانت جاهزة بإنتظار إشارة الإنطلاق. هذه العملية واجهها الحزب بقراءة استراتيجية بعيدة الافق تعالى فيها عن جراحه واسقط المؤامرة في مهدها.
الفشل الذريع في زج الحزب في صراع داخلي، دفع باليد الخارجية الى الانتقال الى شويا حيث قام بعض الشبان – عن غير معرفة – بمصادرة الشاحنة التي كانت تقصف العدو من حرش بعيد عن المنازل والبيوت. ايضاً تعالى الحزب عن الألم الناتج عن هذا الامر وأسقط مرة اخرى المؤامرة في مهدها.
لذا تتجه الانظار اليوم نحو الواقع الاقتصادي والحصار المفروض على لبنان والذي بفضل تجار لبنان ومسؤوليه، يتحمّل المواطن اللبناني تداعيات التهريب والاحتكار في سوق لا يوجد فيه اصلا ما يكفي من مواد غذائية ومواد طبية ومحروقات. هذا الواقع هو الجبهة التي يعمل عليها اعداء لبنان لخرق جبهة المقاومة وتجييش الشعب اللبناني ضده، إلا ان ما نسيه هؤلاء ان الشعب اللبناني أصبح يعرف حقيقة من المسؤول عن الواقع الاقتصادي الحالي ومن سرق مليارات الدولارات من خزينة الدولة.
أزمة الكهرباء والمولدات
ملف الكهرباء الذي كلّف خزينة الدولة أكثر من 50 مليار دولار أميركي، أصبحت خارج الخدمة في معظم المناطق. وبالتالي طرحت المولدات نفسها كبديل لكهرباء الدولة، إلا أن أزمة المازوت دفعت العديد من المولدات إلى التوقّف وإعتماد سياسة التقنين. إطفاء المولدات يتمدد يوما بعد يوم وأصبح يطال كل المناطق لعدم توافر المازوت المخزّن بهدف الاحتكار والتهريب. فقد دهمت قوة من الجيش في بلدة الانصار- البقاع عدة أشخاص حيث ضبطت العديد من الخزانات الموضوعة تحت الأرض وتحتوي كميات كبيرة من مادة المازوت. في هذا الوقت ينشط التهريب والبيع في السوق السوداء على قدم وساق في ظل غياب اجهزة الرقابة!
وهذا الأمر يعني بكل بساطة ان استمرار غياب مادة المازوت سيؤدي الى قطع الكهرباء بالكامل بالاضافة الى الكارثة التي ستحصل في فصل الشتاء مع غياب المادة الاساسية في التدفئة المنزلية.
الهجوم على البطريرك الراعي
الهجوم الذي تعرض له الكردينال الماروني مار بشارة بطرس الراعي على وسائل التواصل الاجتماعي بعد عظة نهار الاحد المنصرم، واجهه تضامناً من قبل العديد من الشخصيات السياسية وعلى رأسها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي وباتصال مع البطريرك، دان «ما تعرض له المقام البطريركي وشخص البطريرك من حملات مدانة ومرفوضة من أي جهة أتت وتحت أي ذريعة أو حجة». واضاف عون «حرية الرأي والتعبير مصانة بموجب الدستور، وأي رأي آخر يجب أن يبقى في الإطار السياسي ولا يجنح إلى التجريح والإساءة، حفاظا على الوحدة الوطنية وضمانة للاستقرار العام في البلاد». اضافة الى هذا الاتصال، ارسل الرئيس عون مستشاره السياسي أنطوان قسطنطين إلى الديمان للتاكيد على رفض الرئيس عون وشجبه واستنكاره التعرض إلى مقام البطريرك.
كما زار العديد من السياسيين البطريرك في مقره الصيفي للتضامن معه واستنكارهم للتعرض لشخص البطريرك.
التيار الوطني الحرّ الذي إعتمد الصمت لفترة كلفته حملة إنتقاد واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي عاد واستنكر الحملة ضد البطريرك نافيا ان يكون التيار الوطني الحر على الحياد في هذا الملف ورافضا ان يتطاول احد على مقام بكركي لا من قريب ولا من بعيد.
رسائل تضامن دولية
الأزمة التي يعيشها لبنان قابلها العديد من رسائل التضامن ولعل الرسالة الأكثر تعبيرا اتت من شيخ الازهر احمد الطيب الذي غرد على موقع تويتر قائلا: «قلوبنا مع لبنان، هذا البلد الشقيق والعزيز، نسانده في هذه الفترة الحرجة التي يمر بها، وندعو الله أن يعجل بنهضته وازدهاره، وندعو الجميع إلى التحلي بالمسؤولية وإعلاء مصلحة لبنان للعبور الى بر الأمان».