ارتفاع الدولار مستمر بجنون وخبير إقتصادي ينصح: إستعملوا الذهب الاحتياطي
كارل قربان
المشكلة الاكبر أنه وبالرغم من ان مصرف لبنان باع 828 مليون دولار لتأمين المحروقات بالاضافة إلى موافقات سابقة (قمح، أدوية…)، استمر مسلسل التهريب عبر الحدود واستنزاف أموال الاحتياطي المتبقية، عبر تخزين وبيع المحروقات في السوق الموازية. فبشهر تموز فقط، أمّن “المركزي” 828 مليون دولار لتأمين هذه المواد الاساسية، بحسب ما أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في بيان مصارحة اللبنانيين الاسبوع الماضي. والسؤال، من أين يستمر بضخ الاموال بعد أن انخفض الاحتياطي الالزامي 1 بالمئة تقريبا خلال شهر، وغياب موارد مصرف لبنان من الدولارات؟ وإلى متى يمكن أن يؤمن الدولارات عبر منصة “صيرفة” على سعر 12000 ليرة؟
وتبقى مسألة الدولارات الموجودة في مصرف لبنان غير واضحة، ويرى رئيس قسم الاقتصاد في الجامعة اللبنانية – الفرع الثاني الدكتور ألبير داغر أن “الدولارات موجودة، و”المركزي” يؤمن العملة الصعبة من الاحتياطي الخاص للمصرف، بالاضافة إلى الاموال التي يشتريها من السوق، وفقط حاكم المصرف يمكنه إعطاء الرقم الصحيح للاموال المتبقية في الاحتياطي”.
ويُشدد داغر على أهمية إستمرار الدعم وعدم تجويع الشعب أكثر، عبر ضخ دولارات الاحتياطي لتأمين المحروقات والدواء والمواد الغذائية الاساسية. ويُضيف أن الحكومة يمكن أن تعيد دفع هذه الاموال عبر إعادة توزيع الاستحقاقات المالية، بسلطة جديدة قادرة على تنفيذ هذا القرار”. ويُشير إلى أنه يجب إستعمال الذهب للمحافظة على الدعم، لان هذه المسألة لا يجب أن تكون موضع جدل، فـ77 بالمئة من الشعب اللبناني لا يمكنهم الاكتفاء من الغذاء”. ويقول إنه يجب أن يستمر الدعم حتى آخر دولار من الاحتياطي، ويسأل: “أي خطر سينتج من استعمال الذهب أمام فقدان المواطن 90 بالمئة من قدرته الشرائية، وحرمانه من أمواله في المصارف؟”.
رغم إكتشاف النفط والغاز وترسيم البلوكات وبدء المفاوضات مع العدو الاسرائيلي بشأن الحدود البحرية الجنوبية، لم تبدأ فعليا رحلة الاستكشاف في البحر بشكل جديّ للانتقال إلى مرحلة الاستخراج والتخلص من استيراد المحروقات. هنا، يؤكد داغر أن من أهم الحلول المتوافرة أن تتفاوض الدولة مع الخارج ومع الاوروبيين والفرنسيين لتأمين المساعدات والقروض، على أساس أن لبنان بلد نفطي. ويتابع: لبنان يستطيع كدولة نفطية التفاوض على المدى الطويل مع الدول التي تحتاج للنفط، وخصوصا مع الدول التي أبرم معها إتفاقيات نفطية كفرنسا عبر شركة “توتال“. ويُضيف: “للاسف الحكومة غير موجودة والادارة خالية من أشخاص قادرين”.
لقد تم رفع دعم الـ1500 ليرة عن المواد الغذائية والمحروقات والادوية، وارتفعت أسعارها أكثر. وستُصبح على أساس السوق الموازية، خصوصا إن توقف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن ضخّ الاموال للدعم، في ظل عدم وجود رؤية واضحة حول تمويل الدعم.
ومع وجود أرقام مختلفة لسعر الصرف حالياً، يرى داغر أن “هناك مقاربة متكاملة يجب على الحكومة وضعها، وعليها تثبيت السعر بالقوة وتطبيقه، وإعطاء شرعية لقرارها والشرح للناس والتجار عن السبب الذي يمنع من التلاعب بالدولار وعن سعر الصرف الحقيقي في السوق. ويقول: من المستحيل أن تسمح أي دولة في العالم بالتلاعب بسعر الصرف كما هو الحال في لبنان. ويعطي مثلا أن مصر اتفقت مع صندوق النقد الدولي واقترضت مبلغا منه، ووافقت على تحرير الجنيه المصري أمام الدولار، فأصبح 17 جنيها مقابل الدولار الواحد عام 2009، بعدما كان 8 جنيهات. ونجحت مصر بتثبيت العملة المحلية. أما في لبنان، فطلب صندوق النقد تثبيت الليرة على سعر 3500 لكل دولار، وحاليا، أصبح السعر 23 الفا بسبب المشكلة الكبيرة في الادارة الاقتصادية، وغياب الاختصاصيين في الدولة وإدارة الملف الاقتصادي.
الدولار في السوق الموازية مستمر بالارتفاع، على الرغم من ضخّ مصرف لبنان للدولارات في السوق وتأمين العملة الخضراء للتجار. وعن هذا الارتفاع الجنوني، يلفت داغر إلى أنه يتم خلق طلب وهمي ومُفتعل على الدولار لرفع السعر أمام الليرة، كما حصل في الثمانينات، حيث كان يتم التلاعب بسعر الصرف بمبلغ بسيط. ويُتابع: “على السلطة إعادة ثقتها أمام مجتمعها، عبر تثبيت سعر الصرف، ومن غير الممكن أن يستمر لبنان بهذا الفلتان في السوق الموازية.
ويتخوّف من سيناريو تفجير الوضع الداخلي، وتطيير الحكومة وارتفاع الدولار إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، وإيقاف الدعم وانتشار الجريمة والسرقة والقتل. ويُشدد على أن مصرف لبنان لا يجب أن يكون طرفا في التلاعب بسعر الصرف، فهو المؤسسة التي يجب أن تحمي المواطنين.