مأساة الشعب اللبناني
حقيقة الديار
اذا كان البنك الدولي وخبراؤه يقولون إنه منذ 150 سنة وحتى اليوم لم يمرّ لبنان وشعبه بأزمة خانقة كما هي الان، فماذا عسى يقول اللبنانيون المصابون بكلّ أنواع المصائب والمآسي عن أحواله؟
كفى حديثاً عن أن الويلات التي نعيشُها وأن عدم تأليف حكومة ناتج من أسباب خارجية، بل إنّ الأسباب هي داخلية وهي فقدان الوعي الوطني الحقيقي لدى المسؤولين على كل المستويات واستبدال الوعي الوطني بالمصالح الشخصية والانانيات التي يعيشها مسؤولون تلتصق بهم وبشخصيتهم وتمتدّ الى معظم الطبقة السياسية بنسبة %90. ولذلك يتم اجهاض الحلول الحلّ تلو الحلّ لنبقى في الازمات التي استفحلت وامتدّت الى نواح إنسانية لم يسبق لها مثيل ومنها ما عانى منه المسيحيون في لبنان في زمن العثمانيين سنة 1914.
ونقول المسيحيين ليس من منطلق مذهبي أو طائفي، بل لأنها واقعة تاريخية حدثت في لبنان. كما أن بقية الطوائف اللبنانية مرّت بظروف صعبة جدا على مختلف أنواعها لكن مثلما يقول البنك الدولي منذ 150 سنة وحتى الان لم تحصل هكذا كوارث على الشعب اللبناني كما الحال الآن في زمن الحفاظ على حقوق الانسان.
فكيف يكون الحفاظ على حقوق الانسان في لبنان ويصل الامر بالشعب اللبناني أن يفتقد حتى الدواء ولا يجده؟
إذا كان مطلوبا أن نأخذ العبرة من مأساة لبنان، فالمطلوب أن يحصل الوعي الوطني لدى الشعب اللبناني ولدى قياداته الرسمية والشعبية.
كفانا المرض المذهبي حيث الشعور بالانتماء للبنان مفقود ومستبدل بالانتماء المذهبي. فهذا يقول انا ماروني والآخر يقول أنا سنّي وأنا شيعي وأنا درزي وانا أورثوذكسي وإلى كل الانتماءات البغيضة التي هي مصدر ويلاتنا ومصدر عدم القدرة على تأليف حكومة منذ سنين وحتى الان أو البقاء في فراغ لانتخاب رئيس جمهورية كما حصل مع الرئيس العماد ميشال عون، أو عدم تأليف حكومات سابقة والبقاء مدة سنة وأكثر دون حكومة أو تمديد لمجلس النواب بدل التجديد والتغيير وإنتاج رأي عام جديد من خلال انتخاب النواب وتكوين السلطة التشريعية.
لبنان اليوم لا ينهار، بل نحن في لبنان في قعر الانهيار فلا عمل ولا طعام يكفي ولا بنزين ولا مازوت ولا دواء ولا مدخول مالي يكفي ونسبة الذين هم تحت خط الفقر أصبحت أكثر من %80 ولا كهرباء ولا استشفاء، حتى ان الأطباء اللبنانيين الادمغة يهاجرون لا بل لقد هاجر منهم الآلاف وصندوق الضمان لم يعد قادراً على تأمين الاستشفاء للبنانيين نتيجة اهمال السلطة التنفيذية للضمان الاجتماعي والصحي ولا يوجد في لبنان ضمان شيخوخة وبالنتيجة حالة يرثى لها يعيشها الشعب اللبناني.
لقد فقد الشعب اللبناني ثقته في حكامه وفي معظم طبقته السياسية أيضا وأصبح هنالك وادٍ بين الشعب اللبناني الغارق في المذهبية وأمراضه الطائفية وبين حكامه والطبقة السياسية ومع ذلك الجهل والمرض الطائفي والمذهبي حتى الان عند الشعب اللبناني لا يجعله يقوم بنهضة حقيقية تؤدي الى تغيير جذري وحقيقي في القيادات والحكام، بل يسير اللبنانيون كل قطيع وراء زعيمه دون مساءلة ودون تغيير طفيف في مسار الشعب الغارق قسم كبير منه في الجهل وعدم الانتماء الوطني، بل الانتماء المذهبي والطائفي.
شارل أيوب