تحقيقات - ملفات

بعبدا تخرق الدستور مجدّداً: شروط على المرشّحين

 

كريستال خوري -أساس ميديا

يستبعد بعض العونيين تحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة في بعبدا قبل التوصّل إلى حدّ أدنى من التفاهم مع رئيس الحكومة الذي سيتكلّف. بمعنى “لا عودة إلى تجربة الحريري الذي رهن البلد تسعة أشهر، واضعاً التكليف في جيبه وهو المتيقّن أنّه عاجز عن التأليف”.

ولهذا يرى العونيون أنّ “الاتفاق المسبق” ضروري. وهذا يعني برأي مراقبين حريصين على صلاحيات الرئاسة الثالثة، أنّ بعبدا ستعود إلى خرق الدستور، لجهة وضع شروط على المرشّح قبل أن يسمّيه النواب. أي الحلول محل الاستشارات النيابية الملزمة في بعبدا، وملح الاستشارات غير الملزمة في مجلس النواب…

وها هو البيان الأسبوعي للهيئة السياسية في التيار الوطني الحر يدعو حكومة تصريف الأعمال إلى “اتخاذ كل الإجراءات المطلوبة لضبط الأمن والحدود لمنع التهريب، ومعالجة كلّ الملفّات المعيشية”… وكأنّه يوحي بأنّ حكومة تصريف الأعمال “باقية”.

هذا لأنّ الرئيس المكلّف سابقا سعد الحريري انتقل إلى صفوف المعارضة، التي باتت آخر منافذ الرجل، للهروب من “الاختناق” النهائي. فهو لا يُحسَد على موقعه وموقفه، بعدما أُقفِلت الأبواب بوجهه، وأُوصِدت “بقفل” سعودي عجز عن فكّه. كانت تلك قناعة ميشال عون وجبران باسيل منذ أشهر، ولهذا رفضا تقديم أيّ تنازل أساسي لرئيس حكومة مكلّف، كانا على يقين بأنّه لن يتمكّن من التأليف.

يقول بعض العونيين إنّ التشكيلة الأخيرة التي رفعها الحريري إلى رئيس الجمهورية بيّنت بوضوح أنّه لا يريد التأليف، ذلك لأنّ الثاني كان يعتقد أنّ الأوّل سيضع أمامه نسخة يُفترض أن تمثّل حصيلة التفاهمات التي تمّ التوصّل إليها انطلاقاً من مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، بشكل قد يُحرِج رئيس الجمهورية ويصعّب عليه مهمّة الرفض. إلا أنّ الحريري اختار الانقلاب على كل التفاهمات التي تمّ التوصّل إليها، بشكل أزعج برّي منه، وكأنّه يمهّد الأرضية للاعتذار.

ويكفي، بنظر العونيين، رصد مواقف الدول المعنيّة بالملف اللبناني على أثر الاعتذار للتأكّد من أنّ الرجل كان متروكاً دولياً، لا بل كلّ تركيز عواصم القرار كان على الحكومة، على طريقة “مات الملك، عاش الملك”…

وعليه بات السؤال: ماذا بعد الاعتذار؟

الأرجح أنّ الضغط الفرنسي الذي ولّد دينامية تسمية مصطفى أديب وسعد الحريري في الجولتين السابقتين، قد لا يتكرّر بالطريقة ذاتها، ولو أنّ الدول الغربية سارعت إلى ممارسة ضغوطها على القوى اللبنانية للمضيّ سريعاً في التكليف والتأليف. ولكنّ الانهيار المتدحرج يلقي بثقله على التركيبة الحاكمة، وقد يضيّق أمامها هامش المناورة.

ولكن ماذا عن الأسماء المحتملة لخلافة الحريري؟

حتى الآن، وحده موقف رئيس “تيار المستقبل” بات على الطاولة، كما شرحه في مقابلته التلفزيونية الأخيرة من خلال تأكيده أنّه لن يسمّي أيّ شخصية سنّية لرئاسة الحكومة. وهو يعني أنّه قد يكرّر مشهدية نفض يديه من تكليف حسان دياب مقابل تأمين ميثاقية جلسة الثقة، لكي يترك لنفسه هامش الاعتراض الذي سيلجأ إليه.

تتعاطى القوى السياسية مع مسألة التكليف حتى الساعة على قاعدة “تشطيب” الاحتمالات الصعبة أو غير القادرة على تأمين تفاهم حولها. ولهذا، مثلاً، يتردّد أنّ اسم رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي خرج من التداول لكونه مُتحفّظ عليه سعوديّاً، ورئيس الجمهورية غير متحمِّس له أصلاً، ويعتبر أنّ القطب الطرابلسي لو عاد إلى السراي فسيمارس سياسة المزايدة على سعد الحريري أسوة بما فعله في ولايته السابقة. ولهذا اُستُبعد اسم الرجل من المعادلة راهناً.

في المقابل، لا يبدي العونيون ممانعتهم لتولّي فيصل كرامي رئاسة الحكومة ولو أنّ هذا العنوان قد يعني تكرار تجربة حكومة حسان دياب ذات اللون الواحد، التي يرفض الثنائي الشيعي أن يعيدها. كما أنّ جبران باسيل لم يعد مندفعاً نحو تسمية كرامي، كما أسرّ لدائرة تيّاره الضيّقة. لكنّ المطّلعين على موقف فيصل أفندي يؤكّدون أنّ الرجل، لو تمّت تسميته، فلن يسعى أبداً إلى تأليف حكومة من لون واحد، لا بل سيحرص على مشاركة كل القوى السياسية التي عليها تحمّل مسؤوليتها الإنقاذية في وضع حدّ للانهيار لأنّ البلد سيغرق بمن فيه إذا تمّ تطويقه. ويشيرون إلى أنّ كرامي ملتزم مندرجات المبادرة الفرنسية، سواء منها تأليف حكومة اختصاصيين أو البرنامج الإصلاحي.

ومع ذلك، يعتبر العونيون أنّ طبيعة المرحلة “الانتقالية” قد تحيل رئاسة الحكومة إلى شخصية تشبهها، تكون أقرب إلى “بروفيل” مصطفى أديب، وتقدر على تأمين عدم ممانعة سعودية إذا كانت موافقة المملكة صعبة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى