مشرعون أمريكيون يضغطون على عباس بشأن دفع رواتب الأسرى الأمنيين خلال لقاء “متوتر” في رام الله كما رفض أعضاء وفد مجلس النواب الأمريكي موقف رئيس السلطة الفلسطينية بأن المزيد من اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية يجب تنتظر حتى يتم حل القضية الفلسطينية
أعرب وفد زائر من الكونغرس الأمريكي عن رفضه للرواتب التي تدفعها السلطة الفلسطينية لمنفذي الهجمات وعائلاتهم خلال اجتماع في رام الله مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الأسبوع الماضي، حسبما قال عدد من أعضاء الكونغرس لـ”تايمز أوف إسرائيل” يوم الثلاثاء.
وصف أحد النواب في الكونغرس الاجتماع المغلق مع 10 من أعضاء مجلس النواب الأمريكي الزائرين بأنه كان “متوترا في بعض الأحيان، حيث كان من الواضح أننا لا نتفق في عدد من القضايا”. وتحدث المصدر شريطة عدم الكشف عن هويته.
لطالما كانت سياسة رام الله المتمثلة في دفع رواتب للأسرى الأمنيين الفلسطينيين وعائلات منفذي الهجمات المتوفين نقطة خلاف مع واشنطن. بينما تقول إسرائيل إن الرواتب تشجع النشاط الإرهابي، تعهد عباس بالاستمرار بدفع الرواتب، التي يعتبرها الفلسطينيون شكلا من أشكال المسؤولية الوطنية.
وقالت النائبة كاثي مانينغ (ديمقراطية من نورث كارولاينا) أنه كان هناك “قدر كبير من النقاش” حول قانون “تايلور فورس”، الذي أقره الكونغرس عام 2018 وعلق بموجبه المساعدة الأمريكية للسلطة الفلسطينية طالما استمرت الأخيرة في تنفيذ سياسة الرفاه الحالية، والتي تمنح بموجبها رواتب للأسرى على أساس طول مدة محكوميتهم.
وقال النائب براد شنايدر (ديمقراطي من إيلينوي): “لقد أكدنا أن مثل هذه المدفوعات غير مقبولة كليا ومطلقا”.
وقال أعضاء الكونغرس إن عباس دافع عن هذه السياسة باعتبارها ضرورية، والتي بدونها ستكون أسر منفذي الهجمات معدمة. عندما سُئلوا ما إذا كانت السلطة الفلسطينية تقدم رواتب مماثلة للأسر بعد وفاة أحد الوالدين بسبب السرطان، قال المسؤولون الفلسطينيون الحاضرون إنهم يعملون على إنشاء مثل هذا النظام الداعم وأنهم بصدد إصلاح سياستهم الحالية.
وقال شنايدر لتايمز أوف إسرائيل إن الجانبين أخفقا أيضا في التوصل إلى اتفاق بشأن “اتفاقيات إبراهيم”، التي حث عباس الوفد المكون من 10 أعضاء من الحزبين على عدم التقدم فيها إلا بعد حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ولقد طرح شنايدر تشريعا في مجلس النواب لوضع الدعم المالي الأمريكي وراء الجهود المبذولة لتعزيز اتفاقيات التطبيع الحالية التي وقّعتها إسرائيل مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب وتوسيع اتفاقيات إبراهيم لتشمل دولا إضافية في المنطقة.
وقال شنايدر: “كنا واضحين أن التطبيع مفيد للمنطقة، بما في ذلك للفلسطينيين، وقلنا أنه سيستمر، وأن على الفلسطينيين اغتنام الفرصة للمضي قدما، بدلا من المقاومة وعرقلته”.
وأضاف أنه ليس على علم بوجود أي دول أخرى على وشك التطبيع مع إسرائيل، لكنه أشار إلى أن بعض الاتفاقات السابقة جاءت في اللحظة الأخيرة دون سابق إنذار.
افتتح عباس اجتماع الخميس بالتأكيد على دعمه لحل الدولتين الذي تدعمه إدارة بايدن.
وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”، فلقد شدد عباس “على ضرورة اتخاذ خطوات عملية لإعطاء الشعب الفلسطيني الأمل في تحقيق السلام من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية وعلى أساس حدود ما قبل عام 1967”.
ويبدو أن عباس لم يكن مقنعا بالنسبة للمشرعين الأمريكيين، حيث أشار شنايدر إلى أن “عباس يُعتبر بعيدا كل البعد عن الشعب الفلسطيني وقد أظهر على مر السنين عدم استعداده لاتخاذ الخيارات الصعبة”.
وبدا أن مانينغ تلقي باللائمة في الطريق المسدود الذي وصلت إليه محادثات السلام على عباس، رافضة زعمه بأن إسرائيل لم تقدم أبدا عرضا جادا للتوصل إلى اتفاق.
إلى جانب عباس في الاجتماع، جلس رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية ووزير الشؤون المدنية حسين الشيخ ورئيس المخابرات ماجد فرج.
الاجتماع في المقر الرئاسي للسلطة الفلسطينية كان واحدا من بين ثلاثة عقدها وفد نواب الكونغرس الأمريكي في رام الله، حيث التقى أيضا بطلاب مدارس ثانوية في برنامج ممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية يهدف إلى تحسين مهاراتهم في اللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى مجموعة من رجال الأعمال الفلسطينيين.
وقالت مانينغ إن الاجتماع الأخير كان الأكثر إنتاجية من بين الثلاثة، حيث عرض الفلسطينيون العقبات المحددة التي يواجهونها في تنمية أعمالهم وتحفيز الاقتصاد. وقالت النائبة إنهم أعربوا عن أسفهم لصعوبة جذب المستثمرين المحتملين إلى الضفة الغربية وطلبوا المساعدة الأمريكية في هذا الشأن.
وقالت مانينغ: “بدت هذه وكأنها اقتراحات يجب أن نناقشها ونأخذها في الاعتبار”، مشيرة إلى أنها “تسير جنبا إلى جنب” مع جهود إدارة بايدن “لتعزيز السلطة الفلسطينية”.
سعى البيت الأبيض لإعادة العلاقات مع رام الله بعد قطعها خلال إدارة دونالد ترامب. أعاد الرئيس الأمريكي جو بايدن تقديم مساعدات بملايين الدولارات للضفة الغربية وقطاع غزة وأعلن عن خطط لإعادة فتح القنصلية في القدس التي كانت بمثابة البعثة الأمريكية الفعلية لدى الفلسطينيين.
ومع ذلك، فإن واشنطن محدودة في الدرجة التي يمكن أن تحتضن بها السلطة الفلسطينية، بالنظر إلى تشريعات الكونغرس الحالية.
تأمل حكومة رام الله أن يقوم بايدن بجعل تشريع تم سنه في عام 1987 يعتبر منظمة التحرير الفلسطينية والمنظمات التابعة لها منظمة إرهابية غير دستوري، مما سيسمح لمسؤوليها بالعمل بحرية أكبر في الولايات المتحدة، لكن البيت الأبيض لم يبد أي مؤشر على أنه ينوي القيام بمثل هذه الخطوة.
أمضى الوفد معظم رحلته التي استغرقت أسبوعا في إسرائيل، حيث التقى برئيس الوزراء نفتالي بينيت، ووزير الخارجية يائير لابيد، ووزير الدفاع بيني غانتس، ورئيس حزب “القائمة العربية الموحدة” الإسلامي منصور عباس.
وقالت مانينغ إن منصور عباس، الذي يرأس أول حزب عربي مستقل على الإطلاق يكون جزءا من ائتلاف حاكم في إسرائيل، اتخذ “خطوة شجاعة” بالانضمام إلى الحكومة.
مسلطا الضوء على الطبيعة المتنوعة للحكومة الإسرائيلية الجديدة، التي تضم ثمانية أحزاب من مختلف الأطياف السياسية، قال شنايدر إن الاجتماع مع قادة الحكومة منحه “الأمل في احتمالات تحقيق بعض النجاح في السنوات القادمة وأن تُلهم الحكومة بقية العالم أيضا”.
وقال شنايدر أنه “أعجب” بشكل خاص باستعداد بينيت “للتفكير خارج الصندوق”.
وقال النائب الديمقراطي: “بينيت هو من نوع الأشخاص الذي يضع مصالح بلاده نصب عينيه أولا وقبل كل شيء، حيث انضم إلى ائتلاف من اليسار إلى اليمين ويحاول القيام بأشياء لم تكن ممكنة في السابق”.
ووصف شنايدر زيارة إسرائيل بأنها “تاريخية”، مضيفا أنه “كان هناك التزام متبادل بالعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والتزام بضمان أمن إسرائيل… والتزام ببذل كل ما في وسعنا لضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي أبدا”.
يشترك كلا البلدين بالفعل في هذا الهدف، لكنهما منقسمان حول كيفية تحقيقه، حيث تسعى الولايات المتحدة للعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني الذي يعرض على طهران تخفيفا للعقوبات مقابل فرض قيود على برنامجها النووي. في حين أعربت حكومة بينيت بالفعل عن معارضتها الشديدة للاتفاق، وتعهدت بمواصلة العمل ضد الجمهورية الإسلامية، بغض النظر عما إذا عاد الاتفاق النووي إلى مساره.