هل “طيّرت” أحداث الطيّونة الإنتخابات النيابية؟…
عبد الكافي الصمد-سفير الشمال
كانت ساعات الإشتباكات الخمس التي دارت يوم الخميس الماضي في مستديرة الطيّونة على خطوط التماس التقليدية المعروفة خلال سنوات الحرب الأهلية، 1975 ـ 1990، بين منطقتي الشيّاح وعين الرمانة، كافية لاستعادة كثيرين ذكريات الشؤم للأيّام السّوداء التي تلت حادثة 13 نيسان 1975 في عين الرمانة، التي انطلقت منها “شرارة” الحرب الأهلية واستمرت طيلة 15 سنة، لتأكل في طريقها الأخضر واليابس في البلد.
لكن أحداث الطيّونة لم تسهم في استعادة ذكريات مؤلمة لا يريد كثير من اللبنانيين لا تذكّرها ولا العودة إليها، بل تركت تداعيات واسعة على السّاحة السّياسية اللبنانية بدأت عبر طرح تساؤلات عن مصير التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في 4 آب العام الماضي، ومصير الحكومة في ضوء الإنقسامات التي سادتها حول التحقيقات في ملف انفجار المرفأ، ومخاوف من أن يكون ما حصل في الطيّونة من “ميني” حرب أهلية مقدمة لحصول مثلها في مناطق أخرى.
غير أنّ سؤالاً آخر طرح ضمن ازدحام الأسئلة حول أحداث الطيّونة وتداعياتها وهو عن مصير الإنتخابات النّيابية المقبلة ربيع العام المقبل، وهل أنّه بات ممكناً إجراؤها في هكذا أجواء مشحونة، أم أنّ ما حصل في الطيّونة ليس سوى مجرد غيمة عابرة وتمرّ، وأنّ الحكومة وقوى السلطة تدرك أنّ الضغوط الدولية لن تسمح بتأجيل إجراء الإنتخابات مهما كانت الظروف.
قد يكون مبكراً الإجابة على هذا السؤال الآن، ولكن الإجابة على بعض الأسئلة التي طرحت على هامش أحداث الطيّونة من شأنها أن توضح الصورة أكثر، وبأن ترسم ملامح المرحلة المقبلة.
من هذه الأسئلة: من يضمن أن لا تتكرر هذه الأحداث في الطيّونة مجدّداً أو في أيّ منطقة لبنانية أخرى في ضوء الإحتقان السّياسي والطائفي والمذهبي الذي يسود لبنان؟، وهل الأشهر القليلة المتبقية حتى موعد الإنتخابات النّيابية كافية لإزالة كلّ آثار التوتّر والإنقسام التي أحدثتها؟، وهل أنّ الحكومة المكبّلة بانقسامات سياسية حادّة حول أحداث الطيّونة وملف تحقيقات مرفأ بيروت وغيرها، قادرة على تجاوز هذه الإنقسامات في المرحلة المقبلة، والإجتماع من أجل بدء التحضير لإجراء الإنتخابات؟، وهل أنّ هذه الإنتخابات ستجري وفق القانون الحالي أم بعد تعديله؟، وهل يمكن تعديله في ضوء الإنقسامات الكبيرة بين القوى السّياسية؟، وماذا عن التكلفة المالية لإجراء الإنتخابات التي يبدو أنّ الدولة عاجزة عن تحمّلها في ضوء أوضاعها المالية الصعبة؟، وهل القوى السّياسية تملك، بأغلبها، الإمكانات المالية الكافية من أجل تغطية حملاتها الإنتخابية؟، وماذا عن الوضع الصحّي والخوف من تفشّي فيروس كورونا في ضوء ارتفاع معدل الإصابات به في الأشهر الأخيرة؟
لا شكّ أنّ الأوضاع بالغة التعقيد والصعوبة، وزادت الإنقسامات حول التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت وأحداث الطيّونة منها، ما سيجعل الإجابة على هذه الأسئلة أو على بعضها مرهون بتطوّرات الأيّام المقبلة، التي على ضوئها يمكن التأكيد أنّ الإنتخابات المقبلة ستجرى في موعدها أم أنّ التأجيل سيفرض نفسه عليها.