الحدث

نبحث عن وطن أو مواطن

د.عمران زهويكاتب وباحث سياسي

اللواء

يطالعنا المسؤولون اللبنانيون يومياً متحدثين عن إنهيار الدولة، إنهيار مؤسساتها والأدهى والتي فعلا يجب التوقف عندها بأن الأغلبية يتحدثون عن الفساد والمفسدين وكأنهم ليسوا هم السلطة التشريعية والتنفيذية والهيئات الرقابية ومفاصل الدولة والقضاء وكل تفصيل في هذه الدولة هو بيدهم، عاثوا فساداً بالطول والعرض، وأقرّوا قوانين ومنها ليس له مراسم تطبيقه فاقت الـ70.

اليوم الكلام عن إنهيار الدولة بكل ما للكلمة من معنى، على الصعيد الطبي هجرة الأطباء والممرضين على قدم وساق وفاقت الأعداد الـ3500، ونصف أطباء الأسنان منهم من لا يعمل والآخر سافر باحثاً عن لقمة العيش

الأمن الدوائي ويديره الكارتل الدوائي، إذ الدعم السنوي هو مليار ومئتا مليون دولار، وفي الشهر الخامس من هذا العام كان الكارتل قد صرف 1282 مليار دولار أي انه قطع الكوتا السنوية وأكثر خلال خمسة أشهر، ما يعني ان الدواء ضعف كمياته مفروض أن تكون في السوق، ولكن التخزين وعدم توزيعه على الصيدليات باحثين عن بيعها خارج البلاد من أجل الـ fresh dollar. غير مبالين بصحة المواطن والمرضى الذين هم في أمسّ الحاجة للأدوية (فلا حسيب ولا رقيب)، مع العلم انه فقط ما يذهب الى المصانع اللبنانية من مواد خام لتصنيع الدواء لا تتعدّى الـ 7% من الكوتا، وأما الباقي يذهبون الى 65-70 شخصا يستوردون حوالي 6500 دواء، فهذا الإجرام بأمّ عينيه، مع العلم ان المصانع اللبنانية إذا دعمت فهي تستطيع أن تؤمّن أكثر من 45% من حاجة السوق.. الحل هو بسيط جداً وقد طرحناه على الحكومات السابقة ويتمثل بتشكيل لجنة طبيه لاعتماد دواء واحد (براند) والأرخص بينهم، وواحد (جينيريك) والأرخص بينهم، ودوائين أو أكثر تصنيع لبناني، هذا سيوفّر على الخزينة ما لا يقلّ عن نصف مليار دولار.

على صعيد المحروقات وهي أيضا تابعة للكارتال النفطي والمقسّم على الزعامات السياسية، إذ ليس لدينا أزمة بل هي مفتعلة، اللاعب الأساسي هو الشركات التي تبيع للسوق السوداء للتهريب الى خارج البلاد، بالإضافة الى المواطن الذي امتهن بيع البنزين في السوق السوداء عبر الغالونات والتي وصل سعر الغالون الواحد (8.5) الى 150 ألف ليرة، بالإضافة الى سيارات الأجرة التي أصبحت تعمل بنفس الطريقةوطالما سعر المحروقات في سوريا هو أغلى من لبنان طالما الأزمة موجودة في ظل غياب الدولة من حيث ضبط الحدود!!!

والتفلّت بسعر الصرف والذي كان من بدايته مسؤولية المصرف المركزي لأنه دخل مضاربا في السوق، ولنعود لمفرزة الضاحية القضائية وما نتج عن التحقيق مع الصرافين والذي وصل الى مدير العمليات في المصرف المركزي ومن ثم أغلق الملف، وأيضا سعي المصارف لإنجاز مفاعيل التعميم 154 والذي يقضي بإعادة زيادة رأس مال المصارف بـ 20% والمصارف المراسلة بـ 3% وبالطبع كانت تشتري الدولار من السوق السوداء واتبعه حاكم المصرف بالتعميم 158 والذي يوجب المصارف بدفع 400$ للمودعين مما زاد الطين بلّة.. والمنصات الوهمية والتي لا أسس اقتصادية أو مالية لها للتحكم بسعر الصرف، عداك ان 15% من الشعب اللبناني أصبح يعمل بالصيرفة وهناك تقصير من الأجهزة الرقابية ومن المدعي المالي أيضا. وإذا أردنا أن نتحدث عن كل ما يحدث فنحتاج الى سلسلة مقالات. ولكن هل يعي المسؤولون ما يجري مع المواطن وهم ما زالوا يتناتشون ويختلفون على مقعد هنا ومقعد هناك؟!

كم معيب ما يحدث إذ أصبحنا اليوم متسوّلين منتظرين مؤتمرات دولية للمساعدات الإنسانية.

فنحن في لبنان نفتقر الى رجالات دولة وعلى المواطن نفتقر الى تحرر وطني. أيها السلطة الحاكمة في ظل الهجرة ولولا الـ «كورونا» لرأينا اكثر من نصف الشعب اللبناني قد هاجر بلا عودة، فمن ستحكمون؟ وبما ان الشعب مصدر كل السلطات فالتعويل على إستفاقة المواطن وشطب الطائفية والزعامات من النفوس علّنا نصل الى ان الشعب سيحاسب ولن يرحم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى