تحقيقات - ملفات

الحزب لم يُسقِط نظريّة “العدوان” الإسرائيليّ على المرفأ

 

قاسم قصير – أساس ميديا-

منذ انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الماضي، حرص حزب الله على التعاطي بحذر مع التحقيقات والاتّهامات والروايات عن حقيقة الانفجار وأبعاده ومَن يقف خلفه، تاركاً للتحقيقات الأمنيّة والقضائية والخبراء المعنيّين تحديد النتائج المتعلّقة بالانفجار وأبعاده، وإن كان الحزب ردّ بقوّة على الاتّهامات، التي طالته وحمَّلته المسؤولية عن الانفجار أو اتّهمته باستخدام مستودعات المرفأ لتخزين صواريخه، وعمد إلى تقديم شكاوى ضدّ كلّ مَن يحمِّله هذه المسؤولية.

وعندما بدأ القاضي فادي صوّان تحقيقاته، ووجّه بعض الاتّهامات الأوّليّة إلى رئيس الحكومة المستقيلة الدكتور حسان دياب وعدد من الوزراء السابقين، كانت للحزب ملاحظات أوّلية على هذه الاتّهامات لكونها لا تستند إلى معايير موحّدة.

لكنّ الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله كان يصّر دوماً على ضرورة إصدار التحقيق التقني حول التفجير، وكشف المعلومات والمعطيات التي توصَّل إليها المحقِّقون، وطالب أكثر من مرّة المحقّق السابق القاضي صوّان، والمحقّق الجديد طارق البيطار، بكشف الحقيقة.

لكن بعد تسريب المعلومات عن اتّهامات جديدة وجّهها القاضي البيطار إلى عدد من المسؤولين الأمنيّين والوزراء السابقين، كان للسيد نصر الله تعليق أوّليّ على هذه الاتّهامات. ففي إطلالته الأخيرة في مؤتمر تجديد الخطاب الإعلامي للمقاومة، قال نصر الله: “اليوم أنا لن أعلّق، سأترك التعليق لاحقاً حتى تصل الإخبارات القضائية الحقيقية، لنرى هل ما تمّ تداوله في وسائل الإعلام صحيحٌ أو ليس بصحيح؟ هل ما تمّ تسريبه صحيحٌ أو ليس بصحيح؟ نحن في السابق تحدّثنا عن موضوع المعايير واختلاف المعايير. ونحن ما نسعى إليه، على مقربة من الذكرى السنوية للانفجار ولهذه المجزرة المهولة، هو العدالة والحقيقة. حتى الآن ما زالت العدالة بعيدة والحقيقة مخفيّة. على مدى سنة وعلى مدى أشهر طالبنا قاضي التحقيق السابق

والقاضي العدلي الحالي، طالبناهما بأن ينشرا ملف التحقيق الفني التقني حول هذه الحادثة المهولة، وحتى الآن لا حياة لِمَن تنادي”.

وسأل نصر الله: “هل ما حصل هو تفجير؟ هل ما حصل هو أمر متعمَّد؟ هل ما حصل سببه الإهمال؟ هل ما كان في مرفأ بيروت صواريخ للمقاومة؟ هل كان في مرفأ بيروت مخازن سلاح للمقاومة، كما قيل في الأيام الأولى والأسابيع الأولى؟ هذا جزء من حملة الأكاذيب التي لم نتفرّغ لأن نعطي شواهد عليها، وتعرفون أنّها ليست بحاجة إلى شواهد. حتى الآن لا حديث عن الحقيقة، حتى لعوائل الشهداء”.

وخاطب نصر الله المحقّق العدلي: “لا تريد أن تقيم مؤتمراً صحافياً، يا أخي فلتجمع عوائل الشهداء ولتقُل لهم كيف استشهد أولادهم، هل يوجد صاروخ إسرائيلي؟ هل يوجد عدوان إسرائيلي؟ هل يوجد متفجّرات؟ هل يوجد استخدام من المقاومة للمستودعات في المرفأ؟ هل يوجد إهمال، تقصير؟ وثانياً، نريد أن نرى هل يوجد وحدة معايير أو لا توجد وحدة معايير؟ هل يوجد عمل قضائي حقيقي أو يوجد استهداف سياسي؟ وحينئذٍ يُبنى على الشيء مقتضاه”.

في هذه المواقف الواضحة، وضع السيد نصر الله كل الاحتمالات المرتبطة بالتفجير وأبعاده، ومَن هي الجهات التي يمكن أن تقف خلفه من دون أن يتبنّى أيّ موقف محدّد أو رواية معيّنة، وإن كان لافتاً أنّ السيّد لم يُسقِط من الروايات والاتّهامات ما قيل عن عدوان إسرائيلي أو صاروخ إسرائيلي أُطلِق على المرفأ.

وحسب المعلومات عن أجواء الحزب وتعاطيه مع التحقيقات الجارية، فإنّ حالةً من الحذر والريبة تسود موقف الحزب ممّا يجري، مع إمكان تسييس التحقيق واستخدامه في الصراعات القائمة في البلد عشيّة الذكرى السنوية الأولى للتفجير، وفي ظل الصراع القائم في لبنان والمنطقة، وما يُنشَر عن مساعٍ دولية وإقليمية من أجل إسقاط الطبقة السياسية القائمة اليوم، ودعم طبقة سياسية جديدة من خلال الانتخابات النيابية المقبلة أو عبر بعض الطروحات التي تتضمّن تشكيل حكومة عسكرية أو حكومة تضمّ شخصيات عسكرية وقضائية متنوّعة.

يراقب الحزب التطوّرات بحذر شديد، وينتظر ما ستؤول إليه التحقيقات والتطوّرات المتسارعة في لبنان والمنطقة، وهو يستعدّ لكلّ السيناريوهات الإيجابية والسلبية، وينتظر نتائج التحقيقات في جريمة المرفأ، وما سيصدر عن قاضي التحقيق العدلي طارق البيطار، وسيبني على الشيء مقتضاه.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى