اسرائيل تقتل غسان كنفاني ثانية.. رجال الهيكل يهتزون من صوت رجل
نارام سرجون
كل رصاص الجيوش العربية مجتمعة تستخف به اسرائيل وتعتبره اكواما وجبالا من الحصى والرمل .. وكل دبابات وطائرات الوطن العربي والشعوب الاسلامية لاتشغل بال احد في اسرائيل لأن الدبابات في أيدي ملوك العرب دمى .. والدمى لاتسبب اي قلق مهما شق الناس حناجرهم في المظاهرات ضدها ومهما نعق الزعماء وهددوا .. لانه لاتوجد رصاصة ولاقذيفة واحدة مبرمجة او مخصصة للتوجه ضد اسرائيل .. ولذلك لاتحاول اسرائيل تجريد الدول العربية من السلاح بل ان شركات السلاح الاسرائيلية تبيع الاسلحة والمعدات العسكرية لبعض الجيوش العربية والاسلامية مثل الجيش التركي والسعودي والاماراتي والقطري والاردني .. في حين ان سلاح حزب الله رغم ضآلته فانه تشتغل على نزعه كل اوروبة واميريكا والعرب واللبنانيون لانه مبرمج وموجه ضد الاسرائيليين فقط .. والجيش السوري الباقي الوحيد من جيوش العرب لم يسلم سلاحه المبرمج ضد الاسرائيليين صارت تصنفه الامم المتحدة على انه قاتل الاطفال .. واستقدمت ضده كل منظات الجريمة العالمية لتحطيمه .. وهو جيش يمنع عنه السلاح من معظم دول العالم .. ويقصف من قبل اميريكا والغرب واسرائيل وتركيا .. اما جيوش اميريكا والناتو التي فتكت بكل اطفال العالم منذ فييتنام الى هيروشيما الى مذابح اطفال افريقيا وفلسطين وليبيا واليمن والعراق فهذه جيوش الرحمة ..
وكل خطابات العرب وكل صحف العرب والمسلمين وكل مهرجاناتهم ومؤتمراتهم السياسية وكل منتدياتهم الثورية يتسلى بها الاسرائيليون وكأنهم يرون مسرحية مدرسة المشاغبين .. مجموعات من الكتاب والاعلاميين والمهرجين والسياسيين الذين يثرثرون وينبحون .. ويكفي ان نستمع لبرنامج الاتجاه المعاكس التهريجي وضيوفه المشاغبين كي نعلم ان مثل هذا التلوث بالضوضاء والصخب لاتحاول اسرائيل منعه .. الا ان كل الاقمار الصناعية تصاب بالانسداد امام بث برنامج سوري او ايراني لتوعية الناس وحضهم على التفكير بطريقة سليمة في شؤون حياتهم ..
بيانات الحكومات العربية والاسلامية مثيرة للضحك والكوميديا في اجتماعات الحكومة الاسرائيلية حتى ان احد الوزراء الاسرائيليين طلب ان تذاع هذه الخطابات العربية والعنتريات التركية والاسلامية في برامج البث الاسرائيلي كلما توتر المزاج الشعبي الاسرائيلي اثر تهديدات نصرالله كي يحس الناس ان تهديدات نصرالله هي من نفس النوع فيخف القلق والتوتر ..
ولكن ماالذي سيغير الدمى في ايدي العرب الى أسلحة فتاكة وسيغير مزاج الرصاص سوى الكلمة التي فيها مفاتيح الرصاص واسرار البارود ؟؟ ومن يملك الكلمات هم أولئك النخب المثقفة او التي يرتفع فيها منسوب التمرد على القطيع وهي التي تصنع الوعي وتعيد الروح .. ولهذا صرنا نعلم لماذا تقتل اسرائيل شخصا مثل نزار بنات .. وكل من يمكن ان يكون مؤثرا في أفكار الناس ..
وعيون اسرائيل لاتتجسس على سلاحنا وقواعدنا العسكرية فقط بل هي تتجسس على كلماتنا لان الكلمات هي التي تعطي الرصاص اتجاها وهي التي تثقف البنادق فالبندقية تبرمجها الكلمة .. وكل كلمة تحس انها ستغير مزاج الرصاص فانها تقتلها بقتل صاحبها .. ولذلك فانها قتلت غسان كنفاني في محاولة لاغتيال كلمته .. لأن غسان كنفاني كان ظاهرة يمكن ان تصوب مسار وبوصلة منظمة التحرير الفلسسطيني التي كانت تتحضر لخوض مغامرة الحرب الاهلية اللبنانية .. وأشخاص مثل غسان كنفاني كان يمكن ان يعقلنوا القرار الفلسطيني في لبنان ويقولوا ان بندقية فلسطين لايجب ان تطلق النار خارج فلسطين تحت اي ظرف ..
واسرائيل تبحث عن كل منارة وسراج في عقولنا لتطفئها .. فهي التي قتلت ناهض حتر عن طريق تكليف المخابرات الاردنية بهذه المهمة .. لأنه كان خطرا جدا وهو يفتح فجوة في الجدار الاردني بكلماته .. الجدار الاردني العازل الذي هو اهم من الجدار العازل الذي بنته في الضفة .. ومن هذه الفجوة كان الكلام الخطر يتدفق عن اهمية محور المقاومة وعن دور العرب والاردن واسرائيل في احداث سورية في زمن ارادت اسرائيل ان تظهر للعالم ان مايحدث في سورية ثورة سورية وهي لادخل لها فيها ..
نزار بنات كان من المعاول التي تهدم الاكاذيب الاخوانية في الربيع العربي .. الاكاذيب المضللة وصلت الى الشعب الفلسطيني الذي كان الخطاب الاعلامي يحاول ان يدخله في حالة غيبوبة وسكر الربيع العربي .. حالة الثمل والسكر هذه نقلت مئات الفلسطينيين من المواجهة مع اسرائيل الى المواجهة مع الجيش السوري .. وعاش كثير من الفلسطينيين فترة من الضياع والتيه وهم ينجرفون خلف اوهام الحرية السورية والعربية والاسلامية .. وكان مفجعا ان فلسطين غابت في كل شعارات الربيع العربي والثورات ومع هذا انساقت بعض فلسطين مع الموجة الشاذة .. حتى ان الامر وصل الى ان فلسطين غابت عن فلسطين نفسها .. وصارت فلسطين تتسكع بين قطر وتركيا ومصر وواشنطن .. وتصرفت القيادات الفلسطينية كالسكارى الذين فقدوا ذاكرتهم وفقدوا عناوين بيوتهم ومفاتيحها وهم يتسكعون في الربيع العربي يسألون عابري الطريق عن عنوان بيتهم ..
نعم الفلسطينيون كانوا بحالة شلل .. فـ (فتح) لم تفتح فمها لتعترض على الكارثة التي اجتاحت العرب .. و(فتح) صمتت وهي ترى ان سورية وهي ام فلسطين طردت من الجامعة العربية بل انها وبقرار خسيس قررت ان تسلم قرار العرب الى قطر وتخلت عن رئاسة دورة الجامعة العربية لقطر التي كانت تضخ 137 مليار دولار لتدمير سورية وجيشها تحت سمع حماس وبصرها .. رغم ان فتح وحماس تدركان ان الجيش السوري هو المستهدف وليس مقام الرئاسة لأنه آخر جيش لايزال يتطلع باتجاه فلسطين ويرفض ان يرفرف علم اسرائيل في دمشق .. ومع هذا وقفتا تتفرجان وكأن الأمر لايعنيهما ولايعني فلسطين .. وهو موقف انتحاري لان التضحية بالجيش السوري كان يعني ان الفلسطينيين صاورا وحدهم في المعركة .. فقد تحولت دول الطوق الى دول التوك توك .. فدول الطوق الذي تعلقه اسرائيل في عنقها تحولت إلى عقد حول عنق اسرائيل تتزين به في احتفالاتها السنوية .. كما يتزين الصيادون بأسنان الاسود والنمور ويعلقونها كالأطواق حول اعناقهم .. ولم يعد ينقصه الا انياب الأسد الاخير.. السوري..
المهم ان فلسطين استيقظت وظهرت فيها عودة الوعي والروح واستفاق الفلسطينيون .. وظهرت اقلام وكلمات خطرة تريد ان تعيد فلسطين عن ثمالتها وتعيدها الى امها سورية بربط وحدة المصير .. وظهر كثيرون ومن بينهم نزار بنات .. الذي كان يمثل لاسرائيل ولادة جيل غسان كنفاني .. غسان كنفاني كان يكتب بالعربية الفصحى ولكنه كان يذكر الفلسطينيين بفلسطين .. ونزار بنات كان يتحدث باللهجة الفلسطينية ليذكر الفلسطينيين انهم في التيه وعليهم العودة الى فلسطين عن طريق سورية .. فلسطين لايمكن دخولها لا من قطر ولا من استانبول .. الطريق الوحيد واليتيم عبر كل التاريخ الى القدس كان من دمشق ..
ماكان نزار بنات يقوله كان خطرا للغاية .. فالرجل يغسل الدم الفلسطيني من المخدرات العربية والمهلوسات الإسلامية وبول البعير والبول العثماني .. وفي كل حديث له كانت عروق فلسطين انقى وضميرها أنقى .. الا ان اسرائيل تريد للفلسطينيين ان يناموا ألف سنة بالمخدرات الاسلامية ومخدرات اوسلو في دكان محمود عباس .. ولافرق ان ماتوا بجرعات زائدة من المخدرات او ان يموتوا في حروب الربيع العربي .. ولكن صوت نزار كان قويا .. وجريئا للغاية .. ولايجامل ولاينافق .. فارسلت اليه شرطة دايتون الفلسطينية لصاحبها محمود عباس .. وهي أخطر ماانتجته اوسلو ..
نزار بنات .. وغسان كنفاني .. وناهض حتر .. وكثيرون غيرهم هم باختصار أنبياء فلسطين الذين يخشاهم رجال الهيكل .. وكل التلمود يهتز عندما يسمع الحقيقة .. ولذلك فان رجال الهيكل سيقتلونهم .. كما قتلوا وصلبوا أنبياء الله ..
من أحاديث نزار الخطرة
المصدر: نارام سرجون