تحقيقات - ملفات

قاسم مصلح: من سجني صدام والأميركيين إلى بلاط الحرس الثوري

منتظر الخارسان- صحافي عراقي

تعرف عن مصلح شدّته وبطشه في التعامل مع عناصر لوائه، كما ارتبط اسمه بعمليات تهديد لضباط في الجيش العراقي.

انتهى مسلسل اعتقال قاسم مصلح، أحد أبرز قياديي الحشد الشعبي في العراق بعد 15 يوماً أمضاها في معتقل، يقال إنه يتمتع بخدمة VIP، بتهم مختلفة تتصل بالإرهاب وبمقتل الناشط المدني إيهاب الوزني في كربلاء. أفرج عن مصلح لـ”عدم كفاية الأدلّة”، بعد انتهاء التحقيقات معه، في مشهد يعكس تخلخل تماسك الدولة وتراجع هيبتها أمام سطوة الميليشيات التابعة لإيران. سارع مجلس القضاء الأعلى العراقي إلى تأكيد أن “القضاء يتعامل مع أي قضية تعرض على المحاكم وفق الأدلة المتحصلة فيها والمنصوص عليها في القانون”. وذكر في بيان أن “قاسم مصلح  تم اتهامه بقتل الناشط ايهاب الوزني لكن لم يقدم اي دليل ضده، بخاصة أنه أثناء حضوره أمام القضاة وتدوين أقواله، أثبت بموجب معلومات جواز السفر أنه كان خارج العراق عند اغتيال الوزني و أنكر ارتكابه أو اشتراكه بهذه الجريمة، ولم تجد محكمة التحقيق أي دليل يثبت تورطه في تلك الجريمة بشكل مباشر أو غير مباشر”.

اسمه الكامل قاسم مصلح محمود الخفاجي. يبلغ من العمر 55 سنة. ولد في مدينة كربلاء وسط العراق، له تاريخ في معارضة نظام الرئيس السابق صدام حسين. اشترك في الانتفاضة “الشعبانية” عام 1991 بعد حرب الخليج الأولى، لتنتفض بعد ذلك 14 محافظة عراقية ويفقد النظام الحاكم سيطرته على محافظات الوسط والجنوب، إلا أنها لم تستمر إلا لشهر واحد تقريباً، ليقوم بعدها النظام بجمع قواه وقمع المنتفضين واعتقال المئات من الشباب المشاركين والمتهمين بالمشاركة في الانتفاضة وإعدام بعضهم، وكان مصلح من ضمن المعتقلين وبقي في معتقلات البعث ثلاث سنوات قبل الإفراج عنه، ليلجأ متخفّياً إلى إيران ويبقى فيها حتى سقوط النظام عام 2003.

قاسم مصلح

عاد مصلح إلى كربلاء بعد سقوط صدام حسين. وبقي فيها فترة ليساهم بعد ذلك في تأسيس قوة أمنية لحفظ نظام العتبات المقدسة، بالتنسيق مع إدارات العتبات، وأخذت على عاتقها حماية المقدسات من الجوانب الأمنية والتنظيمية وأوكلت مهمة الحماية المسلحة إلى قوة تابعة لوزارة الداخلية. تشكيل هذه القوة جاء بالتزامن مع تشكيل ميليشيات جيش المهدي التابعة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وكانت أشبه بقوة مضادة، حدودها الأماكن المقدسة في كربلاء فقط أو ما تسمى منطقة ما بين الحرمين في إشارة الى ضريح الامام الحسين واخيه أبي الفضل العباس.

مصلح أب لولدين: محمد ونور. يكنّى بأبي محمد. اعتقل مرة جديدة، لكن هذه المرة من قوة أميركية وأودع في معتقل البصرة ثلاث سنوات، بتهمة تهديد أمن قوات التحالف. ثم أفرج عنه وعاد ليعمل على تشكيل قوة عسكرية، بالتنسيق مع العتبة الحسينية سميت بلواء علي الأكبر تأخذ على عاتقها الدور العسكري والهجومي بعد إعلان فتوى الجهاد الكفائي، وما أن انتهت معارك التحرير حتى أعلنت القوة العسكرية التابعة للعتبة العباسية وهي لواء علي الأكبر وفرقة العباس القتالية وانصال المرجعية وفرقة الإمام علي، انسحابها من مؤسسة الحشد الشعبي وانضمامها لوزارة الدفاع والالتزام بالقرارات العسكرية الصادرة من رئيس الوزراء.

اشترك مصلح مع قوة من الشباب المتطوع في الدخول الى سامراء قبيل إصدار فتوى الجهاد الكفائي من المرجع السيستاني بأربعة أيام، لفك الحصار عنها وحماية مرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري من أي هجمات من تنظيم “داعش” كي لا يعاد مشهد الاستهداف الذي حصل عام 2006.

مصلح وخلال معارك التحرير أسس قوة قتالية تتبع له مباشرة تسمى “لواء الطفوف”، وذلك بعد انسحابه من لواء علي الأكبر التابع للعتبة الحسينية، حسبما قال في إحدى وسائل الاعلام فيما ذكرت مصادر أخرى أنه تم فصله بسبب مخالفات إدارية، وجاء تأسيس “لواء الطفوف” بحسب مصادر في الحشد الشعبي بمباركة أبو مهدي المهندس، نائب رئيس هيئة الحشد، الذي قتل مع قائد فيلق القدس قاسم سليماني بغارة أميركية على طريق مطار بغداد الدولي، ومن هنا الحديث عن النفوذ الكبير الذي يتمتع به مصلح بعلاقته مع إيران وقربه منها.

اسمه الكامل قاسم مصلح محمود الخفاجي. يبلغ من العمر 55 سنة. ولد في مدينة كربلاء وسط العراق، له تاريخ في معارضة نظام الرئيس السابق صدام حسين.

تمركز “لواء الطفوف” في مناطق غرب الانبار بعد انتهاء معارك التحرير، وبحسب مصادر أمنية كان يوفر الدعم للجماعات المسلحة التي تقوم باستهداف قاعدة عين الأسد غرب الانبار، إحدى  القواعد الأميركية في العراق.

تعرف عن مصلح شدّته وبطشه في التعامل مع عناصر لوائه، كما ارتبط اسمه بعمليات تهديد لضباط في الجيش العراقي، فضلاً عن دوره، مع لوائه، في ملاحقة النشطاء وتهديدهم وترويعهم. وعلى رغم ما يمتلكه من رصيد سياسي في مؤسسة الحشد الشعبي، إلا أنه في خطوة لافتة، اعتقلته قوة أمنية عراقية، واقتيد الى بغداد بعد يوم واحد من تظاهرات 25 أيار/ مايو 2021 في العاصمة التي طالبت بالكشف عن قتلة المتظاهرين، وفي مقدمتهم إيهاب الوزني. وعلى اثر اعتقاله طوقت المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد الفصائل المسلحة التابعة للحشد الشعبي، من اجل تحريرها، في ضرب لكل أسس السيادة العراقية وفي تهديد فاضح لهيبة القوى الأمنية الرسمية التي تتبع مباشرة لرئاسة الحكومة.

مدينة كربلاء كانت في انتظار مصلح فور إطلاق سراحه، إذ تجمهر العشرات من أنصاره بانتظار وصوله حاملين لافتات ترحيبية به ونُحرت الأضاحي احتفاءً بالإفراج عنه.

لم يستبعد نشطاء في كربلاء عودة الاحتجاجات في المدينة بعد الإفراج عن مصلح وعدم قدرة الحكومة العراقية على إبقائه موقوفاً في التهم الموجهة إليه، بسبب سطوته والضغوط التي تعرضت لها الحكومة للإفراج عنه.

ويبدو ان عملية الإفراج تمت بضغوط إيرانية، إذ تزامنت مع الزيارة المفاجئة لقائد فيلق القدس إسماعيل قاني الى العراق، الذي وضع معادلة كبح جماح الفصائل المسلحة ومنعها من مهاجمة المؤسسات الحكومية، في مقابل توقف القوى الأمنية الرسمية عن ملاحقة أي شخصية في الحشد الشعبي.

الناشط محمد الياسر يجد أن خطوة الإفراج عن مصلح تشكّل دليلاً واضحاً على ضعف الحكومة تجاه الجماعات المسلحة، وضعف قدرتها على الردع، “فما تمتلكه من سلاح وقوة بشرية يضاهي، بل يفوق، الوجود العسكري النظامي وهذا الأمر يجعل العراقيين جميعاً، وليس المتظاهرين والنشطاء وحدهم في خانة الاستهداف من قبل أي مجموعة مسلحة بالإضافة إلى أنها إشارة واضحة إلى غياب هيبة السلطة والقانون ورجال الأمن في الشارع”.

في 13 حزيران/ يونيو، من المتوقع أن يشارك مصلح في الاستعراض العسكري الذي ستقيمه فصائل الحشد الشعبي في ذكرى تأسيس “الحشد”، ويرى مراقبون أن الاستعراض الذي سيشارك فيه أكثر من 60 ألف مقاتل مع عتادهم العسكري، فضلاً عن دبابات وآليات عسكرية، سيكون بمثابة رسالة من إيران إلى الحكومة العراقية، تهدد السيادة العراقية، وتطرح اشكالية السلاح على أبواب الانتخابات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى