ناريمان شلالا-الديار
شهد العالم خلال المائة سنة الماضية على سلسلة أحداث سياسية وعسكرية ساهمت في تغيير الخرائط الجغرافية لبعض الدول، وإلى تغيير أنظمة حكم تقليدية وبنى اقتصادية عديدة. فما هي تلك الانتفاضات الشعبية؟
تشابهت هذه الانتفاضات من حيث الأسباب، إذ نتجت بغالبيّتها عن أزمات اقتصادية، أمنية، إجتماعية وسياسية صعبة. غير أنّ نتائجها قد اختلفت بين الرّابحة منها والخاسرة، أو تلك التي لم تحقّق أي نتيجة.
توزّعت الانتفاضات بين الثورات والحراكات الشعبية، والحروب؛ تمكّنت الثورات من تحقيق تغيير جذري في حكم ونظام بلادها، وفي شتّى البنى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. على عكس الثورات، لم تصل الحراكات إلى أهدافها، وانحصرت ضمن خانة الحراك الشعبي. أمّا الحروب، فعادةً ما كانت بين أطراف داخلية وأخرى خارجية استعمارية، عمدت إلى تحرير البلدان من أنظمتها القمعيّة السائدة.
ومن بين آخر هذه الانتفاضات، انتفاضة لبنان التي انطلقت في ١٧ تشرين الأوّل ٢٠١٩، والتي لا يُمكن بعد تحديد طبيعتها، وما إذا كانت ثورة أم حراك بحسب ما سينتج عنها من تغييرات… وإليكم فيما يلي المفاجأة الكبرى، بحيث سيتكرّر تاريخ ١٧ تشرين الأوّل، ليفتح باب التساؤل ما إذا كان مخطّطًا لهذه الانتفاضات أم أنّ الصدف قد جمعت بينها؟ وهل من رابط أيديولوجي أم سياسي أم اجتماعي…
بحسب الأستاذ المحاضر في الجامعة اللبنانية الدكتور روني خليل، كانت أولى الثورات في كوبا، في ١٠ تشرين الأوّل ١٨٦٨ ضد المستعمر الاسباني، وأدّت إلى الاستقلال في العام ١٨٩٩.
شهدت روسيا في مطلع القرن ٢٠، على انتفاضات شعبية عارمة، نتجت عن تغلغل الأفكار الاشتراكية. وفي العام ١٩٠٥، أطلق القيصر نقولا الثاني في ١٧ تشرين الأوّل»بيان أكتوبر»، الذي منح بموجبه حريات إضافية للشعب. وهنا تبدأ المصادفات.
انطلقت الثورة الشعبية في الصين من مدينة أوهان، في ١٠ تشرين الأوّل ١٩١١؛ ساهمت بعد نحو سنة، بالقضاء على المَلكية وخلع الامبراطور في شباط ١٩١٢. وعرفت بثورة»ووتشانغ».
مرّة جديدة في الجزائر وفي ١٧ تشرين الأوّل ١٩٦١، قامت مظاهرات واحتجاجات عنيفة بوجه الفرنسيين، رفضا لسياسة منع التجول.
روسيا من جديد، بتاريخ ٣ و4 تشرين الأوّل من العام ١٩٩٣؛ وبعد احتجاجات مدعومة من بعض نواب الأمّة بوجه سياسة الرئيس»يلتسن»، ردّ الجيش بمحاصرة البرلمان وجرت مواجهات عنيفة مع الثوّار. انتهت بإلقاء القبض على العديد منهم، وحلّ مجلس النواب لاحقًا.
بعد عامين، وأيضا في شهر تشرين الأوّل، كانت محاولة الإنقلاب على الرئيس سعيد محمد جوهر في جزر القمر والتي باءت بالفشل.
في تشرين الأوّل من العام ٢٠١١، قام الأقباط في مصر ضدّ سياسات مجحفة بحقّهم، ووقعت أحداث»ماسبيرو».
من مصر إلى اسبانيا، في تشرين الأوّل من العام ٢٠١٧، اجتاحت برشلونة مظاهرات حاشدة مطالبة باستقلال إقليم كاتالونيا عن اسبانيا.
حشد شهر تشرين الأوّل من العام ٢٠١٩، بعدد من المظاهرات الإحتجاجية، في كلّ من؛ أثيوبيا ولبنان وتشيلي وهندوراس وغينيا والاكوادور وبوليفيا والعراق.
فيما يتعلّق بالحروب التحريرية، يعدّد الدكتور خليل، أبرز تلك التي وقعت في شهر تشرين الأوّل؛ من حرب أكتوبر ١٩٤٨ في فلسطين ضد المحتلّ الاسرائيلي، إلى العدوان الثلاثي على مصر (بريطانيا – فرنسا – اسرائيل).
في العام ١٩٥٦…
ولعلّ أبرز الحروب التشرينية المعروفة في مجتمعنا، تلك التي خاضها العماد ميشال عون في ١٣ تشرين الأوّل ١٩٩٠ ضد الاحتلال، ويصح القول بأنّه من أوائل من فتح باب التحرير ومقاومة الظلم والاحتلال والمطالبة بتغيير سياسي واقتصادي للبلاد، وأدّت حربه إلى نفيه إلى فرنسا وإلى دخول الجيش السوري لبنان.
بعد هذا العرض التاريخي، من البديهي أن نسأل ما هو سرّ شهر تشرين الأوّل الذي يحرّك الشعوب؟ ولا بدّ من أن نتوقّف عند تاريخ ١٧ تشرين الأوّل الذي يصادف اليوم العالمي للقضاء على الفقر. فهل هي صدفه أم مخطّطات؟
