المارونية السياسية تحكم لبنان ؟؟!
في خضم المطالبة بحقوق المسيحيين وإجحاف الطائف بحق هذه الحقوق ، خصوصا صلاحيات رئيس الجمهورية التي ذهبت الى رئاسة الحكومة ومجلس الوزراء مجتمعاً حسب ما يدعي التيار الوطني الحر اليوم وبالأمس وربما غداً ..
وبينما يضع هذا التيار عنوان تعطيل تشكيل الحكومة بوحدة المعايير ومنع الرئيس المكلف من السطو على حصة المسيحيين عبر مطالبته بتسمية الوزراء المسيحيين على عكس ما فعل مع باقي الطوائف ، نجد بعملية حسابية بسيطة ومشهد واضح ان كل هذه العناوين والشعارات والحرص على حقوق المسيحين واستعادة صلاحيات رئيس الجمهورية هي بحقيقة الامر عملية تضليل وإغفال عن واقع بدأ منذ عامين ويبدو انه مستمر ومتمدد ، وتخطى مسألة الحقوق واستعادة الصلاحيات وتعديل الطائف ليكون فعلياً هو عودة حكم المارونية السياسية بشكل محكم وصريح وفاعل لم يسبق له مثيل حتى بمرحلة ما قبل الطائف بل ومنذ اعلان لبنان الكبير ..
وللدلالة على حكم المارونية السياسية يمكن ان نستعرض بسهولة وسلاسة مشهد إدارة الدولة حالياً ، بات القصر الجمهوري مقر استقبال ولقاء وحل ونقاش كل ما يتعلق بالأمن والاقتصاد والمال والقضاء وحتى عمل النقابات ، وغاب بشكل كلي اَي دور لرئاسة الحكومة التي اصبح حضور رئيسها جلسات مجلس الدفاع الأعلى تشريفي للصورة فقط ، يحضر أمامه جدول اعمال وقرارات مسبقة يطلع عليها خلال الاجتماع ويعطى فقط حق الكلام بالجلسة كتدبير برتوكولي لا اكثر ..
رئيس الجمهورية يوقع المراسيم التي يريدها ويمتنع عن توقيع ما لا يريد، حتى ان جلسات مجلس النواب اصبح انعقادها يتم بغالب الأحيان لمناقشة رسائل رئيس الجمهورية ..
اما مالياً فان كل ما يتعلق بمالية الدولة وحتى ابسط حاجات المواطن وكل القطاعات الاستشفائية والغذائية وغيرها منوطة بموافقة او رفض وارادة وإدارة حاكم مصرف لبنان الماروني ..
قضائياً عطل رئيس الجمهورية التشكيلات القضائيةوصولا الى الشغور بمجلس القضاء الأعلى ، حتى بلغ الامر بدعمه تمرد مدعي عام جبل لبنان على قرار وصلاحية اعلى سلطة قضائية وهي مدعي عام التمييز ، وليس اخيرا بجمع رئيس مجلس شورى الدولة مع حاكم مصرف لبنان بمهزلة دستورية لا سابق لها..
أمنياً قائد الجيش الماروني يبرم اتفاقات ويزور دول ويلتقي سفراء من اجل جلب مساعدات للجيش دون موافقة او حتى اطلاع مجلس الوزراء كما ينص الدستور ..
وبعد كل ذلك يأتي جبران باسيل ومن على خطاه ليخبر الشعب اللبناني انه يدافع عن المناصفة ويواجه ظلم السطو على حقوق المسيحيين وصلاحيات رئيس البلاد …!!
عباس المعلم / كاتب سياسي