انقطاع الإنترنت: شائعة هدفها دعم سعد الحريري
على أن أخطر ما تقوم به المنظومة، هو زيادة معدّل التهويل، غير آبهة بالانعكاسات التي تصيب الناس وسعر صرف الليرة، وما تبقّى من قطاعات تسير بشقّ النَفَس. وآخر محطات التهويل، ما قاله المدير العام لهيئة أوجيرو عماد كريدية، حول انقطاع الانترنت قريبًا.
ذريعة المحروقات
تحتل المحروقات المساحة الأكبر من النقاش اليومي، سواء المحروقات التي يستهلكها المواطنون كالبنزين والمازوت، أو تلك المخصصة لانتاج الطاقة لمعامل الكهرباء. والمازوت، حاجة أساسية ليس فقط للمركبات والآليات، وإنما لتشغيل المولدات التي تدعم أجهزة الاتصالات والانترنت، وهذا ما شكّل مدخلاً لكريدية لدق ناقوس الخطر. إذ أعلن يوم أمس الأحد أن “الارتفاع المستمر بساعات التقنين الكهربائي يتسبب بضغط كبير على مجموعات توليد الطاقة التابعة لهيئة أوجيرو. واستمرار الوضع بهذا الشكل يهدد جديًا إمكانية أوجيرو بتقديم الخدمات”. وقد حَسَمَ كريدية مصير القطاع، إذ قال أن “انقطاع الانترنت أصبح جديًا”.
التحذير أقلَقَ اللبنانيين، لكن تبريد الأجواء وقع على عاتق وزير الاتصالات، زياد حواط، الذي أسقَطَ ذريعة عدم توفر المحروقات معلنًا أن “مصرف لبنان يؤمن الاعتمادات اللازمة لشراء الفيول، ووزير الطاقة يؤمن الكمية المطلوبة لتسيير عمل كل الشبكات الأرضية والخلوية. كما أن وزارة الاتصالات تؤمن مولدات للشبكة من أجل حالات الطوارىء، وليس للاستخدام المتواصل”.
وعليه، نفى حواط امكانية انقطاع الانترنت. لكنه ترك المجال مفتوحًا للانقطاع مستقبلًا، ما لم تتوفر مادة الفيول. وهذا الاحتمال يختلف بطريقة طرحه عن ما قَصَدَه كريدية وما ترَتَّبَ عن كلامه.
دعاية سيسية وانتخابية
تستغرب مصادر في وزارة الاتصالات ما ذهب إليه كريدية. فتوتير الأجواء ليس في صالح أحد حاليًا “وما تقوم به القوى السياسية من مشاحنات بينها، يكفي لتعميق الأزمة، لذلك لا حاجة لتعميق إضافي على غرار ما قام به كريدية”.
وتقول المصادر في حديث لـ”المدن”، أن “ما قاله كريدية لا أساس اقتصادياً له، بل سياسي بحت، يهدف إلى ضرب عصفورين بحجر واحد. فمن جهة أراد المدير العام لأوجيرو أن يساهم بقرار فردي في دعم الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة، سعد الحريري، من خلال التهويل والقول بأن تأخير تشكيل الحكومة سيشلّ البلد بدءاً من الانترنت، ولذلك من الضروري المسارعة في تشكيل الحكومة وعدم وضع العراقيل أمام الحريري، وهنا يقصد التيار الوطني الحر تحديداً. ومن جهة أخرى، يسوّق كريدية نفسه أمام الحريري كمرشّح للانتخابات النيابية”.
ما لم يكترث له كريدية في تهويله، هو “ارتباط ملف الاتصالات والانترنت بالأمن القومي للبلاد. وهو أولًا يمنع الطبقة السياسية من تمرير الملف بسهولة والسماح بتضرّر القطاع، وثانياً على المستوى الاقتصادي والنقدي يؤثر توقف الانترنت على عمل مصرف لبنان والقطاع المصرفي وتحويل الأموال إلى لبنان، إلى جانب تأثيره على الجيش والقوى الأمنية”.
بالتوازي، هناك أزمة محروقات، لكن “لا يستدعي حجمها رفع سقف التهويل إلى هذا الحد. فوزارة الاتصالات لديها في مصرف لبنان حساب بالدولار وآخر بالليرة اللبنانية، وبالتالي ليس من الوارد الوصول إلى أزمة خطرة قريبًا”.
على المقلب الآخر، فإن كريدية أطلق النار على نفسه. إذ أن كلامه بات مناسبة لسؤاله عن “سبب الإهمال الذي تعانيه أعمال وخدمات ومشاريع أوجيرو، وتحديداً لجهة إهمال مشاريع استراتيجية كمشروع الاعتماد على الطاقة البديلة، والتي من المفترض أنها توفّر في كلفة المحروقات، وتشكّل حلولًا بيئية، وتعطي فرصة أكبر لتشغيل القطاع وعدم تركه رهينة المحروقات”.
تسرَّعَ كريدية في إعلانه عن قرب انقطاع الانترنت، ولم يقدّر جيدًا نتائج تصريحه. والأهم، أنه تجاهل حقيقة عدم نفاذ المحروقات، وقدرة وزارتي الطاقة والاتصالات على احتواء الأزمة وكسب الوقت، قبل الوصول إلى نقطة الخطر الحقيقي. لكن في جميع الأحوال، “لقد أحرَجَ كريدية نفسه”.