تفاهم روسيّ أميركيّ على القمة… وترجيحات أوروبيّة بالعودة للاتفاق النوويّ… وتصعيد في فلسطين / لبنان يحتفل اليوم بعيد التحرير والمقاومة… ونصرالله يرسم معادلات المواجهة مع الاحتلال / بري يبارك لفلسطين ولبنان… ويحذّر اللبنانيين من السقوط… ويشغّل محرّكاته بصمت /
كتب المحرّر السياسيّ-البناء
سجل المشهد الدوليّ تطورين بارزين، الأول بما أعلن عن لقاء جمع مستشاري الأمن القومي الأميركي والروسي تمهيداً لعقد قمة تضم الرئيسين فلاديمير بوتين وجو بايدن، وما تضمّنه البحث بشروط تطبيع العلاقات بين البلدين وتجاوز القضايا الخلافية التي سجلت مؤخراً تصعيداً في طرد الدبلوماسيين وفرض العقوبات، والثاني هو ما أعلنه مفوض الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن تقدم كبير في التوصل لتفاهم يضمن العودة الى الاتفاق النووي مع إيران، مشيراً الى التزام طهران بالتراجع عن خطواتها خارج الاتفاق عندما تلتزم واشنطن بالشق الاقتصادي من التزاماتها في الاتفاق، وما يعنيه ذلك من تقدّم يضع فرص العودة للاتفاق النووي في موعد قريب، وتزامن الحدثين مع الاهتمام المتزايد لإدارة الرئيس بايدن بالتهدئة في المنطقة، سواء في الحرب على اليمن والبحث عن تسوية هناك، أو في المهمة التي كلف بايدن وزير خارجيته أنتوني بلينكن بها في الشرق الأوسط، وعنوانها البحث عن فرص لتعويم المسار التفاوضي، تفادياً لمخاطر انفجار جديد لجولات الحرب في فلسطين، فيما كانت الأعمال الانتقامية لشرطة الاحتلال بحق فلسطينيي المناطق المحتلة عام 48، تسفر عن أكثر من مئتي معتقل تم سوقهم بطريقة وحشيّة الى المعتقلات، بينما كان الغضب الفلسطيني يتفجّر بعملية طعن نفذها شاب فلسطيني عمره 17 عاماً فاصاب شرطياً بجراح خطيرة وآخر بجراح متوسطة.
لبنان الذي يحتفل اليوم بعيد التحرير والمقاومة، ينتظر ما سيقوله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في إطلالته المتوقعة في الذكرى مساء اليوم، والتي غالباً ما يتابعها قادة الكيان للوقوف على المعادلات الجديدة للسيد نصرالله، فيما تحتلّ إطلالته اليوم أهمية استثنائية نظراً لتزامنها مع الحدث الفلسطينيّ الكبير.
بمناسبة عيد التحرير كانت كلمة رئيس مجلس النواب نبيه بري مناسبة للدخول على خط الأزمة الحكوميّة، متحدثاً عن ضيق الوقت لمحاولة الحد من الخطر، فيما قالت مصادر على صلة بالملف الحكومي أن بري الذي حمّل فريقي رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة مسؤولية الفشل، وضع تصوراً لمسعى الإنقاذ الأخير، وهو يتحرك بصمت أملاً بتلقف الحل من الطرفين الرئيسيين المعنيين، محذراً من ضياع الفرصة الأخيرة قبل سقوط الجميع.ودعا رئيس المجلس النيابي نبيه بري، في كلمة لمناسبة عيد التحرير، «الأفرقاء الى أن يبادروا اليوم قبل الغد الى إزالة العوائق الشخصية التي تحول دون تشكيل حكومة»، معتبراً أن «البعض يتعمد صناعة الازمات عن قصد او غير قصد، واذا استمرت ستطيح بالقطاعات كافة». وقال «حري بالجميع في الموالاة والمعارضة أن يستشعروا خطورة المرحلة الراهنة». اضاف «المطلوب من كل القوى واللبنانيين استخلاص الدروس، واستحضار روحية التحرير لاستعادة لبنان من تنين الانهيار»، مشدداً على استكمال تحرير لبنان من الاحتلالات التالية – أولاً: الأنانية التي يمعن البعض بها – ثانياً: الطائفية والمذهبية، من خلال الاقتناع بان المستقبل الحقيقي لتحصين لبنان وعدم تعريضه للاهتزازات وأن يكون من خلال دولة مدنيّة – ثالثاً: تحرير لبنان من المحتكرين لتأمين لقمة الناس وتحرير أموال المودعين من المصارف – رابعاً: تحرير القضاء من التدخلات السياسية ومكافحة الفساد ونهب المال العام استناداً للقانون الذي أقره المجلس النيابي لإجراء التدقيق الجنائي انطلاقاً من مصرف لبنان وكل الوزارات والمؤسسات العامة والخاصة ولا سيما كهرباء لبنان – خامساً، وهذا الأهم هو الاعتراف بأن مشكلتنا الحكومية هي 100% داخلية وأن نملك القدرة على ان نضحي من اجل لبنان لا أن نضحي بلبنان على حساب مصالحنا الشخصية».
وفي المناسبة نفسها غرّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالقول «نسترجع طعم الانتصار والكرامة، ونتعهد بمواصلة مسيرة استرجاع سيادتنا على كامل ترابنا ومياهنا. وكما حاربنا العدو وحرّرنا الأرض، علينا اليوم مجتمعين ان نحرر الدولة من الفساد ونعيد لبنان الى سكة النهوض والازدهار. وحدها وحدة اللبنانيين تحقق الإصلاحات وتعيد كرامة الحياة الى مجتمعنا».
في غضون ذلك يطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء اليوم عبر كلمة يلقيها بمناسبة عيد المقاومة والتحرير. ويستعرض السيد نصرالله بحسب معلومات البناء المناسبة وأهمية المقاومة في تحرير الأرض والأسرى وتثبيت معادلة الردع مع العدو الإسرائيلي والدفاع عن الحقوق البرية والبحرية والنفطية كما يذكر بالمراحل التي مرّت بها المقاومة وتطورها والمحطات الأساسية التي خاضتها منذ العام 1982 حتى التحرير عام 2000 مروراً بانتصار 2006 وصولاً الى الحرب على سورية التي انتهت بانتصار الدولة السورية ومحور المقاومة. كما سيؤكد السيد نصرالله على أهمية مناسبة تحرير الجنوب في العام 2000 بالتأسيس لصمود وانتصارات شعوب ومقاومات دول المنطقة في سورية والعراق واليمن وفلسطين وتثبيت المقاومة والصمود والمواجهة كخيار وحيد للتحرير واستعادة الحقوق والسيادة وحفظ الكرامة. كما يتحدث السيد نصرالله عن المستجدات الأخيرة على الساحة الفلسطينية والتقييم العسكري والسياسي لجولة الحرب والعبر المستخلصة منها وأهمية التزامن بين مبادرة المقاومة في غزة بقصف عمق الكيان الصهيوني وانتفاضة المدن الفلسطينية لا سيما في القدس والضفة وأراضي 48، كما سيبين السيد نصرالله تأثير انتصار غزة والشعب الفلسطيني وتراجع العدو الإسرائيلي وتخبطه على مستقبل القضية الفلسطينية ومصير الكيان المحتل وعلى المنطقة ككل. وقد يعرّج السيد نصرالله في الوقت المتبقي من الكلمة الى الملف اللبناني الداخلي من بوابة الأزمة الحكوميّة ويدعو الى أهمية تأليف الحكومة واقتناص الفرصة في ضوء ما يجري من تحولات في المنطقة.
وفيما بقيت البلاد تحت تأثير المواقف التصعيديّة التي أطلقها الرئيس سعد الحريري في جلسة مجلس النواب الأخيرة قبل ان يغادر مباشرة عبر مطار بيروت الى الإمارات، لم يسجل الملف الحكومي أي جديد، إلا ان مصادر عين التينة تؤكد لـ»البناء» ان الرئيس بري واستكمالاً لجهوده في احتواء المواقف التصعيدية لكل من عون وباسيل من جهة والحريري والمستقبل من جهة ثانية في الجلسة النيابية سيستمر بدوره في تقريب وجهات النظر بين الطرفين لتذليل العقد امام ولادة الحكومة وسيجري مروحة اتصالات جديدة بعد عطلة عيد التحرير مع كافة الأطراف حتى التوصل الى حل للأزمة الحكومية وهو مهد لهذه المهمة اليوم برسائل تحذير وإنذار وجهها الى بعبدا وبيت الوسط وللجميع بضرورة التعاون والتخلي عن المصالح الشخصية والخلفيات الطائفية للتوصل الى حل لإنقاذ لبنان فالثابت لدى الجميع في الخارج والداخل بان تأليف الحكومة هو مدخل حل كل الازمات.
في المقابل أشار نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش في حديث إذاعي الى ان «الوضع الحكومي لا يزال في مكانه وعلينا أن نتتظر والا نتفاءل خيراً خصوصاً في ظل الواقع الصعب الذي نعيشه». أضاف: لا أظن أن ولاية الرئيس عون ستصل الى نهايتها وأتوقع تفككاً وانهياراً للعهد وانقساماً وشغباً مفتوحاً.
في المقابل، قال عضو لبنان القوي النائب حكمت ديب بعد زيارته رئيس الجمهورية في بعبدا ان «البحث تناول مسار تشكيل الحكومة بعد جلسة مجلس النواب الأخيرة»، معتبرا أن «فارقاً كبيراً حصل بين الدعوة الايجابية الى التعاون والحوار للخروج من المأزق الحكومي، وبين التوجه السلبي الذي برز في كلمة الحريري، الأمر الذي يثير علامات استفهام حول وجود رغبة حقيقية في تشكيل حكومة جديدة، ام البقاء على التوجه الذي يعرقل الحلول بدلاً من تسهيلها».
على صعيد معيشي وفيما دعا الاتحاد العمالي العام للإضراب يوم غد احتجاجاً على تفاقم الأزمات الحياتية والاقتصادية لا سيما ازمة الكهرباء والمحروقات وجّه نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون «نداء استغاثة» إلى المسؤولين محذراً من وقف إجراء العمليات الجراحيّة على أنواعها وحتى الطارئة منها، بسبب انقطاع أدوية البنج. وناشد المسؤولين الإسراع إلى حل هذه «الكارثة» لإنقاذ المرضى من هذا الخطر المُحدق بحياتهم.
ووقع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال امس، مشروع قانون معجّل، مُعدّ من قبل رئاسة الحكومة ويرمي إلى إقرار البطاقة التمويلية وفتح اعتماد إضافي استثنائي لتمويلها.
وكان وزير المال بحث مع وفد من البنك الدولي برئاسة مدير دائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار جاه، في المشاريع المموّلة من البنك. وبعد الاجتماع، قال كومار جاه: تناقشنا في برامج البنك الدولي في لبنان وعددها كبير. كما بحثنا في سبل البدء بتنفيذ مشروع «شبكة الأمان الاجتماعي لأزمة الطوارئ» الذي ستستفيد منه 200 ألف أسرة تعاني حالة فقر مدقع في لبنان. وطلبنا من وزير المال أن يعمل مع الجهات الحكومية المختلفة للمساعدة على البدء بتفيذه فوراً. وأشار إلى «ضرورة التحرّك بشكل سريع نظراً إلى حاجة المواطنين إلى مساعدة ملحّة».
في المقابل أعلنت وزارة الصحة العامة في بيان عن «إعداد آلية سريعة لصرف الفواتير ترتكز على تحضير لائحة بالأولويات بعد غد الأربعاء، ليصار إلى موافقة المصرف المركزي على صرف مستحقاتها المقدرة بمئة مليون دولار، ما سيفتح المجال لبدء الشركات بتسليم الأدوية المتوفرة في مخازنها بشكل فوري للصيدليات».
وبرزت سلسلة مواقف لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة حيث أشار الى ان «النظام لم ينهَر حيث إنّ المصارف لم تفلس»، وأنه «تصبح أموال المودعين بخطر عندما تفلس المصارف».
واضاف في حديث تلفزيوني: «حساب الدولار الذي ابتدعناه أنقذنا ظرفياً وأدخل العملة للمصارف». وأشار الى أن «مصرف لبنان ليس أساس الأزمة وكل الحملات سياسيّة لا علميّة» و«التحويلات التي تمّت إلى الخارج لا تمر بمصرف لبنان».
وقال: «الرؤساء الثلاثة طلبوا مني أن أقبل التجديد وأبقى في منصبي».
وأوضح حاكم مصرف لبنان أنّ «الأموال التي تمّ سحبها منذ تشرين الأول 2019 هي قرابة 3.5 مليار دولار»، مشيراً إلى أن «2 مليار دولار من الأموال المسحوبة بقيت في الداخل»، وأضاف: «1.5 مليار دولار من الأموال خرجت منذ تشرين الأول 2019 تتضمّن أموال مصارف أجنبية»، وقال: هناك 230 مليون دولار تم تحويلها للطلاب في الخارج خلال عام.
من جهة اخرى، ترأس الرئيس عون اجتماعاً، ضم رئيس الوفد اللبناني الى المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية العميد الركن الطيار بسام ياسين وأعضاء الوفد: العقيد الركن البحري مازن بصبوص، عضو هيئة إدارة قطاع البترول وسام شباط والخبير نجيب مسيحي، بحضور المستشار الأمني والعسكري لرئيس الجمهورية العميد بول مطر. وتم خلال الاجتماع عرض لآخر التطورات المتعلقة بعملية المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية والخطوات الواجب اعتمادها في ضوء توجيهات رئيس الجمهورية في هذا الصدد.