المواقف على حالها وجاء دور بري “الإطفائجي”
اندريه قصاص-لبنان24
في جلسة السبت قال مجلس النواب كلمته. وكذلك فعل كل من الرئيس سعد الحريري والنائب جبران باسيل. وكان رئيس الجمهورية قد سبق الجميع في رسالته التي تليت على مسامع النواب في جلسة الجمعة. وفي الجلستين وما قبلهما وما بعدهما لم يكن الرئيس نبيه بري صامتًا. عشية جلسة تجديد الثقة بالحريري حاول “الإستاذ” تدوير الزوايا من خلال مساع قام بها لجمع الحريري وباسيل إلى مائدة عشاء، لكنه لم يوفّق، وهذا لا يعني أنه رفع العشرة وأستسلم ورمى “سلاحه” في منتصف الطريق، وهو الذي دعا في كلمته الإفتتاحية في جلسة السبت إلى الوحدة، وكررها ثلاث مرّات، نظرًا إلى أهميتها في هذا الظرف المصيري، حيث يقف لبنان على مفترق طرق.
مصادر نيابية واكبت تطورات الساعات الأخيرة في “قصر الأونيسكو” ترى أنه بعد 22 أيار غير ما قبله، بمعنى أن على الجميع العودة إلى “كتاب” الرئيس فؤاد شهاب والتقيد بمنطوقه الحرفي من دون إجتهادات تزيد طين الأزمة الحكومية بلّة.
وفي إعتقاد هذه المصادر أن “قصة” الحكومة ليست رمانة بقدر ما هي قلوب مليانة، وهذا ما إتضح في شكل واضح وجلي إولًا في رسالة الرئيس عون، وثانيًا في ما تضمّنته كلمة الرئيس الحريري، التي وصفها الجميع بأنها الأعنف منذ نشوب الإشكاليات بينه وبين رئيس الجمهورية، وضمنًا بينه وبين النائب باسيل، الأمر الذي يجعل من مهمة الرئيس بري صعبة، إن لم نقل مستحيلة.
فلا الرئيس عون، ومعه النائب باسيل، يريدان الحريري رئيسًا لحكومة آخر العهد، وذلك لعلمهما المسبق أنه بوجود رئيس تيار “المستقبل” على رأس الحكومة يتعذّر عليهما تحقيق الإصلاحات التي يريانها ضرورية لتلميع صورة العهد قبل افوله، وفق أوساط فريق بعبدا. وهذا يعني أن العهد باق من دون حكومة حتى آخر يوم من ولايته، مما يؤشّر إلى مزيد من الأزمات التي ستضاف إلى العدد الهائل من الأزمات السابقة، وإلى مزيد من النزف حتى الوصول إلى الرمق الأخير.
اما أوساط “بيت الوسط” فترى أن لا خيار للرئيس عون كرئيس للحكومة سوى الرئيس الحريري، خصوصًا بعدما قال مجلس النواب كلمته الفاصلة ووضع النقاط على حروف الأزمة الحكومية. فلا بديل من الحريري سوى الفراغ الحكومي الذي يصيب العهد وسمعته أكثر من أي فريق آخر، وأن سهام نقمة الشعب الرازح تحت أنواء المصائب لن تصيب سوى العهد، الذي يتحمّل القسم الأكبر من مسؤولية التدهور الشامل، وعلى كل المستويات.
وعلى رغم هذه الصورة السوداوية لا يزال الرئيس بري، ومعه وليد جنبلاط، مقتنعين بأن الأمور يجب الأ تُترك على غاربها، وبالتالي يجب الوصول في نهاية المطاف إلى إتخاذ قرار شجاع ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم التاريخية، إذ لا يُعقل ترك البلاد تنهار كليًا من دون أن يكون هناك أي محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الآوان وقبل خراب البصرة.
وتتوقع مصادر سياسية مطلعة أن تكون كلمة الرئيس بري في ذكرى التحرير مفصلية، إنطلاقًا من مسؤوليته الوطنية، وسيسمي الأشياء بأسمائها من دون مواربة أو محاباة، لأن الزمان هو زمن قول الحقيقة ووصف الدواء لمرض الطائفية البغيضة، مع تشديده على ضرورة الخروج من عاصفة الأزمات التي تضرب الوطن من الجهات الأربع، تمهيدًا للوصول إلى الدولة المدنية العصرية.
هذا هو دور الرئيس بري، وهذا ما سيقوم به حتما.