إعتراض شمالي واسع على مشاركة النازحين في انتخاب الأسد: عودوا إلى بلادكم إذاً
تحركت أكثر من جهة حزبية موالية للنظام في سوريا، ومنذ مدّة، في مناطق الشمال التي يتمركز فيها النازحون على خط الإنتخابات الرئاسية، حشداً لتأييد بشار الأسد ودعمه في الإنتخابات الرئاسية والإقتراع له في العملية الإنتخابية التي جرت أمس في مقر السفارة السورية في لبنان في اليرزة قبل أسبوع من موعدها في سوريا.
ونظمت هذه القوى والأحزاب المهرجانات الخطابية ومسيرات الدعم في بعض القرى في عكار وفي منطقة جبل محسن في طرابلس؛ إضافة إلى سعيها مع اللاجئين المقيمين في المخيمات لحشد دعمهم وتأييدهم للأسد مقابل وعود أعطيت لهم بالعمل أو تأمين العمل والحماية اللوجستية.
وتضم مناطق الشمال أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين بمئات الآلاف، حيث عاد مع هذه الإنتخابات مشهد انتخابات العام 2014 عندما تقاطر السوريون في لبنان إلى سفارة بلادهم لانتخاب الأسد للرئاسة السورية. وبالرغم من التجييش والتحركات التي حصلت، إلا أن الأعداد التي انطلقت من الشمال باتجاه السفارة السورية في بيروت كانت أقل بكثير من الإنتخابات الماضية في الـ 2014، وفضّل عدد من اللاجئين عدم المشاركة فيها لأنها لا تعني لهم شيئاً وستؤثر على مشروعية بقائهم في لبنان بصفة “لاجئين”. لكنّ من أراد ان يشارك فعل، وانطلقت منذ صباح أمس الباصات المحمّلة بالسوريين إلى مقر السفارة السورية في بيروت، بعضها وضع صور المرشح بشار الأسد والأعلام السورية وبعضها الآخر امتنع خوفاً من إشكالات قد تحدث؛ حيث نظمت القوى السياسية الموالية لسوريا مسير هذه الباصات التي انطلقت من عدة مناطق شمالية، لا سيما من عكار والمنية وطرابلس والكورة، فيما فضّل البعض الذهاب بسياراتهم الخاصة، ومنهم من وصل إلى بيروت قبل ليلة من أجل الإقتراع.
وسائل التواصل الإجتماعي
وربطاً بما كان جرى أمس على طريق نهر الكلب، عكس أبناء الشمال على وسائل التواصل الاجتماعي مواقفهم مما يجري حيث أجمع رأي عام واسع منهم على القول إن “اللاجئ أو النازح من بطش النظام لا ينتخب نفس النظام أو يصوّت له ، ولا يشارك بمهرجانات سياسية، من هنا ضرورة عودة أي سوري مقيم في لبنان إلى بلاده إذا انتخب بشار الأسد، حيث ستنتفي عنه صفة لاجئ ولا يعود هناك أي مبرّر لادّعائه الخوف من النظام والسلطات في سوريا على حياته”. كذلك برزت دعوات في الشمال وعكار يوم أمس لمجموعات شبابية تدعو فيها البلديات في مناطقها، إلى “ضرورة منع أي سوري انتخب رأس النظام في سوريا الذي هجّره وقتله، من العودة إلى هذه القرى والبلدات، ومشاركة أهلها من جديد خيراتهم ومواردهم، وأن يُصار إلى الإتصال والتواصل مع مفوضية الأمم المتحدة لمنع الدعم عن هؤلاء لأن اللبناني يستحق أكثر هذا الدعم”.
مواقف سياسية في هذا الصدد برزت أمس من الشمال، حيث اعتبر النائب السابق خالد الضاهر أن “كل من يريد أن ينتخب بشار الأسد من النازحين في لبنان تنتفي عنه صفة النزوح وعليه مغادرة الأراضي اللبنانية لان لا مشكلة لديه مع النظام السوري وانما هو موجود لغايات وأهداف معينة”. ودعا السلطات اللبنانية الى “ترحيل كل من يشارك بانتخاب الأسد وذلك من خلال لوائح السفارة لانتفاء صفة النزوح عنه وبالتالي يستطيع العودة بأمان إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري”.
كما لفت البيان الصادر أمس عن إمام وخطيب مسجد التقوى – طرابلس الشيخ الدكتور سالم الرافعي وإمام وخطيب مسجد السلام وشيخ قراء طرابلس بلال بارودي جاء فيه: “لما قامت الثورة السورية واضطر كثير من أهل سوريا للجوء إلى لبنان ودول الجوار هرباً من ظلم الأسد واضطهاده للأبرياء من الشيوخ والنساء والأطفال، قام أهل لبنان عموماً وأهل طرابلس خصوصاً بمواساة اخوانهم السوريين الهاربين من بطش النظام، فآووهم وأكرموهم لأنهم مظلومون. وقد دفع أهلنا في طرابلس ثمناً لهذه المواقف بأن قام النظام الأسدي بتفجير مسجدي التقوى والسلام أثناء أداء الناس صلاة الجمعة فيهما، من باب الانتقام من أهل طرابلس بسبب وقوفهم مع أهلهم السوريين المضطهدين. ومع ذلك صبر أهل طرابلس على جراحاتهم ولم يحمّلوا إخوانهم السوريين الذين لجأوا اليهم تبعة جرائم نظام الأسد لأنهم مظلومون مثلهم وعانوا من بطش النظام مثلما عانوا وأكثر. واليوم يتفاجأ أهل طرابلس والشمال وأحرار لبنان من تمثيلية انتخاب بشار الأسد رئيساً لسوريا بعدما قتل وشرّد الملايين من أهلها، ومن استعداد كثير من السوريين الهاربين الى لبنان للمشاركة في اختيار الأسد رئيساً لهم بعدما فعل بهم الأفاعيل. وهنا يود أهل المسجدين المفجّرين أن يبينوا للجميع أن كل من يشارك في هذه الانتخابات هو شريك في جريمة تفجير المسجدين، لأن النظام الأسدي الذي يريدون انتخابه هو من قام بتفجير المسجدين”.
وفيما يجري الحديث عن تهديدات وضغوطات طالت اللاجئين من أجل التصويت في اتجاه معيّن، أشير أمس إلى “أن مفوضية اللاجئين للأمم المتحدة طلبت من الحكومة اللبنانية تزويدها بأسماء السوريين الذين سيشاركون بالإنتخابات الرئاسية ليصار في ما بعد إلى إنهاء ملفاتهم كنازحين”.
تجدر الإشارة أخيراً إلى أجواء القلق التي سادت أمس من حصول أي توتر أمني بين منطقتي جبل محسن وباب التبانة في طرابلس على خلفية الإنتخابات الرئاسية السورية، لا سيما مع قيام البعض بقطع طريق سكة الشمال في جبل محسن احتجاجاً على التعرّض للناخبين السوريين في نهر الكلب.