الحزب يدير معركة غزة عسكرياً… هل ستمتد نيران الحرب لتشمل الجبهة اللبنانية؟
المصدر :نداء الوطن
لم يكن تفصيلاً بسيطاً ما أعلنه الصحافي المقرّب من “حزب الله” الزميل قاسم قصير عبر قناة “الجديد” أمس لجهة تأكيده أنّ “الحزب يدير معركة غزة عسكرياً من لبنان بالتنسيق مع حركتي حماس والجهاد”، وليس من باب التفصيل أيضاً ما تتناقله التقارير الدولية عن مخاوف متزايدة من خطر اتساع رقعة الحرب في فلسطين لتشمل الجبهة اللبنانية الجنوبية بغية تخفيف الضغط عن جبهة غزة وتشتيت القدرات النارية الإسرائيلية عبر معارك نارية متعددة الجبهات.
فإذا كانت تظاهرة الضاحية الجنوبية لبيروت التي نظمها “حزب الله” أمس لم تخرج عن سياق إعلان الحزب تخندقه، معنوياً وعسكرياً، في خندق واحد مع “حماس” و”الجهاد” في الحرب الدائرة في قطاع غزة، غير أنّ ما جرى عبر جبهة الجنوب ليلاً من تكرار لاستباحة الحدود اللبنانية واستخدامها منصة إطلاق “رسائل صاروخية”، بدأ بنظر المراقبين يرقى إلى مستوى “اللعب بالنار” الذي يُنذر باحتمال توريط لبنان في منزلقات ومغامرات عسكرية غير محسوبة العواقب والتداعيات على اللبنانيين تحت وطأة الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي الذي يثقل كاهلهم.
وفي تفاصيل الحادث الأمني جنوباً أمس، أنّ الجيش الإسرائيلي أعلن ليلاً رصده إطلاق 6 قذائق صاروخية من جنوب لبنان سقطت جميعها داخل الأراضي اللبنانية، وعلى الأثر ردت المدفعية الإسرائيلية بقصف أماكن إطلاق الصواريخ في منطقة كفرشوبا في العرقوب قرب الهبارية وكفرحمام، بالتزامن مع إطلاق القنابل المضيئة فوق ميس الجبل، وتفعيل صفارات الإنذار في المستوطنات المحاذية للشريط الحدودي.
أما قضائياً، فيسير المركب بما لا تشتهي الرياح العونية بعدما أمعن “العهد القوي” في الاستقواء على السلطة القضائية وتهشيم صورتها وشرذمة صفوفها، عبر مسلسل طويل من الضغوط والتدخلات الرئاسية والسياسية الساعية إلى تطويق الجسم القضائي وتطويعه، بدايةً مع حجز “التشكيلات” في أدراج القصر الجمهوري، وصولاً إلى إغراقه في رمال متحرّكة من الشغور في المواقع سواءً في مجلس القضاء الأعلى الذي تنتهي ولاية أعضائه غير الحكميين نهاية الشهر الجاري، أو في المجلس الدستوري الذي أعطى “علماً وخبراً” أمس بالنقص الحاصل في نصابه، لكنّ مجلس شورى الدولة نجح أمس في كسر قيد الضغط والتهويل عليه لدفعه إلى الانحياز للقاضية غادة عون في مواجهة مدعي التمييز القاضي غسان عويدات، فرفض طلبها وقف تنفيذ قرار عويدات الذي قضى بكف يدها عن الملفات المالية المهمة ضمن إطار إعادة توزيع أعمال النيابة العامة الاستئنافية.
وخلص مجلس القضايا في “شورى الدولة”، إلى التأكيد على مرجعية مجلس القضاء الأعلى بوصفه “المرجع الأعلى في سلطة القضاء العدلي المستقلة في تسيير أمورها”، فقرر بالإجماع “ضمّ طلب وقف تنفيذ” قرار عويدات إلى الأساس وإبلاغ مجلس القضاء بكافة المستندات العائدة لملف المراجعة المثارة من قبل القاضية عون، ما يعني عملياً، وفق ما أوضحت مصادر قضائية، الركون إلى رأي مجلس القضاء الأعلى في النزاع الدائر بين عون والنائب العام الاستئنافي، علماً أنّ المجلس كان واضحاً في إبداء تبنيه لقرارات عويدات، كاشفةً في الوقت عينه أنه من المتوقع أن تصدر هيئة التفتيش القضائية قرارها بإحالة عون إلى “التأديب” نهاية الأسبوع.
وأوضحت المصادر، أنّ هيئة التفتيش تتجه في جلستها التي ستعقد بعد غد الخميس على الأرجح إلى اتخاذ قرار نهائي بملف إحالة عون أمام الهيئة من قبل مجلس القضاء الأعلى ربطاً بقضية التجاوزات المشهودة والشكاوى المسجلة بحقها في العديد من الملفات المسلكية وآخرها عصيان تعليمات رئيسها مدعي عام التمييز ومخالفة قرارات مجلس القضاء، مشيرةً إلى أنّ المعطيات المتوافرة تشي بأنّ قرار التفتيش سيعمد إلى الاكتفاء بإحالة عون إلى مجلس التأديب، أو ربما يرفق قرار إحالتها إلى “التأديب” مع قرار وقفها عن العمل.
أما في مستجدات المواقف الدولية تجاه لبنان، فبرزت أمس الرسالة الإيطالية التي حملتها نائبة وزير الخارجية والتعاون الدولي مارينا سيريني وتمحورت بشكل أساس حول التأكيد أمام رئيس الجمهورية ميشال عون على “ضرورة العمل وفقاً للروزنامة الانتخابية المرتقبة في العام 2022″، وهو ما رأت فيه أوساط ديبلوماسية “رسالة حازمة تعبّر عن رفض الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي عموماً لأي محاولة من قبل السلطة اللبنانية لتمييع الاستحقاقات الدستورية، لا سيما وسط تعاظم الهواجس الداخلية والخارجية من محاولة الطبقة السياسية الحاكمة تعطيل الاستحقاق الانتخابي العام المقبل وعدم إجرائه في موعده منعاً لإحداث أي تغيير في موازين القوى النيابية لا يصب في صالح أحزاب الأكثرية الحاكمة راهناً”.
وفي الغضون، تفاعلت قضية اتهام وزير الخارحية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه لدول الخليج العربي بأنها تقف خلف تمويل وإرسال تنظيم “داعش” الإرهابي إلى لبنان، على وقع معلومات إعلامية متقاطعة تؤكد أنّ تصريح وهبه يهدد بافتعال أزمة ديبلوماسية عميقة بين لبنان ودول الخليج بشكل عام والمملكة العربية السعودية بشكل خاص.
وإزاء ذلك، لفت موقف لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري قبيل منتصف الليل رأى فيه أنّ “وهبه أضاف مأثرة جديدة الى مآثر العهد في تخريب العلاقات اللبنانية العربية”، وشدد على أنّ الكلام الذي أطلقه “لا يمت للعمل الدبلوماسي ويشكل جولة من جولات العبث والتهور بالسياسات الخارجية التي اعتمدها وزراء العهد وتسببت بأوخم العواقب على لبنان ومصالح أبنائه في البلدان العربية”، لافتاً الانتباه إلى أنّ كلام وزير الخارجية “يمثل محوراً معيناً في السلطة، ولا يعني معظم اللبنانيين الذين يتطلعون لتصحيح العلاقات مع الخليج العربي”.
ولاحقاً، أصدر وهبه بياناً تنصّل فيه مما قاله عبر قناة “الحرة” مؤكداً أنه “لم يتناول فيه دول الخليج العربي”، متهماً “المصطادين بالمياه العكرة” بمحاولة تقديم “تفسيرات وتأويلات غير صحيحة” لكلامه.