احتجاز وقتل.. الصين تستهدف أئمة المساجد في شينجيانغ
نشرت هيئة الإذاعة البريطانية “BBC” تقريراً جديداً سلطت الضوء فيه على قضية استهداف أئمة أقلية الإيغور في منطقة شينجيانغ الصينية.
وأشار بحث جديد أجراه “مشروع حقوق الإنسان للإيغور” إلى أنّ الصين سجنت أو احتجزت ما لا يقل عن 630 إماماً وشخصية دينية إسلامية أخرى منذ العام 2014، وذلك في إطار حملتها القمعية بمنطقة شينجيانغ.
ومع هذا، فقد وجد البحث أدلة على وفاة 18 رجل دين أثناء الاحتجاز أو بعد ذلك بوقتٍ قصير.
ووفقاً لـ”BBC”، فإنّ العديد من رجال الدين المحتجزين واجهوا تهماً واسعة النطاق مثل “نشر التطرف” و “التحريض على الانفصالية”. إلا أنه وفقاً لشهادات أقارب تلك الشخصيات، فإن الأمور الحقيقية وراء تلفيق تلك الاتهامات هي “الوعظ” و “إقامة مجموعات الصلاة” و “مجرد العمل كأئمة”.
وتحتجز الصين أكثر من مليون مسلم من مسلمي الإيغور في شينجيانغ، كما أنها تعمد إلى ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في المنطقة، بما في ذلك العمل القسري، التعقيم والاغتصاب.
ويجري ارسال معظم المحتجزين في المنطقة إلى معسكرات اعتقال، وهناك يشهد السجناء على أبشع معاملة، كما يعيشون ظروفاً صعبة.
وبحسب “BBC”، فإن أوكين محمد، وهو إمام كازاخستاني يبلغ من العمر 51 عاماً من شينجيانغ، يواجه اتهامات بـ”نشر التطرف”، إلا أن عائلته تقول إنه جرى القبض عليه لكونه إماماً لصلاة الجمعة.
وتشير البيانات والوثائق إلى أنّ محمد متهم بـ”صنع ونشر مواد تتعلق بالتطرف”، كما تبين أن عقوبته تتراوح من 8 إلى 10 سنوات.
كذلك، اعتقلت الصين باقيثان ميرزان، وهو إمام من محاظفة هامي يبلغ من العمر 58 عاماً، وذلك بتهمة “نشر التطرف”. ووفقاً لـ”BBC”، فقد اعتقل ميرزان في آب 2018، وقد حكم عليه بالسجن لـ14 عاماً. وبحسب عائلته، فإن جريمته الوحيدة كانت قيامه بواجباته كإمام.
الصين تتعامل بحذر مع الأئمة
بدوره، يقول بيتر إروين، كبير مسؤولي البرامج في “مشروع حقوق الإنسان للإيغور” إن “السبب الحقيقي لاستهداف الأئمة هو قدرتهم على جمع الناس معاً في المجتمع”.
ولفت إلى أنّ “الدولة تتعامل بحذر مع الأئمة منذ فترة طويلة لأنها تعرف مدى تأثيرهم”، موضحاً أنّ “عمليات الاعتقال والسجن في السنوات القليلة الماضية ليست سوى تتويج لـ3 عقود من القمع المصمم لتقييد ثقافة الإيغور ودينهم”.
بدوره، قال دونالد كلارك، الأستاذ في جامعة جورج واشنطن والمتخصص في القانون الصيني، إن تهم التطرف بحق الأئمة صدرت على أساس “أساس قانوني واه” في شينجيانغ، وذلك بسبب “جرائم لا ينبغي حتى اعتبارها جرائم”.
الإيغور يخافون الموت
إلى ذلك، يقول عالم لغوي من الإيغور يعيشُ في المنفى إنّ السلطات الصينية باعتقالها مئات الأئمة في شينجيانغ، خلقت جواً يخشى فيه الإيغور من الموت لأنه لا يوجد أحد يشرف على طقوس جنازاتهم.
وواجه أيوب السجن بين عامي 2013 و 2014 وقد شهد على التعذيب في مركز الاحتجاز، وذلك بعد الكفاح من أجل الحقوق الإجتماعية والثقافية والترويج لتعليم لغة الإيغور.
وفي حديثه، لفت أيوب إلى أنه أجرى مقابلاتٍ مع 16 محتجزاً سابقاً في المعسكر، وقالوا إن اعتقال الأئمة قلب مجتمع الإيغور في شينجيانغ رأساً على عقب، أضاف: “لقد أخبروني أنه بعد اعتقال هؤلاء الأئمة، أصبح الأيغور يشعرون بالخوف من الموت لأنه لا يوجد إمام للإشراف على جنازتهم”.
وقام محتجز سابق، وهو باحث مقيم في السويد، بزيارة شينجيانغ في العام 2018، وأخبر أيوب أنه على الرغم من مواجهة انتهاكات حقوقية منتظمة، فإنّ الإيغور الآن لا يخافون من العيش، بل إنهم يخافون من الموت لأن المساجد هدمت وجرى اعتقال الأئمة، ولا توجد إمكانية لإقامة جنازة. الأمر مأساوي للغاية”.
تدمير المساجد استهداف لثقافة الإيغور
ووسط ذلك، يرى الخبراء أنه ليس من المستغرب أن يستهدف المسؤولون الصينيون الشخصيات الدينية وقادة مجتمعات الأقليات بحجة “محاربة التطرف”، لأن بكين تسعى إلى تدمير ثقافة الأويغور، موضحين أن هدم المساجد يهدف إلى القضاء على لغتهم بحيث أنها باتت المكان الوحيد الذي يستطيعون فيها تعلهما والحفاظ عليها.
وفي أواخر العام الماضي 2020، ذكر تقرير لمعهد السياسية الاستراتيجية الأسترالي أنّ السلطات الصينية دمّرت آلاف المساجد في شينجيانغ.
ومع هذا، فإنّ المساجد التي نجت من التدمير أزيلت قببها ومآذنها، في حين أنّ قرابة ثلث المواقع الإسلامية المهمة في شينجيانغ، ومن بينها الأضرحة والمقابر وطرق الزيارة الدينية، سويت بالأرض.
وتوصل تحقيق أجرته وكالة “فرانس برس” عام 2019 إلى أن “عشرات المقابر دُمرت في المنطقة، ما أدى إلى تناثر الرفات البشرية وحجارة المدافن المكسرة في أنحاء المواقع”.