مبادرة “الثنائي”.. بين نار الحدود وعُقد الداخل
“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني
بالإضافة إلى الجهوزيّة التامّة التي يتخذها “حزب الله” في موازاة المناورة الإسرائيلية والتي وصفها السيد حسن نصرالله، على أنها واحدة من أضخم وأبرز المناورات العسكرية في تاريخ الجيش الإسرائيلي، فقد أفرد “الحزب” في المقابل، مساحةً واسعة ونشاطاً ملموساً على ضفّة ملف تأليف الحكومة، من خلال مشاروات ومتابعات يقوم بها مع عدد من الشخصيّات السياسيّة الأساسيّة في لبنان، من وراء الكواليس وبسرّية تامة، مزوّداً ببعض “الخرائط” السياسية التي يُمكن بحسب المطّلعين، أن تُفضي في أقرب وقت، إلى تركيبة حكومية، قد تنسجم مع آراء الجهات المُختلفة في ما بينها حول جنس الحكومة وشكلها.
أرخت الأحداث الأمنيّة والسياسيّة في المنطقة خلال اليومين الماضيين، إنعكاساتها السلبيّة على الوضع الداخلي في لبنان، وتحديداً الشقّ المتعلّق بموضوع تأليف الحكومة الذي يُراوح مكانه منذ تشرين الأوّل الماضي، وممّا زاد من في الوضع الحكومي حيرة، تسريب بعض الجهات الخارجية والداخليّة، معلومات تدّل على رفض سعودي للرئيس المُكلّف سعد الحريري، بالإضافة إلى العقوبات التي تسعى الدولة الفرنسية مع بعض الدول الأوروبية، إلى فرضها على سياسيين لبنانيين تتهمهم باريس بالوقوف وراء التعطيل، مع بروز دور كبير لهم في عمليات فساد متعدّدة.
الحكومة إذاً، مُجدداً على بساط البحث السياسي من خلال عمليّة دفع يقوم بها “حزب الله” مع “الأستاذ” رئيس مجلس النوّاب نبيه بري. وبعيداً عن حقيقة نوايا “الحزب” الخفيّة حول دفع عجلة التأليف مُجدداً، حيث أنّ البعض يُشكّك بنواياه طالما أن حليفه الإستراتيجي رئيس “التيّار الوطني الحر” الناب جبران باسيل هو من يقف خلف التعطيل، ثمّة تعويل كبير على الدور الذي يلعبه بري خصوصاً وأنها المرّة الأولى التي سيُطلق فيها، دعوات لتقريب وجهات النظر بين الحريري وباسيل.
وفي المعلومات، أن اتصالات تجري منذ أيّام قليلة بين “حزب الله” وحركة “أمل”، هدفها فتح كوّة في جدار التأليف من خلال محاولات مُستمرّة لكسر الحواجز الحكوميّة بين الحريري وباسيل، كون الأخير يُعتبر الطريق الأقصر لحصول توافق بين الأول ورئيس الجمهورية ميشال عون، وإزالة الخلافات العالقة بينهما وبالتالي عودة الحوار بينهما، على قاعدة أن كُل جهة تُسمّي وزرائها، على أن تكون نوعيّة الأسماء محصورة باختيار الرئيس المُكلّف.
وبحسب مصادر مُقرّبة من “الثنائي الشيعي”، فإن زخم المساعي اليوم، هي أكثر من جديّة، خصوصاً في ظل نوايا حقيقيّة لدى بعض الأطراف، للإنتهاء من موضوع تاليف الحكومة والذهاب فوراً لمعالجة المسائل الأساسيّة ، لا سيّما تلك التي تهمّ المواطن بالدرجة الأولى”. وحول شكل الحكومة التي يُمكن حصول تقارب في وجهات النظر حولها وتحديداً بين عون والحريري، أوضحت أن “الحديث يتركّز اليوم حول حكومة موسّعة تضم معظم الشرائح السياسيّة، وصولاً إلى اعتبار الوزير الأرمني مُستقّلاً وليس محسوباً لا على رئيس الجمهورية ولا على باسيل”.
وأملت المصادر نفسها، أن تحمل الساعات المُقبلة مؤشرات ملموسة وجديّة بين الأطراف المعنيّة بعملية التأليف، يُمكن البناء عليها لتوحيد الرؤية أوّلاً، ومن ثم الإنطلاق نحو الهدف المنشود، أي التأليف بأسرع وقت مُمكن، وبذلك نكون قد تخطيّنا العقبات والعقوبات”.
أمّا في ما يتعلّق بالمناورة الإسرائيلية، والتي يُفترض أنها الشاغل الأبرز حالياً لـ”حزب الله”، خصوصاً في ظل الإستنفارات الواسعة التي يُنفذها عند كامل الحدود الجنوبية، وصولاً إلى الداخل السوري، كشفت مصادر مُقرّبة من “الحزب” أن “ما يحصل عند الحدود الشمالية الإسرائيلية، لا يُعدّ تهديداً فقط لـ”الحزب”، إنّما لكل لبنان، ومن هنا أتى الإجتماع الذي لم يُفصح عنه للأحزاب اللبنانية التي تنتمي إلى محور “المقاومة” بهدف التنسيق الميداني في ما بينها، في ظل مؤشرات خطيرة تُشير إلى احتمال كبير بأن تقوم إسرائيل بعمل عدواني داخل الأراضي اللبنانية.