الأيدي العارية … الأيدي المقدسة
نبيه البرجي-الديار
حتى أن ألبرت اينشتاين حين زار القدس عام 1923، ورأى الطقوس الوثنية أمام حائط المبكى، سأل «أي مستقبل لمجانين يهوه» ؟
مارك سايكس، الشريك في صياغة (وصناعة) اتفاقية سايكس ـ بيكو، الذي كان يكره «اليهود»، وفجأة وقع في غرامهم، نقل عن صديقه حاييم وايزمان قوله، لدى انتخابه كأول رئيس للدولة، «هذه خطوتي الأولى نحو … أمبراطورية يهوه» !
هذا بعدما كان وزير الخارجية البريطاني السابق قد تساءل «أما كان الله يعلم أنهم سيصلبون ابنه على هذه الأرض؟».
وكان سايكس قد بعث الى الملك فيصل (الشخصية التافهة) برسالة قال فيها «صدقني أن هذا الجنس الضعيف والمحتقر،عالمي، ولا حدود لقوته، دون أن يكون باستطاعة أحد وقف جموحه».
أمام المشاهد الدرامية في ساحات القدس القديمة، لن نسأل عن العرب، وهم قهرمانات القرن، ولا عن الفلسطينيين الذين هم القضية، وهم وحدهم الهاجس الوجودي ل «الاسرائيليين»، والذين لا نعرف كيف يمكن أن ينتجوا، ان في الضفة أو في القطاع، تلك القيادات المترهلة، والرثة، والباهتة .
أين هي «الثورة حتى النصر» وقد دفنتها قيادة «فتح» تحت ثلوج أوسلو ؟ اذ ننحني لصواريخ غزة، ولأطفال غزة، نريد لأولياء الأمر، ولأئمة «الاخوان المسلمين»، ان يتوقفوا عن التعليب الايديولوجي للناس . هؤلاء الذين يقاتلون ضد سراويل الجينز، وضد أغاني أم كلثوم، ويبيحون تدخين الأراكيل باعتبارها، بحسب امام أحد المساجد، تلهي (وتنهي) عن السوء في حضرة الحشيش الذي يوصل، عادة، الى … حوريات الجنة !
… بل نسأل : الى أين يريد «الاسرائيليون» أن يصلوا
ب»أمبراطورية يهوه» ؟ من يدخل في النص التوراتي يدرك ألاّ مكان للآخر لا في رؤوس «الحاخامات»، ولا في رؤوس الأنبياء. أمبراطورية المجانين . لكأن العرب، بقضهم وقضيضهم، أمبراطورية الموتى.
كولونيل من أركان الجنرال فرانكو، وهو أندلسي، التقيناه بالصدفة أثناء انعقاد مدريد عام 1991، قال لنا «من أكثر من العرب حملوا اليهود على ظهورهم، من غرناطة، الى بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء، ومن القاهرة الى تونس ومراكش والدار البيضاء ؟ بالرغم من ذلك، أنظر ما فعلوه، وما يفعلونه، بالعرب».
حتى السناتور بيرني ساندرز، اليهودي، لا يستبعد أن يكون مصير «اسرائيل» كما مصير اسبارطة . قال لليمين الايديولوجي هناك «كفى معادلة الضفدعة و الثور» !
بالرغم من كل شيء، بنيامين نتنياهو مصرّ على هدم منازل حي الشيخ جراح لتكريس «الحزام اليهودي» حول المدينة . العرب، المسلمون، الذين يصيحون، بالأبواق التي من قرون الماعز، هزهم اقتحام المسجد الأقصى. هزتهم الحجارة. لم يهزهم مئات الآلاف الذين أما باتوا في القبور، أو باتوا في المخيمات، أو باتوا في العراء، أو باتوا وراء القضبان، أو باتوا في أصقاع الأرض ؟
ثمة أصوات «يهودية» ارتفعت ضد «الهيستيريا الاسرائيلية». المجتمع الدولي المبرمج على توقيت أورشليم اكتفى بالدعوة، وعلى غرار أنطونيو غوتيريتش،الى «ضبط النفس» . يا للمهزلة !!
زعيم الليكود الذي يعيش مأزق البقاء أو اللابقاء (في الضوء) في ذروة الهذيان بعدما كان يتصور أن الأرماد الأميركية ستكون بين يديه في الحرب ضد لبنان، أو ضد سوريا، أو ضد ايران.
جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي، سأل يوسي كوهين، رئيس «الموساد»، ما اذا كان باستطاعة «الاسرائيليين» أن يتحملوا مئات آلاف الصواريخ وهي تنهمر على مدنهم، وعلى مرافئهم، وعلى منشآتهم، وعلى قواعدهم الجوية، وحتى على غرف نومهم …
لسنا متفائلين الى حد الرهان على انتفاضة أخرى. لكننا نقول … أيها الفلسطينيون، حتى بأيديكم العارية تستطيعون أن تهدموا الهيكل لأن التراب يقاتل الى جانبكم. لأن دموع الثكالى تقاتل الى جانبكم. لا تنتظروا العرب. طرابيش فارغة أمام قدمي شهزاد …