عباس لم يعتبر من التاريخ ويغلق الباب الفلسطيني ويفتح باب الصهاينة.. وتبقى المقاومة حلّاً أوحد
الوقت- بعد كل ما حصل مع الفلسطينيين ويحصل، هل حقاً يمكن الثقة بأمريكا؟، لكن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يفعلها، إذ إن هناك خطة جديدة من عباس لإعادة العلاقات مع واشنطن إلى نصابها بعد أن أغلق الباب على هذه العلاقات على خلفية “صفقة القرن” التي بدأت بتصفية القضية الفلسطينية، ولكن السؤال ماذا يأمله عباس من اعادة العلاقات مع أمريكا، والاسرائيلي كل يوم يصبح أشرس من اليوم الذي سبقه، ويكفي أن نراقب ما يجري هذه الايام من اعتقالات بحق المواطنين الفلسطينيين في منطقة سيطرة السلطة الفلسطينية.
قرار عباس بالتحضير لإعادة العلاقات مع الامريكيين، جاء من خلال إعلان اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، مساء يوم السبت، أنها ستعيد علاقاتها مع أمريكا إذا ما نفذت الإدارة الأمريكية الجديدة ما أعلنته من مواقف بشأن القضية الفلسطينية.
وأشارت اللجنة، في بيان عقب اجتماعها في رام الله لأول مرة منذ السادس من آب الماضي، برئاسة الرئيس محمود عباس، إلى “التصريحات الإيجابية التي أعلنها الرئيس الأمريكي المنتخب ونائبته بإعادة افتتاح مكتب منظمة التحرير في واشنطن والقنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، ورفض الضم والاستيطان وإعادة المساعدات بأشكالها المختلفة للشعب الفلسطيني ودعم حل الدولتين”.
واعتبرت اللجنة أن هذه المواقف “تشكل بمجموعها نقيض صفقة القرن” في إشارة إلى خطة السلام التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في كانون الثاني الماضي.
وأكدت اللجنة الاستعداد “للعمل مع المجتمع الدولي لإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط من خلال عقد مؤتمر دولي بمشاركة الرباعية الدولية وتوسيع المشاركة به تحت مظلة الأمم المتحدة واستنادا إلى قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة”.
وكانت السلطة الفلسطينية أوقفت الاتصالات مع إدارة ترامب منذ إعلانه نهاية عام 2017 الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ورفضت خطته للسلام ووصفتها بأنها منحازة لإسرائيل.
وعقب ذلك أعلن ترامب إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن وقطع المساعدات عن الفلسطينيين ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
من الممكن أن تقدم ادارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن بعض المساعدات للسلطة الفلسطينية، لكي يقدم نفسه بايدن بأنه صانع السلام الجديد في الشرق الاوسط، لكن في الجوهر لن يتغير شيء، وربما تصبح الامور أسوأ بكثير، فالرئيس عباس أعاد التنسيق الأمني مع العدو الاسرائيلي قبل مدة، ماذا كانت النتيجة التي حصدها من هذا الأمر؟.
نحن نقول له ماذا حصل، بينما ينسق لإعادة العلاقات مع واشنطن، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر السبت، حملة اعتقالات واسعة في مدن الضفة الغربية المحتلة، تزامنت مع مواجهات ومداهمات لعدد من منازل الفلسطينيين. واعتقلت قوات الاحتلال مجموعة من الشبان في قرى رام الله ونابلس، ومناطق تابعة للقدس المحتلة.ووفق وسائل إعلام فلسطينية، فإن حملات الاعتقالات هذه تزامنت مع اقتحام 884 مستوطنا، الأسبوع الماضي، باحات المسجـد الأقصى المبارك، وأدائهم طقوسا تلمودية، تحت حماية قوات الاحتلال الإسرائيلي.وشهد الأسبوع الماضي ارتفاعا بوتيرة الاقتحامات اليومية، وازدياد الطقوس على أبواب المسجد الأقصى وفي باحاته، وذلك احتفاء بعيد “حانوكا” أو “عيد الأنوار”، وانتشرت قوات الاحتلال في المنطقة؛ لتأمين المستوطنين الذين رافقوهم في أكثر من مكان.
ربما تكون النتيجة أسوأ في حال أعاد عباس العلاقات مع واشنطن. المشكلة الاساسية ان عباس لا يزال يأمل بأن الغرب سينصف القضية الفلسطينية. وهو نفسه كان من قادة صناعة السلام مع اسرائيل ووقع معها “اتفاقية اوسلو” ولكن ماذا كانت النتيجة، الخرائط اليوم تخبركم بالنتيجة، فالسلطة اصبحت محاصرة من جميع الاتجاهات ولا يمكنها التحرك دون اذن اسرائيلي، فهي تخلت عن اقوى ورقة ضغط يمكن اشهارها في وجه الاسرائيلي، ألا وهي المصالحة مع حماس، ولكن عباس فضّل اعادة التنسيق الامني والانقلاب على المصالحة على ان يضع يديه بيد بقية الفصائل الفلسطينية.
السلطة الفلسطينية، ما دامت قائمة، لا يمكنها منطقياً ولا موضوعيّاً أن تنفطم عن الثدي الإسرائيلي. هذه هي الحقيقة المُرَّة. لا يمكن للسلطة أن توفر المال ولا الغذاء ولا الماء ولا الكهرباء ولا حتى الحصول على المساعدات الدولية، أو التحرّك داخل الضفة الغربية وإليها، دع عنك نحو قطاع غزة والعالم الخارجي، من دون المرور عبر إسرائيل. أضف إلى ذلك أن نسبة كبيرة من اليد العاملة الفلسطينية في الضفة الغربية تعتاش على وظائف في الدولة العبرية، بمعنى أن مصادر أرزاقهم مرتبطة بهذه الاتفاقات والتفاهمات. أما ثالثة الأثافي فتتمثل في أن اتفاقية أوسلو لم تفسح المجال لتأسيس سلطة وظيفية فحسب، بل كذلك طبقة حاكمة وظيفية، يرتبط وجودها أو عدمه بوجود السلطة المرتبطة بالاحتلال. ومن ثمَّ، فإنه حتى لو أصر عباس على تغيير قواعد اللعبة التي ساهم هو نفسه في إرسائها، أو قَلْبِ الطاولة على رؤوس الجميع، فإنه سيجد من داخل السلطة نفسها “أبو مازن” آخر يتمرّد عليه، كما تمرّد هو يوماً على الرئيس الراحل، ياسر عرفات، عندما حاول أن يغير قواعد اللعبة مع إسرائيل وأمريكا منذ أواخر عام 2000، وحتى استشهاده أواخر عام 2004. والحقيقة المُرَّة الثانية أن في السلطة الفلسطينية عشرات ومئات من المستويات الأمنية والسياسية الطامحة بوراثة رجلٍ كهل، يعيش حالة تخبط وتوهان كامل.
الحل الحقيقي اليوم يتمثل في انتفاضة شاملة واعادة روح المقاومة كما كانت، لان المقاومة هي الحل الوحيد في وجه الصهاينة، وهي فقط من اثبت فعاليته مع الاسرائيلي، وعلى عباس اذا اراد الحل ان يضع يده بيد بقية الفصائل الفلسطينية ويطلق حواراً شاملاً لا يستثني ساحةً ولا طرفاً، يعيد النظر في خيارات الشعب الفلسطيني وكيفية إعادة إطلاق مشروعنا الوطني. من دون إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، وجعلها ممثلة بحق للشعب بكل فصائله وقواه وكفاءاته وساحات وجوده، لن يكون في وسعنا البحث عن مخرج من معضلة ساهم بعض ممن بيننا في حفرها عقودا طويلة.