دوروثي شيا وهيفاء وهبي
نبيه البرجي-الديار
تعليقاً على تدني مستوى المناظرات التلفزيونية في فرنسا، قال رئيس الوزراء السابق دومينيك دو فيلبان، بالشخصية الراقية، والمثقفة»، أخشى أن نكون قد دخلنا، أكثر مما ينبغي، في … ثقافة التفاهة» !
ماذا لو شاهد الرجل برامج «التوك شو» على الشاشات اللبنانية ؟ نجوم الطبقة السياسية وهم يغسلون أيديهم مما صنعت أيديهم. محللون سياسيون، واقتصاديون، وماليون، ضالعون في الاستزلام (وحيث سوق النخاسة مفتوحة على مصراعيها )، وفي الأمية، وفي ضحالة الرؤية (والرؤيا) ؟
وحتى في حكومة حسان دياب، أقل من القليل أصحاب الأدمغة الخلاقة في هذه التشكيلة البالية . بطبيعة الحال، لا نحلم بوزراء على شاكلة رولان دوما ولا على شاكلة لودفيغ ايرهارد، ولكن هل يمكن أن يكون لدينا وزراء من طراز … غوار الطوشي ؟
ما من ديبلوماسي عربي حط رحاله في لبنان الا وعشق هذا البلد (وأهل هذا البلد). أحدهم سفير من شمال أفريقيا، اتصل بي بعدما جمعتنا الصدفة، منذ سنوات، وهو من تلامذة محمد أركون في جامعة باريس، ليقول لي «افتتاني بلبنان يعود الى كون الشخصية اللبنانية متعددة الأبعاد. وقد يعود ذلك الى التنوع الديني، والثقافي، فضلاً عن ديناميكية التقاطعات التاريخية، والجغرافية، على ضفاف المتوسط. الآن، اشعر بالهلع، وأنا أرصد شاشاتكم، بسبب الهبوط الدراماتيكي في تلك الشخصية».
وقال «ان مشكلتنا مع الأنظمة، والمنظومات، السياسية العربية أن استراتجيتها تقوم على أن تكون رؤوسنا، وليس فقط عيوننا كما قال نزار قباني «مرافئ للذباب». هكذا نحن حتى في زمن العــولمة، والهويات المركبة، والثقافات المركبة، أشبــه ما نكون بكائنات الخلية الواحدة، البعد الواحد !
لنستعرض الوجوه على الشاشات. اصحاب الأفكار، والرؤى، البعيدون عن الاصطفافات الميكانيكية. هؤلاء يشكلون أقلية مجهرية، ولا تتقن البروباغندا. تسويق مروع للتفاهة، وللتبعية، وللببغائية، فضلاً عن اطلاق نظريات، وطروحات، لا تليق حتى بالدجاج.
مدير البرامج في احدى القنوات، قال لنا أنه يعاني من الغثيان، و»لكن ماذا عساي أفعل اذا كنت محكوما بذلك الجنس من البشر، واذا كان عليّ أن أملأ الهواء بما هب ودب. والواقع أننا كلنا متواطئون ضد ذلك المخلوق العجيب الذي يدعى … المواطن اللبناني».
هذا الى جانب الرئيس ميشال عون، وذاك الى جانب الرئيس سعد الحريري، دون أن نغفل أزلام الآخــرين، وحتى ســراويل الآخرين . غالبية اللبنانيين يريدون الموت في بيوتهم، بعيداً عن الضوضاء. الشوارع تركت لقطّاع الطرق، بالوجوه الحزبية البشعة، وبالأقنعة البشعة. ماذا عن المستشارين الذين يتأرجحون بين هز الرأس وهز البطن ؟!
ممّ يخاف رئيس الجمهورية اذا تنحى ؟ مما يمكن أن يحدث للبلد ؟ وممّ يخاف الرئيس المكلف ؟ مما يمكن أن يحدث للبلد ؟ هل يمكن أن يحدث، اذا ما تواريا عن المسرح، ما هو أشد فظاعة مما يحدث الآن ؟ الأسوار العالية أعلى بكثير من أن يصلها الأنين …
كلنا الغرقى في ثقافة التفاهة. على ماذا نختلف اذا كانت الأمبراطوريات لا تنظر الينا، الينا جميعاً، أكثر من كوننا وقوداً للسياسات الكبرى وللاستراتيجيات الكبرى.
روجر كوهين، المعلق في «النيويورك تايمز» وصفنا بالجثة المفخخة التي يمكن أن تنفجر في أي لحظة لتتناثر شظايا طائفية، وشظايا سياسية، وشظايا قبلية.
اذا لم يبتعد هؤلاء عن الخشبة لا بد أن نذهب، كتفاً الى كتف، نحو الانفجار. ولندع التاريخ أو صندوق النقد الدولي، يلملم أشلاءنا، ويلقي بها في صناديق القمامة.
من محطة انتظار الى محطة انتظار. في المسار الشاق بين واشنطن وطهران (ليت العرب ببراعة الايرانيين وبكبرياء الايرانيين)، لا دخان أبيض قبل الانتخابات الرئاسية في ايران خلال حزيران.
أي محطة أخرى ؟ اسألوا المفوضة السامية الأميركية. سعادة السفيرة نجمة يومية على شاشاتنا. حائرون بينها وبين … هيفاء وهبي!!