الحدث

معادلة المقاومة: غزّة درع القدس

 

الأخبار

لم يَعُد مهمّاً متى ستنتهي المعركة. هي مسألة أيّام قتالية قد تطول وقد تقصر. لكن المهمّ أن النتيجة حُسمت سلفاً: المقاومة تتّجه إلى تثبيت معادلة جديدة تربط القدس بغزة. معنى ذلك أن أيّ اعتداء على الأولى سيُردّ عليه من الثانية. هذا ما يبيّنه مصدر رفيع في المقاومة، مؤكّداً أن «الأمور ممتازة، والمعركة تُدار بحكمة». سيحاول العدو، بلا شكّ، تدفيع الفلسطينيين ثمناً باهظاً لتطلّعهم إلى تكريس تلك المعادلة، أملاً في تخفيف خسائرها على الأمد البعيد في الحدّ الأدنى، إلّا أنه «ليس في وضع يسمح له بالذهاب بعيداً»، وفق ما يلفت إليه المصدر نفسه، مؤكداً «(أننا) مستعدّون لمعركة مفتوحة قد تشتدّ وقد تطول». لكن توقعات المقاومة تشير إلى إمكانية تبلور «تهدئة سريعة»، بالنظر إلى أن «سلوك قوات الاحتلال يوحي بأنهم يريدون تسجيل نقاط على المقاومة، واستعادة الهيبة»، وهو ما يرتبط، في جزء منه، باعتناء القيادة الإسرائيلية باتّقاء خسائر إضافية على الجبهة الداخلية، حيث الصراع السياسي على أشدّه، وشبح الانتخابات الخامسة يقترب. تجري، حالياً، اتّصالات مكثّفة عبر ثلاثة وسطاء (هم: مصر، قطر، والأمم المتحدة) لوقف إطلاق النار، وقد كان آخر اتّصال معهم عصر أمس حيث عرضوا تهدئة شاملة تبدأ ليلاً، لكن «ردّنا كان واضحاً:
لا وقف للنار إلّا بوقف الاعتداء على القدس ووقف القصف على غزة، اذهبوا إلى العدو وأحضروا التزاماً واضحاً وكاملاً بتحقيق هذين الأمرين، وبعدها نحن حاضرون لدرس الأمر»، يقول المصدر الرفيع في المقاومة، مضيفاً أنه «حتى الحادية عشرة ليلاً، لم يَعُد المبعوث الأممي بأيّ جواب، فيما لم يبادر المصريون إلى أيّ طرح جديد».
وفي الانتظار، «الصواريخ مستمرّة، وسوف نوسّع المدى والحجم والكمّية كلّما رفع العدو من سقف عدوانه». صحيح أن الطرفين غير معنيَّين بحرب واسعة (نقَل المصريون إلى المقاومة رسالة من الإسرائيليين بهذا المعنى)، إلا أن المقاومة تدرك أن ما دون ذلك هامش مناورة كبيراً، يتيح لها اللعب باحترافيّتها المعهودة إلى حين تحقيق هدفها، الذي يمكن القول إنه أُنجز بالفعل، منبئاً بانتصار واضح للفلسطينيين لا غبار عليه. انتصارٌ سيمثّل منعطفاً حاسماً في مسار المواجهة مع سياسة الإرهاب الاستعماري المنظّم والتطهير العرقي، وهو ما يدرك الكيان الصهيوني خطورته، ويعمل على الحدّ من تداعياته الاستراتيجية عليه.
في جانب العدو، تبدو الصورة أكثر تعقيداً. ليل أمس، بات واضحاً لجميع المراقبين أن العدو فوجئ بما فعلته المقاومة. لم يكن لديه تقدير بأن الفصائل مستعدّة لمعركة بهذا الحجم وبهذا النوع من الصواريخ، حيث تمنع رقابة العدو الحديث مطلقاً عن نوعية الصواريخ وقدرتها التدميرية، ولا تُقدّم إحصائيات دقيقة حول ما تمّ إسقاطه أو ما سقط فعلياً. لكن للأزمة في إسرائيل وجه آخر، يتعلق بأنها لا ترى أنها قادرة على تحمُّل المعادلة الجديدة. وهي، من جهة ثانية، تعيش حملة مزايدات بين قيادتها المتنافسة على الحكومة، فيما تواجه للمرّة الأولى منذ سنوات وضعاً مختلفاً في الوسط العربي، إذ يحصل أن تجرّأ فلسطينيّو الداخل على القيام بأنشطة تجاوزت التضامن اللفظي إلى عمليات حرق لعدد كبير من السيارات، وقطع الطرقات، وتحدّي أوامر قيادة الجبهة الداخلية.
التطورات توحي بأن تثبيت المقاومة للمعادلة الجديدة يستلزم مواجهة قاسية. ربّما تكون الأثمان كبيرة، لكن الأكيد أن المزاج الفلسطييني انتقل من مكان إلى آخر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى