لودريان في بيروت..هل تُدخل باريس العقوبات حيّز التنفيذ؟
-ديانا غسطين-سفير الشمال
في وقت يسيطر فيه الجمود على ملف تشكيل الحكومة داخلياً، جاء الاعلان عن زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان يومَي 5 و6 ايار الجاري ليحرّك المياه الراكدة سياسياً، وسط الحديث عن لائحة اسماء مشمولة بالعقوبات اعدّتها الجهات الفرنسية. فماذا في تفاصيل هذه الزيارة؟..
في السياق، يشير الخبير في الشؤون الفرنسية تمام نور الدين في حديث الى “سفير الشمال”، الى ان “لزيارة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان سببين، الاول يتمثل بالتقدم الحاصل في المفاوضات الاميركية – الايرانية والسعودية – الايرانية، الامر الذي يعطي الاوكسيجين للمبادرة الفرنسية، فالفرنسيون كانوا بانتظار تقدم ما في هذا الاطار من اجل اعادة تفعيل مبادرتهم.
“اما السبب الثاني فهو اعلان الفرنسيين عن عقوبات ستطال السياسيين اللبنانيين الذين تعتبرهم فرنسا معرقلين لمبادرتها”.
ويتابع: “في الوقت الراهن لا يزال التكتم حول الاسماء سيد الموقف، اذ لا يريدون الاعلان عنها قبل زيارة لودريان الى بيروت لأنه لن يتمكن عندها من لقاء المشمولين بهذه العقوبات. وعليه بات المشهد كمن وضع المسدس على الطاولة وينتظر ما اذا كانت مواقف المسؤولين اللبنانيين ستشهد بعضاً من الليونة ام لا. وفي حال لم ير اية ليونة في المواقف يعود الى فرنسا للاعلان عن الاسماء او قد يبدأ من بيروت. وبالتالي يجب الانتظار لسماع اللهجة التي سيتكلم بها وزير الخارجية الفرنسي والتي ستكون قاسية في حال لم يكن هناك اي تغيير في المواقف”. وبحسب نور الدين، فإن “اهمية لودريان تكمن في تمثيله الدولة العميقة في فرنسا وهو اهم من الرئيس ايمانويل ماكرون في السياسة الخارجية وبالتالي الغلط معه ممنوع. وبتعبير آخر بيكونوا غلطانين المسؤولين اللبنانيين اذا بيجربوا يعملوا ثعالب لانو بياخدن عالبحر وبيجيبن عطشانين”.
الى ذلك، يرى نور الدين انه “بالنسبة للفرنسيين الجمبع يُعرقل، كل طرف على طريقته. سواء عبر نسف مبدأ المداورة في الحقائب الوزارية، او من خلال تطعيم الحكومة بسياسيين، او عبر طرح حقوق المسيحيين. يعني من سعد الحريري الى رئيس الجمهورية الكل يعتبر معرقلاً بمكان ما للمبادرة الفرنسية”. ويلفت الى ان “الفرنسيين يعتبرون ان الشخص الوحيد الذي لم بعرقل هو الوزير السابق وليد جنبلاط، فهو اكثر من سهّل والتزم بالمبادرة الفرنسية لدرجة انه تنازل عن الوزير الدرزي. فجنبلاط يغير تحالفاته من اجل حماية طائفته. انا لا اقول انه غير مشارك في المحاصصة ولكن الاخرين يوصلون طوائفهم واحزابهم للهلاك من اجل المحاصصة والسمسرات بعكس جنبلاط”.
ويتابع: “الفرنسيون يريدون التوافق في موضوع الحكومة. والاكيد ان لائحة الاسماء التي ستشملها العقوبات موجودة لديهم بعكس ما يروج له بعض الاعلاميين، والسفارات الاوروبية المطلعة عليها”.
ويغمز نور الدين من قناة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل قائلاً: “باسيل اخطأ كثيرا باستقبال وزير الخارجية الهنغاري بيتر سيارتو المنبوذ في اوروبا والذي هُدِّد اكثر من مرة بوضع عقوبات عليه وطرده من الاتحاد الاوروبي لأنه ينتمي الى حزب يميني متطرف. وفي اوروبا يُعتبر التحالف مع يمين متطرف خروج عن القيم الاوروبية ونوع من العيب”.
وحول ما اذا كنا سنشهد حلحلة في الملف الحكومي او ولادة قريبة للحكومة فيرى نور الدين ان “لا احد يمكنه ان يعطي جواباً عن هذا السؤال. الاكيد ان الامور تتحلحل بالموضوع الايراني – السعودي ولكن لا ادري ما اذا كان سينعكس هذا الامر ايجابا على موضوع ولادة الحكومة”. ويختم قائلاً “حتى لودريان نفسه لا يملك جواباً على هذا الموضوع والا لما كان زار بيروت”.
يقول المثل “آخر الدواء الكيّ” فهل يكون التلويح بالعقوبات الفرنسية هو الحل لاستفاقة اهل السلطة من غيبوبتهم وتشكيل حكومة تنهض بالبلد من عثراته ام انهم مطمئنون بأن لا جديّة للعقوبات الاوروبية وبالتالي لا يُعوّل عليها لتشكّل رادعاً حقيقياً لهم؟ سؤال عسى ان تكون الايام المقبلة كفيلة بالاجابة عنه.