العين بالعين… وفي “العمق الإسرائيلي”
كتبت فاطمة شكر
التبدلات الإستراتيجية خلطت وبدلت مفاهيم مختلفة من الصراع “العربي – الإسرائيلي” في منطقة الشرق الأوسط لاسيما المتعلق بألوان مختلفة ومميزة عن الحروب الكلاسيكية. فما سمي بالصواريخ الدقيقة وغيرها والتي أفشلت العديد من المنظومات الدفاعية الباهظة الثمن بفاعلياتها خلال حرب المسطحات المائية في أعالي البحار أو الإستخدامات الأرضية لها غيرت بالمعادلات الاعتيادية الجيوسياسية، فغرف قيادات أركان الجيوش بدلت خرائطها المعتادة لتعتمد خطوط الطول والعرض في حرب الصواريخ المتنوعة والتي فرضت معادلات أرغمت البعض على تغيير النمط داخل المنظومة الجيوسياسية والتي أجبرتها على التبدلات في موازين القوى والعمل على فرض سياسات الربح والخسارة بين الدول.
هذه التغيرات الجيوسياسية انسحبت على القيادات السياسية للدول وأجبرتها على التلاقي ضمن المصالح المشتركة على وقع توازن القوى التي فرضتها حرب المنصات الدقيقة، في هذا السياق أشار مصدر مطلع لـ “الديار” الى أن “المواجهة اليوم بالنسبة لـ “الإسرائيلي” باتت مكلفة عسكريا وغير مضمونه ما جعله يعتمد إستراتيجية جديدة إسمها الضربات الجزئية أو المعركة ضمن الحدود، وقد بدأ اعتماد هذا النموذج منذ أربع سنوات، وبدأ تطبيقها في سوريا عندما شعر العدو الإسرائيلي أن هناك تحسينات للبنية التحتية الدفاعية خاصة بالجبهة الجنوبية أي محافظتي القنيطرة والجولان، وبقواعد الارتكاز في المنطقة الوسطى أي في محافظة حمص. وقد كرر هذه التجربة في العراق حيث عمل على استهداف الحشد الشعبي بالمناطق المتاخمة للحدود السورية بهدف منع الإتصال في ما بينها”.
وتابع المصدر نفسه أن “قيام العدو بأي عملية عسكرية ضد لبنان سيأتيها الرد سريعًا وحاسمًا. ثم إن حزب الله يعتبر لبنان هو المساحة اللوجستية التي لا يمكن له أن يظهر بمظهر من لا يستطيع الرد فيها، و هذا ما جعل الإسرائيلي يتجه نحو سوريا لتطوير هذه الإستراتيجية. فالدفاعات السورية غير سليمة بالشكل الكامل بعد الحرب المفروضة، خاصة أن مهام المسلحين الأولى في سوريا في أول معاركها التي دارت كانت تدمير الدفاعات هذه، و خاصة حساسات الإنذار المبكر”.
وأكد المصدر لـ “الديار” على أن “الصاروخ الذي أطلق من الأراضي السورية باتجاه “العمق الإسرائيلي” يحمل رسالة مفادها أن محور المقاومة يستطيع ضرب “الداخل الإسرائيلي” وتدمير العمق بفضل منظومة الصواريخ المعدلة”.
المعادلة تغيرت إذاً، الهجوم والرد صارا أكثر دقة، و بات واضحاً أن الرد على أي “تحركات عسكرية اسرائيلية” ستكلف العدو الكثير. نقاط الاهداف الحمر كثرت وتوسعت على الخارطة العسكرية للشرق الأوسط الذي يشهد تناغمًا على الصراع الذي بات مفتوحًا بنكهةٍ جديدة ومميزة مختلفةً عن السابق، والأولوية اليوم للمنظومة الصاروخية من پاليستية ودقيقة وغيرها، والتي أحبطت كل العمليات العسكرية بما فيها حرب الطيران.
فالرؤية بالمنظار الحربي اختلفت اليوم عن المشهد في الماضي وباتت أكثر واقعية و أسرع بكثير لتكون محطات لتقلبات ستشهدها الساحة الإقليمية والدولية.