ارشيف الموقع

الأساليب التي اتبعتها إسرائيل خلال جولات الحرب على غزة.. هل حققت أهدافها؟

كشفت دراسة إسرائيلية، أهداف “حملة الوعي”، التي حاولت إسرائيل تحقيقها خلال الحروب الثلاثة على قطاع غزة في الفترة 2008 -2014.

واستعرضت الدراسة التي نشرها معهد الأمن القومي الإسرائيلي، الأساليب والإجراءات المُتَّبعة خلال جولات القتال على القطاع.

وخلصت الدراسة، إلى أنه بعد مراجعة المواجهات الثلاث التي تم تحليلها تشير إلى أن إسرائيل حققت إنجازاً سياسياً في “الرصاص المصبوب” عام 2008 كان له أثر رادع طويل الأمد، بينما في “الجرف الصامد” عام 2014 كانت حماس في القمة من حيث الدعم الدولي.

وأشارت الدراسة، إلى أن أحد التفسيرات لذلك هو التغيير في الساحة الدولية والإقليمية – فقد انعكس “الربيع العربي” وتغيير الحكومة في الولايات المتحدة، بين الرئيس بوش والرئيس أوباما، في تبني نهج أكثر انتقادًا لإسرائيل بين الإدارة، مما يجعل من الصعب على إسرائيل إيصال رسالتها.

 “الرصاص المصبوب”

خلال عملية “الرصاص المصبوب” حرب 2008، كانت الحملات الإعلامية للجيش الإسرائيلي تهدف بشكل أساسي إلى التأثير على الشعب الفلسطيني وتصوره تجاه حركة حماس.

 

 كما حاول الجيش الإسرائيلي تعزيز الانطباع بأن حماس قد تعرضت للضرب المبرح، ولكن على عكس الحرب مع حزب الله (2006)، اختار الجيش الإسرائيلي عدم تركيز أنشطته النفسية على قيادة حماس، وفق الدراسة.

واستعرضت الدراسة، الأهداف الرئيسية لعملية “الرصاص المصبوب”، والتي من بينها أن إسرائيل كانت مهتمة بخلق “رادع عدواني” بين المنظمات المسلحة في قطاع غزة، سواء أثناء الهدنة لمنع التصعيد، أو لإطالة الوقت بين الجولات العنيفة، وإحداث تغيير في قواعد اللعبة، بحيث يمكن لأي استفزاز صغير نسبيًا من جانب حماس أن يرد بقوة هائلة، وبذلك تردعها عن تنفيذ أي عمل “إرهابي”.

أما الهدف الثاني، هو الضغط المستمر على حماس، الأمر الذي سيؤدي إلى تسوية طويلة الأمد، إلى جانب محاولة تحقيق ترتيب دولي من شأنه أن يحد من تكثيف قوة حماس.

إضعاف التأييد الشعبي لحماس

وأشارت الدراسة، إلى أن من بين الأهداف الرئيسية لمركز الوعي “ملات” إضعاف التأييد الشعبي لحركة حماس بين السكان في قطاع غزة، ومحاولة (دق الإسفين بين السكان وحماس).

كما أشارت، إلى أن “ملات” أعدت لهذه المهمة قبل إطلاق عملية “الرصاص المصبوب” على القطاع، حيث أعدت حملة بمساعدة مستشارين مدنيين، والتي تضمنت مقاطع فيديو ومنشورات، وطور قدرات الإنتاج لإنشاء محتوى جديد بسرعة أثناء المعركة.

 ومن بين الرسائل التي ركزت عليها حرب 2008، “هروب قادة حماس وترك المدنيين” وأن “حماس تستخدم المدنيين كدروع بشرية وأن حماس تسرق الدعم الإنساني”.

خلق دعم دولي

ووفق الدراسة، حاولت إسرائيل الحصول على دعم دولي لإسرائيل قبل بدء عملية “الرصاص المصبوب” على القطاع، من خلال مزيج من الوسائل الدبلوماسية والإعلامية، حيث كان التحدي الرئيسي الذي يواجه إسرائيل هو الوضع الإنساني في قطاع غزة بعد الأضرار غير المتناسبة التي لحقت بالجيش الإسرائيلي في العالم.

إحدى الحجج الإسرائيلية التي تلقاها الغرب – في نظر مسؤول رفيع في وزارة الخارجية – هي عرض استخدام حماس للمدنيين الفلسطينيين وتحويلهم إلى “درع بشري”.

قبل العملية، أعدت وزارة الخارجية مواد إعلامية ورسائل مقدما – رسائل منسقة بخصوص أهداف العملية ومواد تشرح الحاجة إلى استخدام قوة مكثفة ضد حماس.

 

بدأت وزارة الخارجية في تجنيد متحدثين بلغات أجنبية ومدونين لنشر رسائل مؤيدة لإسرائيل على مواقع ومدونات أجنبية.

 

 خلال العملية، قامت وزارة الخارجية بمراقبة الرسائل الإسرائيلية وطريقة استقبالها في المجتمعات الغربية، من أجل معايرة الرسائل وتكييفها مع الجماهير المختلفة، بالإضافة إلى ذلك، تم افتتاح فرع لوزارة الخارجية في مدينة سديروت، بالقرب من حدود قطاع غزة، حيث قام بجولات في المنطقة للدبلوماسيين ووسائل الإعلام الأجنبية.

“الإحباط لدى حماس”

 

سعت وحدة (ملات) إلى خلق نقاط الضعف وخلق شعور بالاختراق، وبث ذلك بين عناصر حماس، أي قدرة الجيش الإسرائيلي على العثور على عناصر حماس وإلحاق الأذى بهم أينما كانوا، وأنه ليس لديهم فرصة لمواجهة الوحدات الخاصة للجيش الإسرائيلي والتفوق التكنولوجي والعملياتي، وتم إرسال هذه الرسائل مباشرة إلى شبكة اتصالات حماس.

 

 طريقة أخرى كانت، الكشف عن أسماء نشطاء حماس الذين قُتلوا، والذين حاولت حماس إخفاءهم في كثير من الأحيان.

 

“عمود السحاب” و”الجرف الصامد”

بعد عملية الرصاص المصبوب، ساد الهدوء النسبي حوالي أربع سنوات في “إسرائيل” وقطاع غزة.

 

وبحسب الدراسة، خلال هذه السنوات تشكل نموذج جولات الردع في إسرائيل، ويرجع ذلك جزئيًا إلى صعوبة التوصل إلى حسم عسكري ضد حماس، لأنها تعمل ضمن سكان مدنيين بحيث لا يمكن التوصل إلى قرار حقيقي إلا باحتلال شامل لقطاع غزة، والسيطرة الكاملة على الإقليم.

 

ووفقًا لهذا النهج، فإن المواجهة مع غزة لم تنتهِ تمامًا، وبالتالي فإن إسرائيل محكوم عليها بمواصلة التصرف ضد حماس (وضد المنظمات الأخرى النشطة في قطاع غزة) في جولات القتال المتكررة.

 

الردع

على غرار “الرصاص المصبوب”، كان الهدف من الهجوم الأول في عملية “عمود السحاب” عام 2012 توجيه ضربة موجعة للخصم، ضربة من شأنها أن تضر بإرادته في القتال، والهدف المختار هو أحمد الجعبري، قائد الجناح العسكري لحركة حماس.

 في “الجرف الصامد” في الحرب على غزة عام 2014، كانت الأعمال المميتة التي كان هدفها الردع أكثر وضوحًا – قبل العملية وأثنائها، تم وضع “خريطة الألم” في القيادة الجنوبية. كان الغرض منها تحديد الأهداف الحركية التي من شأنها أن تثير تأثيرًا عقليًا أقوى، مثل تلك التي تتعلق بالمنازل الخاصة لقادة حماس.

 

الإضرار بالدعم الشعبي لحماس

 

بسبب التغييرات الحسية التي حدثت في “ملات”، وبالنظر إلى الشك في إمكانية إلحاق الضرر بالدعم الشعبي لحماس، لم يعد هناك جهة مسؤولة بشكل مباشر عن هدف إلحاق الضرر بالدعم الشعبي للمنظمة.

 

وقد تم تنفيذ بعض الإجراءات من قبل المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بالعربية والجيش الإسرائيلي، حيث خاطب المواطنين في غزة مباشرة، باللغة العربية، سواء في وسائل الإعلام التقليدية أو في وسائل الإعلام الجديدة.

 

على غرار “الرصاص المصبوب”، قادت وزارة الخارجية حملة دبلوماسية خلال العملية لتعزيز صورة إسرائيل مقارنة بحماس.

 

كانت رسائل الحملة: نزع الشرعية عن حماس من خلال التأكيد على أنها منظمة “إرهابية” تتعمد إلحاق الضرر بالمدنيين باستخدام الأسلحة المتطورة (صواريخ فجر 5) والأنفاق المحفورة أسفل الحدود بين غزة وإسرائيل.

 

ويضع الطرفان النزاع بينهما وما هو مطلوب لتسوية مختلفة – إذ تركز حماس على التأطير الإنساني، بينما يركز الجيش الإسرائيلي على التأطير الأمني، ويبدو أن التناقض الصارخ بين الإطارين يعطي الإطار الإنساني ميزة كبيرة في المناظرات السياسية والإعلامية حول العالم. وفقا للدراسة.

 

واستدركت “من الممكن أن يكون ذلك على وجه التحديد بسبب فشل إسرائيل في ترسيخ وعي النصر في أعقاب “الجرف الصامد” حرب 2014 وبالنظر إلى عدم جدوى رؤية الجانبين في “نموذج الجولات” هناك إحجام في كليهما عن جولة أخرى واسعة النطاق.

 

 وقد اختار كلاهما نهجًا بديلًا يسمح باستمرار الصراع أثناء تبادل الضربات الحركية، وكذلك “مسيرات العودة” – مظاهرات شعبية حاشدة بالقرب من السياج الحدودي بين قطاع غزة وإسرائيل، وكذلك إطلاق البالونات والطائرات الورقية المتفجرة والحارقة عبر الحدود، والتي كانت تهدف إلى نقل رسالة لإسرائيل وسكان المنطقة وقطاع غزة أن المشكلة لم تحل.

الجدير بالذكر، أن الدراسة تعرضت لعمليات الجيش الإسرائيلي على الوعي خلال الحروب على غزة منذ 2008 م وحتى 2014م، وتناولت المشكلات التنظيمية للهيئات العاملة في مجال الوعي واستهدافها لجماهير مختلفة، سواء الجمهور الفلسطيني بشكل عام والمقاومة الفلسطينية بشكل خاص، والجمهور العربي.

 

كما تطرقت إلى عمليات الوعي الهادفة إلى حصد التأييد الدولي وتبرير عمليات الجيش، لا سيما في عصر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى