أخبار عاجلة

خلفيّات جموح بايدن ضدّ روسيا والصين

وليد شرارة

سياسة التصعيد المعتمَدة من قِبَل إدارة جو بايدن، «الواقعيّة»، ضدّ روسيا والصين في الآن نفسه، تثير تساؤلات وانتقادات كثيرة في الولايات المتحدة. وحتى دونالد ترامب، الرئيس المتّهم من قِبَل غالبية وازنة من الأميركيين بتسريع تراجع المكانة الدولية لبلاده نتيجة لسياسته الخارجية، عبّر عن «صحوة» لافتة عندما نصح وريثه، خلال مقابلة أجراها مع «فوكس نيوز»، بعدم دفع روسيا إلى حضن الصين، مؤكداً أن التعاون المتعاظم بين هذين البلدين هو أسوأ السيناريوات بالنسبة إلى الولايات المتحدة. الموقف الأيديولوجي من الرئيس الروسي و»نظامه» لدى أقطاب إدارة بايدن من جهة، واقتناعهم، من جهة أخرى، بأن الصين تهديد استراتيجي داهم، وهو اقتناع زاده رسوخاً التقرير السنوي الأخير لأجهزة الاستخبارات الأميركية عن تقديراتها للتهديدات الخارجية والداخلية، لا يكفيان لتفسير خيار مواجهة بكين وموسكو معاً. في الواقع، فإن الاعتقاد السائد لدى تيّار عريض في داخل الإدارة الحالية وفي الدولة العميقة الأميركية، هو أن الشراكة الاستراتيجية بين البلدين المذكورين لم تعُد قابلة للفسخ عبر تقديم محفّزات لأحدهما لإبعاده عن الآخر، وأن اتّباع سياسة التوتير معهما هو السبيل الأنجع لحمْل حلفاء الولايات المتحدة التقليديين، الغربيين وغير الغربيين، على الاصطفاف خلفها طلباً للحماية، في سياق دولي يشهد عودة للاستقطاب الحادّ.

شراكة موسكو وبكين المتينة في مواجهة واشنطن
عند زيارته بكين في الـ 23 من آذار الماضي، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الصيني وانغ بي، أنه «لا يمكن إدارة شؤون العالم عن طريق الإنذارات والعقوبات وإجبار الدول الأخرى على التصرّف وفقاً لما ينتظرونه منهم»، في إشارة إلى السياسة التي تنتهجها الدول الغربية حيال روسيا والصين. وهو استشهد بمَثل روسي يقول: «لا يمكن الإجبار في الحب»، مضيفاً إن «الولايات المتحدة، للأسف، لم تتعلّم ذلك وتعمل عكسه… أنا مقتنع بأنّنا سنبذل قصارى جهدنا للحفاظ على العلاقات الروسية ــــ الصينية وحمايتها. لن نخضع لأيّ تهديدات من الدول غير الصديقة لبلدَينا، وسنحمي طرق التجارة والمبادلات، وهذا يجعلنا أقوى». وكان لافروف، وهو أحد أهمّ الذين ساهموا في صياغة السياسة الخارجية الروسية الراهنة، قد كرّر مراراً، وفي مختلف المناسبات، أن الرهان الغربي على إغراء روسيا بفسخ شراكتها مع الصين مقابل مكاسب اقتصادية وسياسية هو رهان عقيم. المواقف الصادرة من بكين تحرص، أيضاً، على إبراز قوة هذه الشراكة. ففي افتتاحية لصحيفة «غلوبال تايمز» التي تعكس وجهة نظر القيادة الصينية، رأت الصحيفة أن «العلاقات الثنائية الأكثر تأثيراً في أوراسيا هي تلك التي تجمع الصين وروسيا في إطار شراكة التنسيق الاستراتيجية الشاملة في عصر جديد. البلدان يدركان الوزن الكبير لعلاقاتهما، ومع الاستمرار في تطويرها، يأخذان بعين الاعتبار حساسيات ومخاوف دول الجوار الأخرى في المنطقة، ويؤكدان أن ما يجمعهما شراكة لا تحالف». هذا الإصرار على التمييز بين مفهومَي الشراكة والتحالف يَظهر مجدّداً في نهاية الافتتاحية: «إذا اعتَمدت الولايات المتحدة على تحالفاتها لحلّ المشكلات التي سبّبها منطق الهيمنة الذي عفا عليه الزمن، فسيكون هذا الأمر ضرباً من الجنون. في المقابل، فإن مُضيّ الصين وروسيا في بناء شراكة بدلاً من التحالف يُظهر ثقتهما وحسن نياتهما، وينسجم بشكل أكبر مع روح العصر».

عن sara

شاهد أيضاً

انه ( الكورنيت)

  ليس بجديد علينا اسم وكسم وفعل هذا الصاروخ المضاد للدروع الذي فتك بفخر الدبابات …