فضيحة المحروقات بالدولار المدعوم من “الأندوف” إلى “اليونيفيل”
منذ أشهر أوقفت وزيرة الدفاع في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر طلباً لتزويد “الأندوف” (قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك) في الجولان السوري بكمية من المحروقات، للتأكد من أن الكميات التي تذهب إليها ليست مدعومة، وطلبت من وزارة الطاقة التدقيق بهذا الأمر، فتبين مع الأخيرة أن شركة شماس تبيع هذه الكميات إلى “الأندوف” بـ”الفريش دولار” . كذلك فعلت وزارة الخارجية التي رفضت التوقيع على الموافقات للكميات المخصصة لإعادة التصدير عبر الأراضي اللبنانية.
قامت “الأندوف”باتصالات عدة مع وزارة الدفاع اللبنانية للسماح لها مجدداً باستيراد المحروقات من لبنان بالـfresh دولار، لكن عكر أحالت هذا الأمر مجدداً إلى وزارة الطاقة المختصة.
وقدرت الكميات التي أوقفتها وزارة الطاقة بمليوني دولار، فكيف بالكميات السابقة؟ كون التصدير لـ”الأندوف” من قبل شركة شماس كان يحصل قبل ذلك من دون حسيب أو رقيب.
إشارة إلى أن شركة شماس ليست الشركة الوحيدة التي كانت تقوم بهذا العمل، إنما هي الأكبر بين الشركات التي تتعامل مع المؤسسات الكبرى، من “الأندوف” و”اليونفيل” والسفارات والبواخر التي تعبر من لبنان وإليه.
وبعد أخذ ورد، استطاعت وزارة الطاقة أن تتوصل مع “شماس” إلى اتفاق يسمح بأن تسترد الوزارة كل ما تم دفعه بالدولار المدعوم، علماً أن غجر لم يكن على علم بهذا الاحتيال والهدر بالدولار الاحتياطي المركزي، لأن طلبات “الأندوف” لا تمر عبر الوزارة بحكم الاتفاق الموقع بينها وبين شماس، ويقضي الاتفاق بأن يستمر شراء الفيول من لبنان لأنه الأنظف، على أن تدفع الشركة المصدرة الثمن بالدولار إلى مصرف لبنان، وليس كما كانت تفعل في السابق، على سعر صرف ١٥٠٠ ليرة بنسبة ٩٠ في المئة.
وفي معلومات “لبنان الكبير” أن وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر استدعى شماس إلى الوزارة، وطلب منه أن يدفع فرق كل ما قام بتصديره إلى “الأندوف” عبر لبنان بالدولار المدعوم بحسب أوراق التصدير المثبتة من بداية الدعم إلى حين كشف الموضوع. وأصدر حينها غجر قراراً باستيراد المحروقات من منشآت لبنان ليستفيد المصرف من هذا الأمر بـ٩٠ في المئة والوزارة بـ ١٠ في المئة، بعدما كان شماس يستورد من الخارج ويصدّر مباشرة.
قصة “الأندوف” فتحت العين على “اليونيفيل” في جنوب لبنان، إذ تواصل غجر مع قائد قوات الطوارئ الدولية ديل كول للاستفسار، فتبين أن “اليونيفيل” كذلك تدفع بالدولار، فيما شماس يدفعها للمصرف بالليرة على أساس١٥٠٠ ليرة للدولار، ما يعني أنه يحقق ربحاً طائلاً.
لكن لوحظ أن هناك تعقيدات في الاتفاق المعقود، تجعل عملية التدقيق أمراً صعباً. والأكيد أن تهريباً كبيراً للدولار المدعوم يحصل في آلية تزويد “اليونيفيل” من شركة شماس لاستيراد الفيول، كذلك شركات أخرى مستوردة للفيول. والأمر نفسه يحصل مع السفارات والبواخر وكل المؤسسات الأجنبية الكبيرة التي تدفع بالـ”فريش دولار”، وهي الفضيحة الكبرى التي أهدرت ملايين الدولارات المدعومة التي ذهبت من الاحتياط ومن درب دعم المواد الأساسية للمواطن اللبناني.
قضية “الأندوف” جرت تسويتها، وهي كمية قليلة جداً مقارنة مع الكميات الكبيرة التي تستهلكها “اليونيفيل” لآلياتها الكثيرة من دبابات وطائرات وشاحنات، بالإضافة إلى السفارات والبواخر. فهل تتحرك النيابة العامة المالية للتحقيق في هذا الهدر، إن لم نقل “النصب” على الدولة اللبنانية؟ وسط تساؤلات عن مصير ملف تهريب المحروقات إلى سوريا.
وكان المكتب الإعلامي لوزيرة الدفاع قال في بيان أمس الجمعة إن “وزارة الدفاع لم توقّع على أي طلب لتزويد قوات “الأندوف” بالمحروقات، إلا بعد التأكد من المديرية العامة للنفط في وزارة الطاقة بأن كامل الكميات تؤخذ من منشآت النفط، ويتم الدفع بالدولار الأميركي Fresh Money وإيداعه في مصرف لبنان”.
أضاف البيان: “يهمنا التوضيح أيضاً، أن قرار وزارة الدفاع الوطني بعدم السماح بإدخال آليات تابعة لـ”الأندوف” لشراء المحروقات، جاء لضمان أن الدعم هو للبنانيين والمقيمين فقط”. وأشار إلى أنه ” تم الطلب من وزارة الطاقة والمياه التأكد من أن جميع كميات المحروقات المخصصة لإعادة التصدير تدفع بالدولارالأميركي، وقد ردت وزارة الطاقة على هذا الموضوع بأنه يتم وفق الأصول المعمول بها حالياً”.