الثورة أدركت نقاط ضعفها.. رصٌّ للصفوف استعدادا للانتخابات
سُجّلت في الايام الماضية حركة لافتة على ضفة “مجموعات ثورة 17 تشرين”، تبشّر بالخير بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”. لماذا؟ لانها هذه الدينامية تهدف الى البناء على مساحات ونقاط التلاقي بين هذه القوى، للتأسيس لدور أكبر وأفعل لها في المرحلة المقبلة. منذ اندلاع الثورة عام 2019، أُخذ عليها تشتّت الاطراف المشاركين فيها، وتبايُن العناوين التي يرفعون: بعضُها سيادي وبعضُها اقتصادي. جهاتٌ تصوّب على تحالف “المافيا” و”الميليشيا” في آن، وتعتبره اساس “البلاء” اللبناني، وأخرى، تستثني السلاح – اي سلاح حزب الله – لأن وظيفته هي “المقاومة”، وتركّز في شعاراتها على الممارسات الفاسدة التي غرقت فيها الاحزاب السياسية كلّها. فكانت هذه الخلافات، الخاصرة الرخوة التي استخدمها خصوم الثورة، ولعبوا عليها لبعثرة صفوفها، كما شكّلت نقطة ضعفها الكبرى، في عيون المجتمع الدولي، الذي كان لسان حاله “مَن يمثّل الثورة؟ وما مشروعها؟ حتى نتمكن من التشاور معه والتفاهم، بدلا من الجلوس مع الطبقة السياسية”؟
اليوم، بدا ان الثورة أدركت هذه الحقيقة وتصالحت معها، بعد ان هدأت فورة الشارع و”سكرته” وجاء وقتُ “الفَكرة”.. فباشرت العمل جديا، لتوحيد صفوفها وتأطير نفسها والشعارات، تتابع المصادر. فقد أطلقت مجموعات معارضة مبادرة لرص صفوفها شاركت فيها 16 جهة من أحزاب ومجموعات نشطت خصوصاً خلال الاحتجاجات غير المسبوقة التي شهدتها البلاد ضد الطبقة السياسية في العام 2019 وتوجهت تلك المجموعات، وبينها حزب الكتلة الوطنية ومجموعة “بيروت مدينتي” التي شاركت في الانتخابات البلدية في 2016، خلال مؤتمر صحافي بـ”نداء إلى مختلف قوى التغيير ومجموعات الثورة (…) لتوحيد الصفوف والعمل سوية على تشكيل أوسع جبهة سياسية معارضة تعمل على إنتاج ميزان قوى سياسي وشعبي لمواجهة المنظومة”. وأضافت أن من شأن تلك الجبهة الموحدة أن “تضع برنامجاً سياسياً يعبّر عن تطلعات اللبنانيات واللبنانيين”، كما وأن “تضع خطة مشتركة للتحضير لخوض الانتخابات النيابية بلوائح معارضة موحدة”.
في الموازاة، واثر 4 اشهر من الجهد الدؤوب، يضع الائتلافُ المدني اللبناني، الذي يضم “الجبهة المدنيّة الوطنية” ومنصّة “بيراميد”، اللمسات الاخيرة، على مشروع سياسي متكامل، يشكّل بحسب اوساطه “قاعدة مناسبة لمخاطبة الشعب اللبناني، ومجموعات الثورة، والقوى المجتمعيّة الحيّة، وأصدقاء وأشقاء لبنان، ويتضمن وثيقة سياسيّة، وبرنامجاً إنقاذيّاً، وخطة عمل مرحلية”. ويشدد المشروع على ان “تطبيق كل ذلك، مفتاحُه الدستور واتفاق الطائف، وصولاً لقيام الدّولة المدنيّة، وتحقيق السّيادة النّاَجزة، وتبنّي المواطنة الحاضنة للتنوّع، وانتِهاج خيار الحياد عن الصِّراعات الإقليميَّة والدّوليَّة مع احترام الشرعيتين العربيّة والدوليّة (…)”
قبل ذلك بأيام، تتابع المصادر، خلال تحرك شعبي الى قصر بعبدا، تم الاعلان عن مجموعة ثورية جديدة تحمل اسم “إئتلاف لبنان نحو الأفضل”. وتضم “المرصد الشعبي لمحاربة الفساد”، “بيروت مدينتي”، “عامية 17 تشرين”، “شباب 17 تشرين”، “ثورة لبنان”، “لبنان ينتفض”، “زغرتا الزاوية تنتفض”، “الكتلة الوطنية”، “الكتلة الثورية”، “عن حقك دافع” و”القمصان السود”.
الجدير ذكره، تضيف المصادر، ان هذا التنسيق يجري في شكل خاص، على صعيد القوى التي ترى ان الحل يحتاج اصلاحات اقتصادية، نعم، لكن سلاحًا واحدا وسلطة واحدة، ايضا. واذا ما اكمل هذا القطار طريقه، فإنه يمكن ان يحضّر لمشاركة قوية لهذه الاطراف في الانتخابات النيابية المقبلة، بما يُدخل نَفَسا جديدا الى البرلمان، ويجعلها قادرة على التفاوض من قرب، مع القوى الدولية، وإسماعها صوتها والمطالب وتصوّرها للبنان الجديد: دولة خالية من الفساد، حيادية، بجيش واحد، تختم المصادر.